بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 فبراير 2017

لنبدل خطاب الكراهية بخطاب الإخاء الإنساني

في كل يوم يسير عالمنا نحو التطرف أكثر وبشكل ظاهر مخيف، فقد يبدو اليوم أنه من الصعب الحديث عن روح التضامن والإخاء والتعاضد في وقت لا تكف به العديد من وسائل الإعلام والقنوات الفضائية في هذا العالم عن الحديث وبث صور الكراهية والتعصب بكل أشكاله، مما ساهم في غرس نزعات وأفكار الكراهية في عمق المجتمعات الإنسانية، خاصة بعد الإخفاق المستمر في زرع بديلها الإنساني من التعايش والتعاطف وتقبل الآخر والتعاون، إذ لم نعد نشعر بالأمل بغد أفضل قد يحمل لنا السلام والأمن والأمان للعالم بشكل عام ولمنطقتنا العربية بشكل خاص، فقد ساد خطاب الكراهية حياتنا خلال السنوات الأخيرة ليدخل ضمن سلسة الأحداث التي تشغل بلادنا العربية، فهزت استقرارها وأمانها وثباتها، مما دفع بمنطقتنا إلى المزيد من الصراعات والفوضى التي أودت بحياة الأبرياء كما مَسّت بالحرمات والمقدسات من بيوت العبادة وأدت إلى تصاعد حالة التحريض على الانتقام والثأر ونزاعات متكررة وصراعات دائرة بلا نهاية، كل ذلك أدى بنا إلى الانزلاق في متاهات سوداء من الفوضى والعنف والقتل والدماء!

من الملاحظ أيضا بأن لوثة الكراهية المنتشرة فيما بيننا كجماعات وأفراد بشكل مربك مقلق، قد ساهمت في تنامي ظاهرة الطائفية ببشاعتها، هذا الخطر الذي نشاهده يوميا بمعالجته الخاطئة المتمثلة بمزيد من الطائفية المضادة التي اخترقت بشكل كبير، الكثير من تفاصيل حياتنا اليومية المختلفة فأغرقتنا في بحور الاحتقان والانقسام والتنافر والتناحر، من هنا أصبح خطاب الكراهية من أهم التحديات الراهنة التي تواجهها مجتمعاتنا، فلا شك بان داء الكراهية هو من أخطر الأمراض التي تهدد الإنسانية جمعاء منذ نشأتها وحتى وقتنا الحاضر، وهو ذلك المرض البغيض والخطر الذي يُراد من خلاله تفتيت مجتمعاتنا ومنع تماسكها، فهو يفضي لزرع الفتنة والبغضاء بين مكوناتها وجميع شرائحها المختلفة المتنوعة التي كانت قد تعايشت منذ سنين بكل محبة وتفاهم وتآلف، كما يهدد هذا الداء حقوق الإنسان بالاضطهاد والعنصرية وكبح الحريات ومنعها، فخطاب الكراهية المريض يثير مشاعر البغضاء والحقد بين الناس، كما ينادي بإقصاء البعض واغتصاب حقوقهم والتقليل من شأنهم والتمييز ضدهم، فهو يصنف شرائح المجتمع المختلفة بصورة تُخرِجهم عن حقهم الإنساني في الوجود وتَخرُجُ عن كل الأبعاد الإنسانية والمعايير الأخلاقية والمنطقية وكل الاعتبارات الاجتماعية، كما أنه السبب الرئيسي بتحليل الجرائم بكل اصنافها عبر التاريخ، فهذا الخطاب المقيت لطالما تبنى لغة صدامية قاسية تعتمد على تشويه الآخر واستهجانه والتقليل من شأنه والتحريض بالإرهاب ضده، مما يؤدي لنتيجة مأساوية من القهر والانقسام والدمار كما هو حالنا اليوم!

إن خطاب الكراهية هو خطاب انفعالي لا مكان للمنطق أو العقل أو التفكير السليم به، فمن خلاله يتم التحريض على الآخرين وفقاً لدوافع ومصالح خطاب الكراهية ذاته، فهو يقوم على التمييز العنصري بين البشر ويعمل على هدم الأمن وثقافة السلام، كما يقتل روح التسامح والمحبة بين الناس، وهو السبب الرئيسي في تدمير التوازن بين العلاقات الاجتماعية، وهو ما يحرك نوازع الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد مهددا لحمته ووحدته.

 من هنا علينا أن ندرك بأن بيئة الكراهية هي المكان الملائم لصناعة الخراب والإرهاب في المجتمعات، لذا ولمعالجة هذه الآفة، نحتاج أولا وبقوة العمل على إيقاف ومنع الدعوة إلى الكراهية والعنصرية الدينية بكل أشكالها، كفى تحريضا وتمييزا وعداء وعنف، لماذا لا توجد لدينا تشريعات حقيقية وإجراءات عقابية رادعة تكافح التمييز لأجل الوقاية من هذا المرض الخبيث، فتحمي الأقليات والفئات الضعيفة المهمشة وتضمن لها ممارسة حقوقها التي كفلتها كل الشرائع والقوانين الدولية.

 كما نحتاج اليوم وبشدة لخطاب إيجابي هادف يحل مكان خطاب الكراهية والتعصب، حيث يتم التركيز فيه على قيم التسامح والمحبة بين الناس وضبط النفس، علينا أيضا ان لا نتجاهل أهمية التوعية لهذا الموضوع التي من شأنها الإسهام بوقف التحريض والتعصب على أساس التمييز في القومية أو العرق، أو الدين والمعتقدات أو الجنس، وهنا علينا أن لا ننسى دور وسائل الإعلام في التثقيف والتوعية، فهي الوسيلة الرئيسية التي تعمل على إيصال الرسالة إلى عقول الناس وأذهانهم من خلال تقديم خطاب إنساني تصالحي إيجابي جديد.

أخيرا يحضرني ما قاله المناضل السياسي نيلسون مانديلا : “لا يوجد إنسان ولد ليكره إنسان آخر بسبب لونه أو عرقه أو دينه، لقد تعلمت الناس الكراهية، فإن كان بالإمكان تعليمهم الكراهية، إذاً لنسعى أن نعلمهم الحب، خاصة أن المحبة أقرب لقلب الإنسان من الكراهية.”

- صحيفة رأي اليوم 

الجمعة، 3 فبراير 2017

واقع ثنائي الأقطاب !

لماذا لا توجد خيارات؟ السياسيون ورجال الدين يحاولون اقناعنا دائما بعدم وجود أي خيارات بديلة.

كَون البعض ضد الأنظمة المستبدة لشعوبها فهذا لا يعني أنهم قد يؤيدون الجماعات الإرهابية التي تقتل الأطفال والنساء تحت شعارات ومسميات مختلفة، وكون البعض الآخر لا يؤيد النظام الثيُقراطي أو رجال الدين لتطرفهم بإسم الأديان فهذا لا يعني بأنهم كفار، أليست الإخفاقات المستمرة وفشلنا في إيجاد خيارات منطقية هو ما عزز العودة إلى الحالة الدينية المتطرفة الأصولية التي نعيشها اليوم؟

قد يكون للحقيقة وجوه وجوانب عديدة، وحين تختلف رؤيتنا وتقييمنا للأمور فهذا لا يعني أن أحدنا على خطأ، قد نكون جميعا على صواب لكن لكل منا رؤيته الخاصة التي لا يراها الآخر ولم يستوعبها بعد.

 إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، مصطلح لا إنساني يبرر شعار غير أخلاقي! فلماذا أصبح العالم ثنائي الأقطاب؟ إن هذا المصطلح يتقوقع في قالب ضيق مآله إلى التغيير لا محالة في ظل وجود عوامل تفرض ذلك، وإن لم نتقبل ذلك التغيير فسنصبح ظاهرة غريبة خارجة عن الزمان والمكان والتاريخ.

لا أحب السياسة أبدا لهذا لم أفكر يوما بالكتابة والخوض فيها، حيث أجد نفسي دائما عبر الكتابة الإنسانية بجمالها وروعتها، فالسياسة لها حساباتها ورؤاها المختلفة لكل من المصالح والأهداف التي تتعارض بطبعها المادي مع القيم الإنسانية الشفافة، وواقع السياسة غريب! فهو يقتل المنطق ليفرض نفسه علينا محاولا أن يقنعنا بأن الظالم مُنتصر لا محالة وأن المظلوم لا بد وأنه مهزوم! وها هو ذات الواقع يحاول اقناعنا بأن تقديس الأوهام والايديولوجيات السياسية التي تفرض تصوراتها وأفكارها على مجتمعاتنا ما هي إلا مبادئ ومقدسات لا يجوز التخلي عنها، وأنها خطوط حمراء ممنوعة من التجاوز! تبريرات للوقائع والأحداث واستبسال في الدفاع عنها، ومن خلال ذلك تصنف الانتماءات وتصدح الكلمات الرنانة متحايلة على الشعوب لتدس لها الأفكار بكل خبث ودهاء، في محاولات للإقناع بوجوب التمسك بها ونجاعتها.

باتت الصراعات والانقسامات اليوم، لعنة تلاحق شعوبنا المهزومة لتصل خلافاتنا ذروتها، لقد وصلت إلى الرؤى والأفكار والسلوكيات والممارسات، لم نعد نتفق على شيء، بتنا نسمع ونشاهد العديد من التفاسير لأشياء أصيلة لا مجال لجدلٍ فيها أو نقاش، أو مواقف وأفكار لا تحتمل خلاف أو نزاع، ولم تكن تلك المتناقضات في الماضي تحمل سوى طابع واحد غير متعدد الملامح أو الوجوه، إلا أننا اليوم بتنا نختلف على الثوابت وكثير من المواقف وكل الأمور والأحداث والمستجدات، ومما يزيد الأمر سوءاً اقحام الدين لآفاق السياسة ليشعلها بالفتن ويبدأ بنا عصر من المحن، وكل هذا الموت والقتل والعنف والإرهاب والاستلاب، وأصبح هناك الكثير ممن يظنون أنفسهم ينطقون بإسم السماء والأكوان، باعتبارهم يحملون وصاية الدفاع عن الأديان! ودون أدنى مسؤولية وأي اكتراث بتطرفهم وتعصبهم الذي يقلب الأحداث، نسير من خلفهم دون وعي أو تفكير فتدفع الأوطان بذلك الأثمان وخسارة في الأرواح والقيم وانعدام في الأمن والأمان.

على ضوء ذلك تتسلل إلينا العديد من الأمراض السياسية بأوبئتها، مما يجعلها تتحكم فينا، بفكرنا وسلوكنا وتحدد مواقفنا ومصالحنا والأهداف، لم يعد الوطن ودودا رحيما كما كان يجمعنا سابقا تحت مظلته وثوابته الأصيلة، فالسياسة بطابعها البغيض قد تدخلت ففرقتنا وغيرت من طبيعة شعوبنا الطيبة، وشوهت المبادئ والقيم، واستنزفت جُلَّ قوانا وكل الطاقات، فأخرت مسيرتنا وألقت بنا هناك بعيداً نسير خلف ركاب الأمم….

- صحيفة رأي اليوم 

صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد

  ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاح...