عندما
لا تجد من يسمعك .. تناول القلم واكتب .. لن تخذلك أوراقك ، ولن يخذلك قلمك ..
فهما كفيلان بالإنصات إليك بمنتهى الإخلاص .. ولتعلم دائما بأن الحروف حينما تخرج
من الألم ستسطر أوراقك بأروع الكلمات وأصدقها …
مدينة
القدس تروي قصة الأيام وكلما اردت الكتابة عنها .. تتلعثم الكلمات وتحاصرني روحي
بقسوة أعظم من قسوة حصار الحواجز في بلادي ! ما زلت اشتم رائحة طفولتي حول أسوار
مدينتي العتيقة بأحجارها وبتلك الزهور
المتناثرة في الطرقات هنا وهناك ، بشجرها ، شوارعها أسواقها وأزقتها القديمة ..
وطن
عبث به العابثون فدمروه ! فبات الإنسان فيه كأوراق الشجر ، يحملها الخريف برياحه
كيفما يشاء ، ويرميها مجددا اينما يشاء ! فهل ما زال في الأفق شعاع يبشّر بالنور ؟
وهل سيستعيد طائر الدوري قواه ليطير مجددا بعد أن قسا عليه الدّهر وفتكت به عاصفة
هوجاء انتزعت جناحيه وحرّيته لتتبدل ملامحه شيئا فشيئا ويستوطن الحزن في عينيه ! أُغلق باب الرجاء ، فلم تعد تستجيب
السماء لدعوات الأمهات ، وبفقدان الأمل استوطن العجز قلوبنا فباتت الكلـمات باردة
..
يا
وطني هل ما زال هناك أمل لأبنائك في الحرية ؟ وهل أصبح الحلم بعيد المنال ؟ قصرت المسافة بين الأرض والسّماء
البعيدة ، فكثر الموت ! وتحول الوطن إلى سجن ، الشوارع باتت تضيق بخطــوات
التائهين ، لم نعد نرى سوى الظلال ! صفحات تاريخك يا وطني مرسومة بلون
التضحيات والألم !
هنا
القدس ، هنا الأمس واليوم والغد الحزين .. لطالما روينا الحكاية ، ولكن عندما
يُكسر القلب من الظلم يُقتل الحلم ويصمت اللسان .. فماذا تبقى لنا ؟
أيتها
القدس التي استوطنت قلوبنا .. أنت فقط من نحبُ ، أنت مهد الصبا ومنبع ذكريات
الطفولة ومرتعها …
هنا
القدس .. مدينة متدثرة بعبق التاريخ والحواري العتيقة .. ثمة أشياء يصعب شرحها أو
قد لا تحتاج الى لغة لتشرحها ، فما ان تحط رحالك في رحابها إلا و تقفز الدموع من
عينيك فتُغرق الإبتسامة ! هناك في القلب غصة وألم موحشان ! أيّ بلاء وأي عقاب
أصابك يا قدس فأطفأت شعلتك وخنقت توهّجها ؟
وطـني
هواؤك عطـرنا وبعطره لا زالت قلوبنا تنبض وتحيا … في حضرة القدس يكون اللقاء ،
وإستحضارا للشهادة أمام ضحالة الحياة ، واستحضارا لكل القيم التي أجتمع عليها كل
مناضل لن ننسى شهداءك الحافظين لعهدك يا قدس ، فقضوا دفاعا عنك حين هانت عليهم
أنفسهم أمام عظمتك .. تحية إلى كل ام أهدت فلذة كبدها فداء للوطن ليُزَف في عرس
الشهادة نحو السماء معطرا برائحة التراب وصوت الزغاريد … !
بكل
بساطة .. اكتشفت أنّني أقيم فيك هناك ولم أغادرك أبدا ، أحبّك يا عصيةً على الموت ،
وحين سنلتقي سأحبك اكثر فأكثر ، وحينها سيزهر الأمل مروجاً خضراء تبشّر بقدوم
العيد ..
ستبقى هناك دائماً مساحةٌ للحلم فرغم الألم يبقى
الأمل ، يليق بك الحب والفرح يا قدس وتليق
بك الإبتسامة ، وسنظل نسعى للفرح ما استطعنا اليه سبيلا …
(نشر بتاريخ 1ديسمبر 2014 على صفحات جريدة القدس العربي بإسم صباح بركات)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق