كم أعشق ورود وأزهار حديقتنا ، تلك التي تعيد إلي الحياة كلما أبصرتها فأراها تعيش صامدة ، حيث تمضي الرياح دون أن تهزها .. متجددة نضرة متألقة ، تطل متمايلة وكأنها تتراقص على نوافذ المنزل وجدرانه بكل رفق .. لا تلبث أن تذبل حتى تزهر متفتحة من جديد .. فنتعلم منها حب الحياة حين نراها مبتهجة بجمالها تناضل لتعيش سُوَيعاتٍ أخرى مشرقة لأجل فرح آخر ، وكأنها تسخر مبتسمة من إحباطات هذا الكوْن الذي يعج بالنفاق ....
أزهار حديقتنا جميلة طبيعية غير متصنعة ، لا تتأثر بما يحيطنا من أحداث اجتماعية وسياسية أو معارك حياتية ، فهي لا تعترف الا بواقعها البسيط ، تربتها .. الماء والهواء ، هي لا تهتم بالمدن ولا يعنيها التاريخ ، تعيش فقط لتزهر ، فتُنضِج جمالا ينير واقعنا والخيال ، والحمد لله انها لا تتأثر بالإتفاقيات والمفاوضات والمباحثات ، ولا تعترف بالسياسة الخارجية أو الداخلية ولا يعنيها الزعماء أو الوجهاء .
جميله هي تبهج الناظر اليها فقط ، وفيّة لقلب غارسها حيث تُنبت له الفرح من خلف جدرانه ، فتولد معها أحلامه الملونة ليراها تنثر الأمل من حوله في كل مكان ، وكلما حوصر غارسها بمجريات الحياة وضاقت عليه أنفاسه .. يتأمل ذلك الجمال ويستنشق عطرها فتستعيد روحه ما ذبل منها من حِس وشعور .. وتنتعش نسماته في عالم أخضر ساحر مطرز بالألوان والفرح ..
جميلة هي حتى في رحيلها ! حيث تغادر منتفضة كفارسة في أرض المعركة.. ترحل واقفة رغم ذبولها فلا تمنح الحاسدين فرحة هلاكها ، وفي ساعات اليوم التالي حين تشرق الشمس تتفتح أزهار جديدة فتمنحنا الحياة والأمل والجمال من جديد .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق