المرأه هي نبع الحنان وهي الام الرؤوم ، وهي الاخت رفيقة طفولتنا .. الزوجة رفيقة الروح ، والابنه أمل المستقبل ، والصديقة المخلصه .. فهي الانسانه التي تنبض عطاء ومحبه .. وقد حققت المرأه اليوم مكانه لا بأس بها لم تحصل عليها بالماضي بل واقتحمت وكانت عنصرا فعالا في كثير من مجالات الحياه .. ولكن .... أشعر بأن هناك عوائق وصعوبات عديدة لا زالت تعترض تمتع المرأة بالمساواة في عدة مجالات ، مما دفعني للكتابة ، فهناك الكثير من الاخلاقيات المعروفة لدينا والذي يتعامل معها المجتمع بمنتهى الازدواجيه ، فنراها محلله ومباحه للرجل على اعتباره الأقوى ، ومحرمه وممنوعه على المرأه باعتبارها الطرف الأضعف ... ومن هذه الاخلاقيات التي يتعامل معها المجتمع بحساسيه بالغه هي قضية الشرف والاخلاق والمتعلق بالأنثى فقط بمفهومه الشرقي فهو يقتصرعلى المرأه دون الرجل ! فهل يعقل أن تقتصر الأخلاق والشرف بمفهومه في مجتمعاتنا العربيه على المرأه فقط دون الرجل فينظر اليها دائما على أنها متهمه الى ان تثبت برائتها ! ... ومن هنا نجد الازدواجية في مفهوم الشرف، في ظل غياب المعاني الساميه كالأمانه والإخلاص والإنتماء وحب الوطن والصدق والكرامه والعداله والحريه والعزه وغيرها من المعاني الانسانيه والتي لا تدخل ضمن تعريف كلمة الشرف لدينا فيقتصر مفهوم الشرف ومع الاسف فقط على جسد المرأه ونعطي الرجل الحق كل الحق بالاستبسال في الحفاظ عليه دون ان يكون للمرأه أي دور في ذلك فيكون الرجل وحده هو المسؤول امام المجتمع والعادات والتقاليد عن سلوك اخته او زوجته او ابنته ! حيث ان حماية شرف العائله هي مسؤوليته الذكوريه والذي سيلاحقه العار مستقبلا فيما إذا قصر... فيفرض على الأنثى الاحتشام فقط من أجل مساعدته في الحفاظ على شرفه ، فالأنثى الشريفه هي انعكاس لصورة الرجل الشريف لدينا ومن هنا يكون جسد المرأه هو وحده فقط محور الشرف ومقياسه حسب العرف والتقليد والثقافه المتبعه !! وذكور الاسره او العائله هم وحدهم أصحاب الحق في ذلك !كنت قد قرأت في ما مضى هذه المقوله الرائعه ...نحن مجانين إذا لم نستطيع أن نفكر ، ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر ، وأيضاً عبيد إذا لم نجرؤ على أن نفكر.
إذا .. فلم تكون المرأة المتهم الوحيد في المشاكل الاخلاقية التي تحدث في المجتمع برغم وجود طرف مذنب اخر وهو الرجل ، فتتمثل المرأه هنا بالضحيه المعزوله والتي لا حول لها ولا قوه فيتعامل المجتمع معها كمخله بشرف العائله وتقاليدها ، وبردود فعل عنيفه واحتقار شديد وأحيانا تصل ردود الفعل لدرجة الجريمه والقتل حيث تقتل المرأه دون أي مساس بالطرف الاخر وهو الرجل ! فهل من إنصاف في ذلك ؟ .... طبعا انا لا ابرر أو احاول إيجاد أعذار لمتجاوزي الأخلاقيات ، ولكن لو تعاملنا مع هؤلاء المتجاوزين بنفس الدرجه من العدل دون التفريق في الحكم والعقاب على أساس الجنس والنظر اليهما كشريكان متساويان ، لتسود العداله الإجتماعيه والقانونيه ولتتلاشى النظرة القبلية لمفهوم الشرف الخاطئ لدينا .. فإلى متى ستظل المرأه تدفع ثمن الخطأ بناء على أساس جنسها ؟ والى متى ستظل العقليه الذكوريه الأبويه تعيق سن تشريعات وقوانين عادله تحمي المرأه من الإعتداء عليها ؟ ومتى سنستطيع النظر الى قضية القتل على خلفية الشرف بأفق أوسع وأشمل وبأنها قضية حقوقيه إنسانيه بحته علينا الخلاص منها بمعاقبة المجرم القاتل المرتكب لهذه الجريمه كأي مجرم قاتل اخر دون تخفيف العقوبه ؟ ومتى سيمتثل القانون والمجتمع بذلك ؟
طبعا نظرا لحساسية مثل هذه الجرائم والتي لا يعلن عنها فتبقي طي الكتمان إلا ما ندر !!
وغالبا ما يحاول المجتمع التستر بالدين عند ارتكاب مثل هذه الجرائم فنجدهم يتذرعون بأحكام شرعيه من هنا وهناك حتى يستطيعون التخلص من عقوبة ما اقترفت أيديهم .
بينما نجد ان جميع الأديان السماوية تحرم القتل .
وهنا يأتي دورالمثقف العربي في رفع مستوى الوعي الإجتماعي حول موضوع العنف الموجه ضد المرأه لكي لا تبقى هذه القضيه تراوح مكانها ، فالقانون مع الأسف يعطي القاتل فرصة للاستفادة من عذر محل يمنحه عقوبة مخففة .
ونجد بأن هذه القضيه تخلى عنها الجميع نظرا لحساسيتها فيتجنبون التطرق اليها والتعليق عليها ، فوقع الدور فقط على المؤسسات النسويه كونها تعبر عن وجهة نظر النساء وتمثلهن وتطالب بحقوقهن ، ولكن يبقى صوت هذه المؤسسات ضعيفا طالما ان الدوله لا تتبناه ! فهذه الجرائم تنعكس انعكاسا خطيرا على النساء والمجتمع بشكل عام حيث تنتهك حق الأنسان بالحياه كما أنها ظاهره خطيره تتسبب في هدم البيوت وتفكك الأسر وتتسبب في تفشي الظلم والقهر والإكتئاب للأسره الضحيه .
من الجدير بالذكر أن المرأة لدينا تعاني من النظره الدونية لها منذ الولاده حيث تفضل الأسره إنجاب الذكور على الإناث، وتعطي الحق لللأخ في وصايته عليها حتى لو كان أصغر منها سنا فهو له الحق في أن يتسامح أو يتشدد مع عملها وتعليمها مثلا وحسب ما تقتضيه مصلحة العائله الماديه فلا يعتبر خروجها للعمل مخالفا للشرف في كثير من القرى المحافظه اذا اقتضت الضروره الماديه الاسريه لذلك ،وهكذا ترى المجتمع ينظر الى كثير من الأمور المتعلقه بالأنثى فحسب حاجة الأسره وحسب ما يرتأيه ذكور العائله مناسبا .... فتمتثل الأنثى له !
إذا فكل ما نرى ونسمع ونشاهد هو خلاصة موروثاتنا الذكوريه ومن المفروض على المرأه الإنصياع لها وللعديد من الممارسات الاجتماعيه التي تفرض من قبل الرجل على قريباته من الدرجه الاولى من الإناث ، وبالتالي فإن الموروثات من العادات والتقاليد هي المحرض الأساسي للقتل على خلفية الشرف .
ألم يحن الوقت لننفض الغبار المتراكم على عقولنا وأفكارنا منذ سنوات ؟ وللتفكير مليا .. كيف نساعد مجتمعاتنا في التخلص من هذه الافه الخطيره ؟
على المثقفين في مجتمعاتنا العربيه بتبنى افكار جاده تساعد في تغيير مفهوم الشرف لدينا لنستبدله بمعاني إنسانيه رفيعه ، وخلق وتسويق المعاني الساميه الجديده لكلمة الشرف حتى يتبناها المجتمع ويؤمن بها .
الآن .. كيف نستطيع التخلص من هذه الآفه الاجتماعيه الخطيره ؟ وكيف نسوق افكار بناءه جديده ضد الافكار القبليه الهمجيه الخطيره في قضية الشرف ؟ لنتخلص من هذه الآفه ألخطيره دون أن نصطدم بالمجتمع علينا بالتكاتف مع وسائل الاعلام لمكافحة هذا المرض من خلال زرع أفكار جديده في نفوس شبابنا بمهاجمة واحتقار المجرم المرتكب لجريمة القتل على خلفية الشرف والتعامل معه على أنه مجرم جبان لا شرف له وان نتعامل مع من يؤيده بمثل تعاملنا معه .. أيضا علينا بتخليد إسم الضحيه كضحيه مجتمعيه وذكر عنوانها وعرض صورها ، وذكر اسماء افراد عائلتها وخاصة القاتل حتى يشعر المجرم بأن العار سيلاحقه وأسرته مدى الدهر لا من خجله من قضية الشرف إنما من خجله من قتل أخته أو زوجته أو ابنته الآمنه داخل البيت .. وليشعر القاتل ايضا بأن الجريمه هي قمة إنعدام الشرف وأكثر ضررا من الشرف نفسه بمفهوم القاتل الخاص .. بمعنى ان ارتكاب الجريمه سيتسبب لهم بالفضيحه لا بالستر فلا يعامل المجرم القاتل كبطل قومي دافع عن شرف العائله وإنما كمجرم قاتل يتسبب في دمار وهلاك المجتمع .. ومن هنا وعلى المدى البعيد سيؤثر ذلك في نفوس الشباب مما يدفعهم للتفكير مليا قبل ارتكاب الجريمه ، فنحقق بذلك الكثيرعلى المدى البعيد .
ولم لا ؟ ... لم لا تتظافر الجهود وتتكاتف وسائل الإعلام والمؤسسات والحركات النسويه في القضاء على هذه الظاهره لغرس قيم مجتمعيه بناءه في نفوس الجيل الجديد حيث الأمل سيقى موجودا بهم .. وبالتأكيد هم العنوان وهم من يحملون الأمل فلم لا نبني معا مستقبل واعد خالي من العنف ؟ ولم لا نحمل رساله ساميه لبناء مجتمع يتقبل الاخر متسامح ويحترم حقوق الإنسان والمرأه مما يساهم في تحقيق التنميه المجتمعيه الحقيقيه ..
نشر بتاريخ 23/12/10 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق