بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 11 ديسمبر 2017

صباح بشير: الكتابة.. ابداع ينبض بالحياة

مع كل كتابة إبداع جديد هنالك ولادة جديدة تدفع بقدرات صاحبها نحو إنجاز ما لتخلق معه الخلود، فالكتابة تمنح الكاتب أن يتأمل الواقع بكل أحداثه وهمومه وتطلعاته ليعبر عن ذلك ببصمةٍ دامغة تتفجر من وجدانه وعواطفه وأفكاره، فيتعمق فيها القارئ متأملا ذاته وروح الكاتب تلك التي حضرت المكان عبر كتاباته.

الكتابة تبوح وتسرد كل ما يثور ويدور في عقل صاحبها لذا فهي تعبر عن ذات الكاتب الإنسانية ومشاعره وأحاسيسه، وكم من كتّاب ناضلوا بالكلمة الحرة ليساهموا بذلك نحو التغيير الأفضل، هذا هو دور الإبداع في تنمية شخصية الإنسان والنهوض به، فهو وسيلة للتعبير عن مكنونات النفس البشرية التي نحتاجها بين الحين والآخر عبر التدوين والكتابة، وهي الطريقة الأكثر فاعلية يتبعها من يَصدُق المساهمة في إحداث التغيير والإصلاح في المجتمع، وذلك من خلال طرح الأفكار وإيصالها للناس، خاصّةً إن تمتّع الكاتب بأسلوب وقلم شيقين.

قرأت ذات مرة هذه المقولة: إن أضعف حبر يكتب به القلم لهو أقوى من أي ذاكرة إنسانية! هنا صارت الفكرة تنبثق من وجداني وترتقِ بي إلى عالم له خفاياه ومزاياه، فبت أصبو لأصعد أدراج الحياة متكئة على حروفي التي لا تزال تهطل من حين لآخر كنسمة منعشة فيخضر قلبي بالأمل، من هنا أدركت سبيلاً لمقاومة انطواء العمر! فلربما يحتفظ الكاتب بالزمن عبر ما يخطه بشهادته على عصره وما ينبض به من فكر وشعور ، فإن كان ما يُدَونه أصيل فسيبقى ليعيش ويخلِّد معه روح اللحظة التي لن تتوارى أبدا بعد كتابتها، ولن تُطوى بفعل الزمن الذي عادة ما تجتهد في استباقه كل الأشياء والموجودات، فحين تُخَلَّد الفكرة بعد الكتابة عنها والتي نعايشها كموجوداتٍ بشرية، فإنها تقيم وتبقى لتعيش معنا عبر لحظاتنا الزمنية .

هكذا أدركت معنى البقاء، وفهمت بذلك معنى صمود الإبداع في مواجهة العبور الزمني الخاطف نحو العدم، فهنالك أحداث تمر مشكِّلة عمقاً في الذاكرة إلى الأبد مهما ضعفت بهيئتها وإيماءاتها، وأحداث أخرى تهرب من ذاكرتنا فلا يتبقى منها أي رسم أو صوت أو صورة، وفي النهاية قد تبدو المواقف وحدها هي التي تغزو الذاكرة، وما نحن إلا حصيلة المعايشة الحقيقية للواقع بما يستنبته في تربته تاركاً أثره العميق فينا. فحينما تتكاتف على الإنسان الظروف أو المواقف ويشعر بثقلها يجد نفسه منخرطاً قسراً في الألم، فيضجر من كل تلك الضوضاء ويقرر النأي بذاته عن حالة الكآبة التي وقع في فخها! في مثل هذه الأوقات يحتاج الإنسان الى التواصل ليستعيد معه الحياة، من هنا كانت الكتابة هي إحدى وأهم طرق التواصل التي تساعد الانسان في العودة إلى ذاته مُتَوجِّها إلى الحياة مستمتعاً بمباهجها، فمن خلال ما يبوح به الكاتب عبر سطوره معبراً عن تجاربه الحياتية وأفكاره وآرائه، استنتاجاته وخبراته وأقواله، يضيف بذلك تجربته الكتابية والإبداعية إلى المسيرة الإنسانية في محاولة لتقريب المسافات فيما بينه وبين القارئ .

وعن نفسي فأنا لا أجزم بأني كاتبة، لكنني أحب الكتابة حقاً فهي تعبر عني وتشعرني بارتباطي الإنساني مع الحياة، قد تكون تجربتي عبر الكتابة حتى الآن قصيرة، إلا أنها تُكتَب بتلك الروح الثورية التواقة إلى الحياة التي لا زال فيها ما يدهشني، ولا زال قلبي يتدفق مكتظا بجمالها رغم وحشة الواقع ، قد أتعثر في الكلام فأصمت، لذا عادةً ما أحاول التواصل مع الآخرين عبر ما أبوح به من الحروف التي تفتح بابي أليهم فتطرح رؤيتي ووجهات نظري بكل بساطة. هكذا أمضي متطلعة إلى الحياة فأنشغل بها وتنشغل بي لأجد نفسي دائما تلميذة مجتهدة محاولة ابتكار حلولاً عديدة لكثيرٍ من المسائل، وما أن أُصيب حتى يبتهج قلبي بالفرح، فأتوارى خلف الحروف كطفلة صغيرة تقودها امرأة مزهُوّةً بالثقة، فلا ألبث أن أهدأ حتى أعود للانشغال مجددا لاهثة خلف مسألة عالقة جديدة تتطلب مني حلولاً لم أتعرف إليها بعد، فأهرع إلى الكتابة التي دائماً ما تبدد وحشتي وتوَّثِق علاقتي بواقعي والمكان ، وتجمعني بمحيطي وتنادي على مفرداتي بما فيها من أفكار وأماكن وشعور، فأتظلل بظلها وأطل بها على زمنِ ومكان آخر ، لذا سأظل أكتب ما حييت متكئةً على حروفي حتى يكتمل المشهد ويتوارى المساء على شرفات الياسمين……


صحيفة رأي اليوم 

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

محاولة لإيجاد بقعة من نور / صباح بشير

في محاولة لممارسة النقد، على مركبات الواقع الاجتماعي برؤيته الحالية، وذلك لبلورة رؤية جديدة قد تساهم في تحريك واقعنا الذي يمر في مرحلة بائسة تتوغل بالتناقضات في شتى مناحي الحياة ، بالإضافة إلى ردود الفعل السياسية والفكرية والظلامية الدينية، وغياب الحياة الديمقراطية والهجوم الدائم على التفكير ومنع الحريات بكل الطرق المتاحة، وانحسار التيارات العقلانية وغياب التفكير المنطقي. من هنا تظل فكرة الإصلاح الاجتماعي والفكري هدفا حقيقيا لازما لإعادة صياغة الذات بعواملها المعرفية اللازمة لبناء التغيير الإيجابي المطلوب، ذلك الذي يحمل بين طياته بذور التحول القادم لخطوات حقيقية نحو الأفضل، وتهيئة الاجواء العامة لتكون مستعدة لقبول إعادة بناء العقليات الفردية والجمعية وتشييدها، ذلك لأجل النهوض وتحرير الإنسان من القيود التقليدية التي عادة ما تقف حائلا كعثرة فكرية مقاومة للتغيير  فيما بينه وبين الوصول لرؤية إنسانية عصرية شاملة، إذ كلما اشتدت التحديات تشتد الضرورة للتغيير ، فالجمود والركود يُقعد عن الحركة والنمو، كما يعيق صحة الاستجابة للتحديات المعاصرة.

نراقب العالم اليوم، فنراه يسير متسارعاً نحو التقدم، أما نحن فنراوح المكان في حالة من الوهن والتراجع، ننفض الغبار عن أنفسنا، ذلك المتراكم عبر الزمن،  فمجتمعاتنا بكل أسف، تعبر عن حالات عقيمة كحصيلة طبيعية لما مرت به من أحداث وأهوال، حيث تكدست لديها التناقضات وافتقدت لكل عوامل الانسجام. وها نحن نشاهد الطيب الوديع يُقابل بمنتهى القساوة، أقوى علاقات المحبة والاحترام تُقابل بالسلوكيات العدائية والدعوة إلى الكراهية وزرع الاحقاد! أما أجمل التعابير والعواطف الصادقة فيقابلها ألفاظ قبيحة في المعاني والتعابير والجحود، وحين نجد شخصاً يتفانى في عمله محباً له فإنه يُصدم بالمقابل مما يواجه من فقدان الإحساس والاستهتار والتنصل من المسؤولية و جُلّ القيم !

هنالك الكثير مما يدعونا للتأمل والتفكير، فكيف لنا إذاً من تجدد الروح والانبعاث الفكري والاخلاقي لمواكبة التقدم، وسد كل النواقص والفجوات؟  كيف يكون لنا ذلك ومجتمعاتنا تواجِه بالرفض أي فكرة جديدة تخالف الموروث والمعروف ، المعتاد والمألوف؟

نحن ومع الأسف لا زلنا نتشبث بكل الافكار التي ألفناها والسلوكيات الاجتماعية  التي تعودنا عليها دون أي تفحص أو تفكير، ودون النظر إلى مدى صحتها وصلاحيتها !  ودعونا لا ننسى داء التعصب للرأي، حيث لا يتم الاعتراف بآراء الاخرين ووجهة نظرهم مهما كانت منطقية، من هنا يكون الجمود الذي لا يسمح لنا بأي توسع في الرؤية، هكذا حتى أُغلق باب الحوار والتفاعل مع الثقافات الأخرى .

من هنا فإنه وجب النداء إلى التغيير المساهم في تعديل المعتقدات البائسة السائدة، وذلك لاستبدالها بما يتناسب مع العصر وتحدياته الراهنة من خلال أطر فكرية وقيم حضارية تنبه وعينا إلى مَقَابِح الواقع، وتحفزه للمضي قدما نحو الامام في محاولة لتفكيك التناقضات ووأد التخلف. لقد أصبح التغيير مُتطلباً ضروريا للبقاء ، نكون أو لا نكون ، فالتغيير الفكري ليس مجرد مرحلة من مراحل انتقال المجتمعات ونموها ، بل هو العنصر الديناميكي الضروري لخلق واقع إيجابي متحرك ، للوصول إلى التواصل الحضاري الإنساني البنّاء الذي يربط البشر ببعضهم البعض، كما أنه يعيد  خَلَد البناء مع كل عملية تَجدُد لتُبعث فينا روح الحياة.

- نشر في صحيفة رأي اليوم بتاريخ - 

صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد

  ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاح...