عن مكتبة كل شيء الحيفاوية ، صدرت حديثا رواية جديدة بعنوان ” سفر مريم” وهي للكاتب مهند الصباح ، حيث تقع الرواية في ( 188 ) صفحة من القطع المتوسط ، من تصميم شربل الياس ، وهي الرواية الثانية للكاتب بعد روايته الاولى ” قلبي هناك” .
عَنوَنَ الكاتب رواية “سفر مريم” في بدايتها بالكلمات ” بداية الحكاية .. ومبتدأ الخبر ” مما أعطى القارئ إيحاءً خاصا بمضمون الرواية ، فغدى عنصر التشويق فعالا تجاهها . هو عنوان مجازي صيغ بشكل فني غير مباشر ، يحفز القارئ على طرح الاسئلة، تلك التي يستشف الإجابة عليها تباعاً خلال القراءة .
عند الحديث عن هذه الرواية لن أنسى ذلك الإهداء المُلفت ، فقد كان الاهداء مميزا بالفعل حيث أهدى الكاتب الأب روايته لأبنائه الأربعة ، محمد ، مريم ، سلمى ، يحيى ، موصياً إياهم بتذكر مقولة الكاتب الفلسطيني سلمان ناطور (ستأكلنا الضباع إن بقينا بلا ذاكرة ) هي كلمات مؤثرة مختصرة ومعبرة عن إحساس الكاتب بالانتماء الى الوطن المسلوب ، هنا نجد رسالة قَيّمَة واضحة ، يوجهها المُربي إلى المُتربي وكأنه يوصيهم بحب الوطن والحفاظ على ذاكرته الجمعية والهوية الوطنية، كذلك تحمل هذه الوصية في طياتها فكرة نقل وتعميم الذاكرة الوطنية.
ناقشت رواية سفر مريم عبر شخصياتها بعض القضايا، حيث تدور أحداثها في قرية فلسطينية متخيلة ، وبأسلوب شيق وسردٍ روائي مترابط يحكي من خلاله الكاتب ويصف شخصيات خيالية عبر قصة مُتسلسلة ، بُنيت لتتحدث عن واقع اجتماعي يحمل بين سطوره فكرة حق العودة ، وذلك الصراع المستمر الذي يبعث ويحفّز على الأمل الدائم في نفوس الحالمين به .
تسافر مريم عبر الزمن والخيال ، ثم تحكي ما شاهدته خلال سفرها من مُجريات ، يعود أهالي المخيم إلى قريتهم الأم “كفر النخلة “، تمضي الاحداث ويقوم الأهالي بالتصدي للعديد من العقبات والقضايا بعد خلاف يواجههم حول العضوية لإدارة المجلس ، وكذلك مشكلة تقسيم الأراضي وميراث النساء ، وفي النهاية تُحل كل تلك القضايا التي كانت تحمل في طياتها صراعات ومشاكل اجتماعية عديدة .
الشيء الجميل الذي لفت نظري هو ذلك الدور البناء للعنصر النسوي في الرواية ، وهذا ليس ببعيد عن طبيعة المرأة الفلسطينية التي تتمثل بمشاركتها الايجابية والفاعلة في شتى المجالات ، كما تحمل العديد من الصفات كالصبر والعطاء .
نهاية الرواية حملت لنا الحلم ممزوجاً بالأمل ، فحلم العودة المقدس ، حلم يراود كل فلسطيني مهجر ، يحمل بداخله قطعة من أرضه وغرسه وزرعه ، كما يحمل مفتاح بيته وتلك الذكريات التي بقيت راسخة في الأذهان …
في الصفحات الأخيرة ، ولعله من الصعب التفكير في نهاية بعيدة عن تلك النهاية المفتوحة التي تركها لنا الكاتب ، حيث تمكن من إيصال باطن فكرته التي احتوتها التفاصيل، فانتشرت بين سطوره فكانت كافية لتبلغ الهدف والرسالة ….
صحيفة رأي اليوم
January 8, 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق