عن دار إلياحور للنشر والتوزيع – القدس ، صدر حديثا قصّة للأطفال بعنوان “زغرودة ودماء” للأديب المقدسيّ جميل السلحوت ، والذي تطرق فيها لظاهرة سلبية خطيرة تنتشر في مجتمعنا الفلسطيني، ألا وهي ظاهرة استخدام المفرقعات والألعاب النارية التي تُطلق وتتفاقم بصورة مقلقة في جميع المناسبات السعيدة وتتسبب عادة في الكثير من الحوادث والخسائر المؤلمة.
تعتبر القصص من الوسائل التربوية الهامة لترسيخ الكثير من الأفكارٍ في عقول الأطفال، من هنا قدّم الكاتب حبكه متسلسلة شيقة، عمد فيها على إثراء لغة الطفل بالجديد من المفردات والعبارات، مبتعدا عن القصص الخرافية، تلك البعيدة عن الواقع، ملامسا بذلك اهتمامات الطفل بصورة تشجعه على السؤال والبحث والاستنتاج، كما تثير شغفه وتكسبه الكثير من المعلومات.
العنوان “زغرودة ودماء” : في هذه القصة كان العنوان ركناً أساسياً فقد شكّل صورة أولية للأحداث حتى خاتمة العمل وكشف عن سر الترابط فيما بينهما، فكان العتبة الأولى للقصة، حَمل الفكرة وعبر عن النص وكان هو المفتاح فساعد الى الوصول لبقية المعطيات .
الحكاية والأحداث : تطلب الأم من الطفل “رائد” احضار صندوق المفرقعات وذلك لإطلاقها احتفالا وابتهاجا بنجاح الأبن الأكبر “زيد” بعد ذلك يتعرض رائد للإصابة في يده ويفقد ثلاثة أصابع، يتم نقله الى المستشفى لمتابعة العلاج، تستمر الاحداث، يحزن الأهل ويسأل رائد والدته عن فقدان أصابعه قائلا: هل ستنبت لي أصابع جديدة بدل تلك التي طيّرَتها المفرقعات؟!!
الجانب الاجتماعي: تثير أحداث القصة تفكير الطفل وتلفت انتباهه لضرر تلك المفرقعات النارية، وتساعد على غرس المبادئ السليمة في نفسه، كما تعالج بعض المفاهيم وتحفزه على التفكير وَتَفَحُص صحة العادات والسلوكيات والتصرفات من حوله، مما ينمي الاتجاهات الإيجابية للطفل نحو مجتمعه ويشعره بالانتماء، ويكسبه مهارات اجتماعية في الاتصال والتواصل مع الأحداث من حوله. هنا يتحقق ما رمى اليه الكاتب من تطوير لشخصية هذا الصغير ومستوى وعيه وإدراكه.
الجانب العاطفي: احتوت القصة على استثارة ما لتلك النزعة الانسانية الكريمة في نفس الطفل، فَتَتابُع الفكرة الرئيسية دون وجود أحداث جانبية مشوشة عليها، يساعد على النمو الانفعالي للقارئ الصغير ويبث العواطف النبيلة ويدفع بالطفل إلى حب الخير وانتهاج التصرف الصحيح، كذلك ويثير لديه حس المشاركة الوجدانية والقدرة على تفهم مواقف الآخرين ومشاعرهم وأحاسيسهم، ويطور شعوره بالتعاطف من خلال استخدام خياله لتصوير مختلف الشخصيات التي برزت في القصة فتنمو لديه القدرة على الربط والاستنتاج.
الجانب الفني: وعن رسومات القصة فهي جميله ومعبِّرةٌ، حيث تجسد أحداثَ ومشاهد القصَّة وتعبر عن شخصياتها المختلفة بألوان مبهجة جذابة، مما يساعد على فهم النص كما ويضيف إليه حوارا محببا مميزا، ويبدو ذلك بوضوح بين الألوان وتوافقها وبين الفكرة وسطورها.
المكان: تدور أحداث القصة في مدينة القدس ويظهر ذلك بوضوح عند نقل الطفل رائد الى مستشفى المقاصد لتلقّي العلاج.
الفئة العمرية: لجميع أجيال الطفولة واليافعين.
مساحة للنقاش: لقد طرح الكاتب من خلال هذه القصة قضية حوادث الإهمال والاستهتار والتقصير في حماية الاطفال، وكأنه يناشد الأسرة أن تستعيد دورها الحقيقي في التنشئة الاجتماعية السليمة وحماية اطفالها من الحوادث، فإهمال الآباء والأمهات في رعاية أطفالهم دائما ما ينتهى بمأساة أو كارثة حقيقية! فالأطفال هم الأمل المنشود لمستقبل الغد، وإهمال رعايتهم قد يعرضهم للخطر أو ينهى حياتهم! أطفالنا يستحقون رعايتنا، لنجهز لهم المستقبل ولنصنع لهم الفرح.
كلمة أخيرة: هذه القصَّة ُ ناجحة جدا وتحتوي على كلُّ المعطيات التي تمنحها التميّز، لذا تستحقُّ أن تعتمدها المناهج الدراسية وأن تُوضَعَ في كتب الاطفال، فأطفالنا اليوم بحاجةٍ ماسة إلى مثل هذه القصص التربوية الهادفة….
صحيفة رأي اليوم
5-12-2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق