بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 7 أغسطس 2021

الليل - صباح بشير

 الليل عنوان للطمأنينة وملخصاً للراحة، نهايةٌ لتلك الرحلة، التي يبدؤها الإنسان في نهاره، بكل بهجتها وتفاعلاتها، ليسكن أخيرا إلى الليل، حيث الملاذ السكينة وأجواء الصمت والأسرار الخفية، فيتخذ منه محراباً حين ينام ضجيج الحياة، ولا صوت يعلو إلا صوت القلب

إنها المرأة..

 إنها المرأة..  صباح بشير 

مُفعمة بالغموض، تمتلئ بِالتناقُضات..
بداخِلها سحابة من أحزان وأفراح وكثير من المفاجآت..
تُمطر فتفيض بالزهر والفراشات..
إن تجاهلتها تعثرتَ بالذكريات..
وإن أقبلتَ عليها، نافسَتكَ الشمس ونجوم الأمسيات..
لمَ لا، فَوَهجُها يضيء الساحات وظلام الطرقات!


قراءة من وراء الزجاج/ صباح بشير

 صدرت " قصّة الأطفال “قراءة من وراء الزّجاج” للكاتبة نزهة الرّملاوي هذا العام 2021 عن دار الهدى للنّشر والتّوزيع كريم، تقع القصّة التي رافقتها رسومات منار الهرم في 44 صفحة من الحجم المتوسّط.

بداية فالأب هو عماد الأسرة، ووجوده في حياة الأطفال، يعني الحماية، الرعاية والسند، وفقدانه لأي سبب من الأسباب، يعد مصدرا للحزن والألم، وأعتقد أن هذا ما كانت ترمي إليه الكاتبة في قصتها التي تدور حول الطفلة أميرة، التي فقدت أباها في الأسر، فامتلأ قلبها بالألم والحسرة على فراق والدها.
أولا أريد ان أنوه إلى أن القصة لم تُنسب لمرحلة عمرية معينة، وهنا بالتحديد أشير إلى المرحلة العمرية المستهدفة لقراءة هذا النوع من القصص.
ثانيا، تفتقر القصة لعنصر "متعة المفاجأة" وما أعنيه هنا، المتعة في إثارة مخيلة القارئ  لتنبؤ الأحداث، فوجودها يحفز القارئ في الاستمرار ويَزيد من رغبته في المتابعة، كما ويحقق أهم الأهداف المرجوة من القصة، ألا وهي تنمية قدرة الطفل على ربط تسلسل الأحداث وتوقع مجرياتها، وتطوير قدرته على البحث والاستكشاف وزيادة حسه الإبداعي.
ثالثا، من المهم أن تمنح قصص الأطفال لقارئها الصغير الإحساس بالأمان، وأن لا تبث الخوف والرهبة في نفسه، وذلك بتقديم ما يساعده على فهم وتفسير السلوك الإنساني ببساطه، بعيدا عن التعقيد وإثارة القلق في نفسه، فالقصة يتخللها الألم والحزن والارتباك المتجسد في الشخصية الرئيسية نتيجة للحدث المحوري المأسوي في القصة وهو غياب الأب.
رابعا، فقدان عنصر الإيجابية في القصة، حيث تم التركيز على مشاعر الألم السلبية التي عانت منها الطفلة أميرة، دور الأمّ لم يكن إيجابيا كما ينبغي في قصة تستهدف الطفل، فدور الوالدة هنا كان يجب أن يعبر عن الأمّ المحتضنة التي تقدم لابنتها الدعم والأمان العاطفي المفقود، الناتج عن غياب الأب، حزنها الشديد على غياب زوجها، ضاعف حزن ابنتها أميرة على فقدان والدها، فوجدت نفسها وحيدة عاجزة عن مواجهة واقعها المؤلم، وما يعتريه من تحديات ناجمة عن غياب الأب.
القصة من الألوان الأدبية المحببة لدى الأطفال والأقرب إلى قلوبِهم، وكتابه القصة لطفل قارئ يجب أن تحمل بين طياتها رؤية أكثر إيجابية عن الحياة، ونظرة تملؤها السعادة، لبث روح الأمل بمستقبل مشرق مزدهر في مخيلته، لا أن تؤدي به إلى الحزن والاكتئاب، التشاؤم والإحباط، لذا كان ينبغي مراعاة قدرات الطفل الفكرية ومراحل نموه الإدراكية والمعرفية أثناء بناء النسيج القصصي، وعدم إغراق القصة بتفصيلات غامضة مؤلمة لا يستطيع الطفل فهمها أو استيعابها أو التعامل معها.
نحن نعرف بأن مضمون أي قصة يجب أن يتضمن بعض القيم التي تربي الطفل على الانتماء والحب والولاء للوطن والأسرة، لكن بأسلوب يحمل الفرح والبهجة والشعور بالأمان في الوقت ذاته، إن تحقيق هذين الشرطين مهمٌ جدا لخلق نظرة إيجابية لدى الطفل، والمساهمة في دعم استقراره النفسي، لذا يجب أن لا نثقل كاهل أطفالنا بأمور تفوق قدرتهم على استيعابها وتحملها، أو التعامل معها، لأن هذا سيفقدهم توازِنُهم النفسي والانفعالي ويزيد من شعورهم بالارتباك والاضطراب.
عندما نُفقِد الطفل توازنه النفسي والانفعالي، ونشعِره بالخوف وفقدان الأمن، سيحاول الطفل جاهدا البحث عن الأمان والحماية، وهذا ما سيجعله يقفز من طفولته إلى مرحلة عمرية أكثر تقدما، ويحرمه من المرور بمرحلة طفولته الضرورية لإنتاج شخصيتُه المستقرة.
على الطفل أن يلعب ويمرح ويعيش طفولته ببراءة، لا أن يحمل هموم الأم والأب، الأسرة والوطن! فهذا ليس ذنبه ولا يقع في نطاق مسؤوليته أو قدرته على التحمل، وما أحوجنا اليوم لتعليم أبنائنا كيفية التمسك بالأمل والتفاؤل في ظل ما يعصف بنا من أحداث.

هل ينصف الإعلام العربي المرأة؟

 صباح بشير 

لا شك في أن وسائل الإعلام تنفرد بدورها الريادي في تشكيل الرأي العام ورفع مستوى الوعي، لما لها من تأثير كبير.  بعد الأحداث التي شهدتها بلادنا العربية مؤخرا، كان من المتوقع أن يطرأ تغيير في طريقة تمثيل المرأة في الإعلام، وذلك لأهمية الدور الذي لعبته خلال هذه المرحلة، غير أن ذلك لم ينعكس بشكل كاف، وهو ما يدفعنا للتساؤل والبحث وإعادة النظر فيما يُقدم عن المرأة في الإعلام..

ظلت المرأة بدورها جزءا لا يتجزأ من مراحل التطور في العالم العربي، سياسيًا واقتصاديًا، اجتماعيًا وثقافيًا، إلا انها لم تتمكن من تحديد أهدافها ورسم خططها المستقبلية، بسبب الكثير من العوائق التي وُضِعت أمامها، لذا ظهرت الجهود النسوية وكأنها جهود عشوائية لا تتناسب مع الواقع ومتطلباته، تفتقر إلى البناء والنهج الصحيح وتحديد الأهداف وتقييم النتائج، وعلى الرغم من أن النساء تمثل نصف مجتمعاتنا من الناحية الديموغرافية، أو قد تزيد على ذلك أحياناً، إلا أن هذه المجتمعات ظلت لا تدرك الأدوار الإنمائية والانتاجية للمرأة، بل تحصرها في الدور الإنجابي والتربوي، متجاهلة دورها الكبير في المجال التنموي.

 من أهم التحديات التي تواجه النساء اليوم، هي التحديات الإعلامية، فصورة المرأة في وسائل الإعلام لا تزال سلبية بينما يشهد العالم المعاصر تغيرا كبيرا، ولا يخفى على أحد ما للإعلام من تأثير قوي علينا، فنحن وبشكل لا شعوري نتبنى الكثير من المواقف والأفكار التي يتم عرضها وتسويقها لنا حول مختلف القضايا مما يسهم في تشكيل صورة المرأة في أذهاننا، سلبا أو ايجابا، وذلك من خلال البرامج والمسلسلات وما يتم عرضه علينا بكافة الاشكال والطرق، إذ يميل إعلامنا لتصوير النساء بذات الطريقة وذات المضامين، يظهرها لنا كمستهلك أو كإنسانة جاهلة، كسلعة، أو أداة جذب للتسويق، وفي أفضل الاحوال يظهرها بصورتها النمطية كزوجة أو ربة بيت، أو امرأة فاضلة أو متديّنة فقط، متجاهلا ثقافتها وطموحاتها، أو عملها وإبداعاتها، متناسياً عرض النماذج المشرفة التي من الممكن أن تؤثر على المجتمع، مع أن قلة تسليط الضوء على وجود أمثلة إيجابية للمرأة العربية لا ينفي وجودها، ولكن إبراز صورة المرأة النمطية كإنسانة ضعيفة خاضعة، بسيطة وسطحية، بلا وجهة نظر أو فكر أو آراء في القضايا الجوهرية، يطيل أمَد هذه الصورة التقليدية المزعجة، ومن الغريب أن الإعلام يقدم المرأة الطموحة كمُسترجِلة، تفتقر للمشاعر الأنثوية أو مشاعر الامومة! معتدية على التراث الفكري والديني للمجتمع، بعاداته وتقاليده، مفاهيمه ومعاييره!

هكذا تُعاقَبُ المرأة الناجحة، حتى تعمل على تصويب خطأها وتعود إلى رشدها المطلوب، حيث البيت، الأسرة وتربية الاطفال، وهذا ما يلقي الضوء على الصورة غير المتوازنة بين الجنسين، المتجذرة في الأعراف الأبوية، وتعزيز الدور الذكوري، ورغم التغيير الذي يجري على تغطية قضايا المرأة في الإعلام، إلا أننا ما زلنا نشاهد ذات النوعية من البرامج المطروحة، ومن هنا نجد أن تلك الصورة لا زالت تحاكي الثقافة الشعبية والدينية، فظلت كما يُراد لها أن تكون.

وفقا لدراسات وتقرير صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، فإن الأدبيات حول تصوير المرأة في وسائل الإعلام العربية محدودة للغاية، حيث ركزت هذه الدراسات على تحليل محتوى الدراما كالأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وعلى صورة المرأة في الإعلانات ومقاطع الفيديو، ووجدت الدراسة أن 68-78٪ من صور النساء كانت سلبية، وأن استخدام أجساد النساء كسلعة تسويقية أو كوسيلة للإثارة الجنسية، هي الصورة الرئيسية المستخدمة في وسائل الإعلام العربية، كما صُوِرَت المرأة كأمية أو ذات قدرة فكرية محدودة، عديمة الخبرة، مادية وانتهازية، أو ضعيفة وتابعة، وتم التركيز على الدور التقليدي لها باستحواذ الطبخ ومستحضرات التجميل والقيل والقال على أفكارها، وَصُوِرَت كإنسانة عاطفية (مفرطة الاحاسيس) وبالتالي غير قادرة على التفكير العقلاني واتخاذ القرارات!

 من هنا على وسائل الإعلام أن تصبح جزءًا من الحل، لا أن تبقى جزءًا من المشكلة، فلماذا يفتقر إعلامنا إلى تغطية مشاركة المرأة في المجال الاقتصادي والسياسي، الفكري الثقافي والإبداعي؟ ويتجاهل قضاياها الهامة مثل تدني الأجور وحقوقها الاقتصادية وظروف العمل الصعبة؟ أو استبعادها من عملية صنع القرار؟ كما يتجاهل مناقشة القوانين التمييزية ضد النساء في العالم العربي، خصوصاً بما يتعلق بالمواطنة والجنسية، الصحة والتعليم، الميراث والملكية، قضايا التحرش في العمل، وجرائم القتل على خلفية الشرف!!!

 أما عن وسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية، فمعظمها عاجزة بالفعل عن تغطية قضايا المرأة، فهي غالبا ما تركز على اهتماماتها السطحية، مثل الموضة والطبخ، مستحضرات التجميل والشؤون المنزلية، كما تمنح قضايا الروابط الأسرية وأساليب تربية الأطفال مساحة أكبر من القضايا المتعلقة بالتنمية الاجتماعية للمرأة، ولا تلقي نظرة فاحصة على الواقع الاجتماعي للمرأة، ولا تعبر عن واجباتها ومسؤولياتها، ولا يتم إيلاء الاهتمام لموضوع التمييز الاجتماعي والتشريعي ضدها، وكذلك الأحكام الجنائية وغيرها من الأحكام القانونية التي تمنح الرجال سلطة أكبر من النساء.

أما الأفلام والمسلسلات التلفزيونية فهي في غالبيتها غير واقعية، تركز على القضايا الهامشية للمرأة ولا تلتفت الى قضاياها المحورية، وكثيرا ما تصور النساء كسلعة جنسية، وبأنها لا تستطيع تولي مناصب قيادية، من المؤكد أن مثل هذه التمثيلات تثبط من تعزيز دور المرأة وتقدمها.

إن تمثيل المرأة من قبل الإعلام بشكل واقعي متوازن، وأكثر دقة، يشكل تحديًا هائلاً في هذه المرحلة، فتعزيز صورتها لا يتم إلا من خلال رصد أنواع التمييز ضدها، وزيادة الوعي بقضاياها وحقوقها، ونظرًا لإدخال الوسائل التكنولوجية التي أحدثت تطورا في المجال الإعلامي، يمكن الآن للإعلام أن يكون وسيلة قوية للتغيير الايجابي، وذلك بتكريس الاهتمام والموازنة في التغطية البنّاءة لمشاكل المرأة، فبناء مستقبل مستدام مشترك للجميع يتطلب منا التعاون، وعدم ترك المرأة مبعدة وحيدة، تسير خلف الركب.

-صحيفة رأي اليوم 

صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد

  ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاح...