بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 أكتوبر 2016

حوار مع الأديب الفلسطيني محمود شقير / صباح بشير


الأديب القلسطيني المبدع , الأستاذ محمود شقير , مناره أدبيه ثقافيه هامه أضاءت سماء القدس فكان بحق عميدا لكتابها , مسيرته حافلة بالعطاء والإنجاز , توجها بجائزة هامه وقيمه هي جائزة الراحل محمود درويش , أبدع أدبا انسانيا فكان علما من أعلام الإبداع والتميز , وكانت القدس دائما حاضره عبر انتاجه الأدبي والفكري , أستاذنا الكبير , بإسم صفحة مبدعون فلسطينيون أرحب بك فأهلا وسهلا ...

- كيف يقدم الكاتب محمود شقير نفسه الى القراء ؟ 
* أنا كاتب قصة أساسًا. أحب أن يعرفني القراء بصفة كوني كاتباً للقصة القصيرة. بعد ذلك، تأتي أنشطة كتابية أخرى متوازية مع كتابتي للقصة أو على هامش كتابتي لها.
وقبل ذلك وبعده، أنا إنسان عادي، أعيش حياتي ببساطة مثل أي مواطن فلسطيني تحت الاحتلال، له تطلعات مشروعة نحو التحرر والانعتاق، والعيش في ظل دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، مدنية ديمقراطية، تحترم التعددية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

- كيف كانت بداية الكاتب محمود شقير الأدبيه ؟ 

*ابتدأت هاويًا للكتابة حينما كنت طالبًا في المدرسة الثانوية. وقد جرّبت كتابة المقالة السياسية والخاطرة الأدبية والقصة القصيرة. لكن محاولاتي هذه لم تكن في المستوى الذي يؤهلها لأن تنشر في واحدة من الصحف المحلية المقدسية التي كنت أرسلها لها آنذاك. 
غير أن هذه المحاولات لم تذهب عبثًا، فقد أسهمت في تحسين لغتي الأدبية وفي تطوير قدراتي لكتابة قصة جيدة. وكانت نقطة التحوّل التي أسست فعلاً لبدء مسيرتي الأدبية تتمثل في ظهور مجلة "الأفق الجديد" المقدسية التي كان الشاعر المرحوم أمين شنار رئيس تحريرها. هذه المجلة حفزتني على الكتابة، وبقيت أشهرًا طويلة أحاول كتابة القصص لكي أنال شرف نشر أول قصة قصيرة لي على صفحاتها في العام 1962 . كان للأفق الجديد ولرئيس تحريرها فضل علي. وكان للناقد التقدمي المرحوم محمد البطراوي فضل عليّ كذلك. فقد التقط هذا الناقد المثقف ما في قصصي من سرد واقعي منحاز إلى جماهير الفقراء، و راح يلفت انتباهي إلى ذلك ويساعدني على استيعاب أسس الكتابة الواقعية في منحاها النقدي وفي منحاها التقدمي الجديد. وهكذا كان كتابي الأول "خبز الآخرين" نتاجًا مؤكدًا لتلك المرحلة. 


- خمسون عاما من الكتابه , هل تحدثنا بإيجازعن أهم وأبرز الانجازات خلال مسيرتك الأدبيه ؟ 

*لعلّ أول انجاز تمثل في كوني أحد الفائزين في المسابقة التي نظمتها "الأفق الجديد" للقصة القصيرة، فقد فازت قصتي "متى يعود اسماعيل" بإحدى جوائز هذه المسابقة في العام 1963. وكان هذا بالنسبة لي مؤشرًا على أنني كاتب قصة قادر على المنافسة، ما حفّزني على مواصلة الكتابة. وجاءت المفاجأة الثانية التي تمثلت في فوز قصتي "خبز الآخرين" بجائزة وزارة الإعلام الأردنية في العام 1966 ، وتلا ذلك مباشرة تحويل هذه القصة إلى تمثيلية جرى بثها من إذاعة "صوت العرب" المصرية التي كان يتابعها ملايين المستمعين العرب في تلك الأيام.
وكان لاشتغالي مدّة سنتين في صحيفة "الجهاد" المقدسية صدى طيب بالنسبة لي ولغيري من الكتاب الشباب الذين ظهروا بشكل لافت في تلك الفترة. اشتغلت محررًا للزوايا الأدبية في الصحيفة التي تحولت إلى صحيفة "القدس" بعد ذلك وما زالت تصدر في القدس حتى الآن، وأسهمت في نشر مقالات وقصص وخواطر أدبية لعدد غير قليل من الكاتبات والكتاب الشباب. تلك فترة من نشاطي الثقافي أعتزّ بها وأذكرها وأتذكّرها بما يليق بها من اهتمام.
بعد ذلك، وبالتحديد بعد العام 1975 حينما أقمت في بيروت وفي عمان وفي براغ، على إثر إبعادي من الأرض المحتلة على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تنوّعت أنشطتي الأدبية والثقافية. عملت محررًا لشؤون الأرض المحتلة في مجلة "فلسطين الثورة" التي كانت تصدر في بيروت. وعلاوة على ذلك، نشرت قصصًا ومقالات في المجلة المذكورة. وعملت محررًا لشؤون الأرض المحتلة في صحيفة "الرأي" الأردنية التي كانت تصدر في عمان. ونشرت قصصًا ومقالات أدبية وسياسية في الصحيفة المذكورة. ونشرت العديد من القصص والمقالات في مجلات فلسطينية وعربية من بينها: الكرمل، شؤون فلسطينية، أفكار، الأقلام، الثقافة العربية، الآداب، أدب ونقد. 
ومنذ أواسط السبعينيات من القرن العشرين انتبهت إلى ضرورة الكتابة للأطفال. نشرت عددًا غير قليل من القصص في مجلات عربية مخصصة للأطفال من بينها: أسامة، ماجد، وسامر. وأصدرت عددًا من المجموعات القصصية والروايات للأطفال وللفتيات والفتيان. 
واتجهت إلى كتابة المسلسلات التلفزيونية. أول مسلسل كتبته هو "عبد الرحمن الكواكبي" الذي أخرجه للتلفزيون المخرج المتميز صلاح أبو هنود. وحينما عدت إلى الوطن بعد إبعاد قسري دام ثماني عشرة سنة، كتبت عددًا من النصوص المسرحية التي تم تمثيلها على خشبة المسرح في القدس ورام الله ونابلس وأريحا وبيت لحم. وكان أولها مسرحية "ديمقراطي بالعافية" التي أخرجها الفنان وليد عبد السلام. وقام ببطولتها الفنانان الكبيران زهير النوباني وحسام أبوعيشة وعدد آخر من الممثلين والممثلات.
وبعد عودتي إلى الوطن، كتبت كتابًا عن القدس هو "ظل آخر للمدينة" وأتبعته بثلاثة كتب أخرى عن القدس هي: "القدس وحدها هناك" ، "قالت لنا القدس"، و "مدينة الخسارات والرغبة". وكتبت مجموعتين من القصص الساخرة هما "صورة شاكيرا، و "ابنة خالتي كوندوليزا".
وقامت دار آكت سود في فرنسا بترجمة كتابي "ابنة خالتي كوندوليزا" إلى الفرنسية. كما قامت دار سايروس بترجمة كتابي "الحطّاب" الذي أعددته عن حكاية شعبية فلسطينية إلى الفرنسية. وقامت دار بانيبال في لندن بترجمة كتابي "شاربا مردخاي وقطط زوجته" إلى الانكليزية.
منحتني رابطة الكتاب الأردنيين جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصة القصيرة في العام 1991 . ومنحتني مؤسسة محمود درويش جائزة محمود درويش للحرية والإبداع في العام 2011 . وكرمتني جامعات ومؤسسات ثقافية وهيئات وطنية كان آخرها: المؤتمر الوطني الشعبي المقدسي بتاريخ 18 / 4 / 2011 مع زميلين آخرين هما علي الخليلي وسلمان ناطور.

- التقيت بالراحل المبدع محمود درويش , فهل من مواقف مميزه في الذاكره عن هذه العلاقه ؟
* اتسمت علاقتي بالراحل المبدع الكبير محمود درويش بأنها علاقة عمل في الأساس. فقد انتخب محمود درويش رئيسًا للاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين في العام 1987 وانتخبت أنا آنذاك عضوًا في الأمانة العامة للاتحاد. وعملنا معًا في الاتحاد مدة طويلة. وحينما قررت وزارة الثقافة الفلسطينية تشكيل لجنة لمنح جوائز فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية في العام 1996 فقد تم انتخاب محمود درويش رئيسًا للجنة الجوائز، وانتخبت أنا أمين سر اللجنة ومنسقاً عاماً لها. واستمر ذلك لأربع سنوات. ثم عملنا معًا في لجنة "مسارات" التي أشرفت على المهرجان الثقافي الفلسطيني في بلجيكا في العام 2008 . كان محمود درويش رئيسًا فخريًّا للجنة وكنت أنا عضوًا فيها. وقد مات محمود قبل شهرين من افتتاح المهرجان الذي كان من المقرر أن تكون له أمسية شعرية يجري من خلالها افتتاح أنشطة المهرجان. وقد أبقينا الأمسية في موعدها المقرر، وقام الكاتب العربي السوري فاروق مردم بك، وهو من أصدقاء محمود درويش، بقراءة قصائد محمود بالعربية، فيما قام ممثل فرنسي شهير بقراءة القصائد باللغة الفرنسية أمام جمهور كبير من البلجيك والعرب.
كان محمود درويش إنسانًا مهذبًا ودودًا، حاضر البديهة باستمرار، ولديه قدرة على السخرية في كل الأوقات. وسخرياته تنمّ عن ذكاء حاد وعن ثقافة واسعة واطلاع جيد على تفاصيل الحياة، وتنمّ كذلك عن حب للحياة وللناس.
وكان محمود درويش يحتفي بالإبداع الجيد، ويثني على النتاجات الأدبية الجيدة التي يقرأها لكتاب آخرين، وكان يثني كذلك على ما يتمتع به بعض أصدقائه من سعة اطلاع. وكان لديه حرص أكيد على الوقت، لأنه كان قارئًا نهمًا ومثقفًا كبيرًا علاوة على كونه من أعظم شعراء عصرنا.


- بإيجاز , حدثنا عن جائزة محمود درويش التي حصلت عليها مؤخرا ؟ 
*أنا فخور بهذه الجائزة التي أعتبرها من أكبر الجوائز لأنها تحمل اسم شاعر عظيم هو محمود درويش. وأنا فخور بالجائزة لأنني أول فلسطيني يحظى بها. وأعتقد أن هذه الجائزة سوف تحفزني على مواصلة مشروعي الثقافي بمستويات أعلى وأكثر تميزًا وجدارة أدبية.


- هل تعتقد بأن المبدعين الفلسطينيين أمثالك قد نالوا حقهم بتسليط الضوء على إنتاجاتهم والإهتمام بهم كثروه ثقافيه وأدبيه هامه ؟ 

*أعتقد أن الاهتمام بالمبدعين سواء أكانوا كتابًا أم فنانين في بلادنا ما زال دون المستوى المطلوب بكثير. ربما كان لابتلائنا بهذا الاحتلال الإسرائيلي البغيض علاقة بذلك، حيث أننا ما زلنا لم نستكمل تحررنا الوطني بعد من قبضة الاحتلال. غير أن ذلك لا يلخص الوضع كله. بل إن استمرار هذا الاحتلال لأرضنا من شأنه أن يحفزنا على الاهتمام بكل عناصر المواجهة التي نملكها. والثقافة في اعتقادي هي من العناصر المهمة في هذه المواجهة، حيث من خلالها يمكننا أن نطوّر هويّتنا الوطنية ونعزّز صمودنا فوق أرضنا ونعمّق ارتباطنا المصيري بهذه الأرض. من هنا، يتعين على السلطة الفلسطينية وكل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المعنية بالثقافة أن تولي اهتمامًا أكبر بالثقافة والمثقفين وبالفن والفنانين، لكي تكون محصلة ذلك كله نهضة ثقافية دالة على شعب متحضّر مستعدّ لمواجهة الاحتلال حتى إحراز الحرية والعودة وتقرير المصير والاستقلال.


- ما هي أهمية الدور الذي يقع على عاتق المثقف في واقعنا الفلسطيني ؟

*على المثقف أن يكون صادقًا مع نفسه ومع الناس. عليه أن يكون ضمير شعبه من غير زيادة أو نقصان. وعليه أن "يفكّر بغيره" قبل أن يفكر بنفسه. فما دام اختار لنفسه أن يكون مثقّفًا، فإن تبعات هذه المهمة الإنسانية تحتّم عليه الانشغال بالشأن العام وما يصطرع فيه من هموم وقضايا ومتطلبات. قد تتفاوت مواقف المثقفين في ما بينهم. والمهم ألا يقف المثقّف في صفّ قوى القمع وتكميم الأفواه، وألا يلجأ إلى الغمغمة والمغمغة والتأتأة والتلعثم في المواقف الحاسمة. 
وأما بخصوص واقعنا الفلسطيني، فأعتقد أن من واجب المثقف الفلسطيني أن يضع نفسه من دون تردّد في معركة شعبه ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن أجل الحرية والاستقلال. ولن يتحقّق ذلك إلا بتحريم استباحة الدم الفلسطيني على أيد فلسطينية، وبوضع حدّ للانقسام بين جناحي الوطن. ثمة من لا يعمل بجدّ من أجل إنهاء الانقسام، وعلينا أن نخوض جدالاً حرًّا وديمقراطيًّا لتحديد المسؤوليات. ثمة ميل واضح إلى الشمولية هنا في الضفة وميل أوضح إلى الشمولية هناك في غزّة. وعلينا أن نناضل بشكل ديمقراطي ضدّ الشمولية التي يستشري في ظلها الفساد والمحسوبية وتغوّل الأجهزة الأمنية وتكميم الأفواه واستبعاد الرأي الآخر وحرمان الناس من الدخول إلى حيز العمل السياسي الهادف إلى خدمة الوطن والتضحية في سبيله. 
على المثقف الفلسطيني أن يكون مدافعًا عن الديمقراطية والتعدّدية وتداول السلطة لتعزيز الجبهة الداخلية، التي يتعين عليها أن تكون في مستوى التحدي الذي تفرضه علينا سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحاميتها الإدارة الأمريكية، وفي مستوى التصدي لكل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.


- الأديب محمود شقير , ما رأيك بصفحة مبدعون فلسطينيون والتي تهتم دائما بتسليط الضوء على المبدع والإبداع الفلسطيني ؟

*هذه صفحة متميزة مفتوحة لكل الجهود الإبداعية والفكرية الفلسطينية من دون تحيز أو محاباة. وهي تلقي الضوء على وفرة من تجليات الثقافة الفلسطينية، وتفسح في المجال لمزيد من الحوار والجدل الخلاق وتبادل الآراء. أحيي القائمين على هذه الصفحة الذين أعرف منهم: رائد الدبس، ماري عيلبوني، وصباح بشير. وإلى أن أتعرف إلى كل العاملين في هذه الصفحة، فإنني أرسل من هنا، من القدس، تحياتي للجميع من دون استثناء.

- كلمة أخيرة توجهها إلى متابعيك ومحبيك ؟

*محبتي وتقديري لصديقاتي ولأصدقائي من الكتاب والفنانين والقراء.

شكرا جزيلا لك ولتعاونك في انجاز هذا الحوار 
صباح بشير 
*نشر هذا الحوار على فيس بوك بتاريخ 20/4/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد

  ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاح...