الليل عنوان للطمأنينة وملخصاً للراحة، نهايةٌ لتلك الرحلة، التي يبدؤها الإنسان في نهاره، بكل بهجتها وتفاعلاتها، ليسكن أخيرا إلى الليل، حيث الملاذ السكينة وأجواء الصمت والأسرار الخفية، فيتخذ منه محراباً حين ينام ضجيج الحياة، ولا صوت يعلو إلا صوت القلب
بحث هذه المدونة الإلكترونية
السبت، 7 أغسطس 2021
قراءة من وراء الزجاج/ صباح بشير
صدرت " قصّة الأطفال “قراءة من وراء الزّجاج” للكاتبة نزهة الرّملاوي هذا العام 2021 عن دار الهدى للنّشر والتّوزيع كريم، تقع القصّة التي رافقتها رسومات منار الهرم في 44 صفحة من الحجم المتوسّط.
بداية فالأب هو عماد الأسرة، ووجوده في حياة الأطفال، يعني الحماية، الرعاية والسند، وفقدانه لأي سبب من الأسباب، يعد مصدرا للحزن والألم، وأعتقد أن هذا ما كانت ترمي إليه الكاتبة في قصتها التي تدور حول الطفلة أميرة، التي فقدت أباها في الأسر، فامتلأ قلبها بالألم والحسرة على فراق والدها.أولا أريد ان أنوه إلى أن القصة لم تُنسب لمرحلة عمرية معينة، وهنا بالتحديد أشير إلى المرحلة العمرية المستهدفة لقراءة هذا النوع من القصص.
ثانيا، تفتقر القصة لعنصر "متعة المفاجأة" وما أعنيه هنا، المتعة في إثارة مخيلة القارئ لتنبؤ الأحداث، فوجودها يحفز القارئ في الاستمرار ويَزيد من رغبته في المتابعة، كما ويحقق أهم الأهداف المرجوة من القصة، ألا وهي تنمية قدرة الطفل على ربط تسلسل الأحداث وتوقع مجرياتها، وتطوير قدرته على البحث والاستكشاف وزيادة حسه الإبداعي.
ثالثا، من المهم أن تمنح قصص الأطفال لقارئها الصغير الإحساس بالأمان، وأن لا تبث الخوف والرهبة في نفسه، وذلك بتقديم ما يساعده على فهم وتفسير السلوك الإنساني ببساطه، بعيدا عن التعقيد وإثارة القلق في نفسه، فالقصة يتخللها الألم والحزن والارتباك المتجسد في الشخصية الرئيسية نتيجة للحدث المحوري المأسوي في القصة وهو غياب الأب.
رابعا، فقدان عنصر الإيجابية في القصة، حيث تم التركيز على مشاعر الألم السلبية التي عانت منها الطفلة أميرة، دور الأمّ لم يكن إيجابيا كما ينبغي في قصة تستهدف الطفل، فدور الوالدة هنا كان يجب أن يعبر عن الأمّ المحتضنة التي تقدم لابنتها الدعم والأمان العاطفي المفقود، الناتج عن غياب الأب، حزنها الشديد على غياب زوجها، ضاعف حزن ابنتها أميرة على فقدان والدها، فوجدت نفسها وحيدة عاجزة عن مواجهة واقعها المؤلم، وما يعتريه من تحديات ناجمة عن غياب الأب.
القصة من الألوان الأدبية المحببة لدى الأطفال والأقرب إلى قلوبِهم، وكتابه القصة لطفل قارئ يجب أن تحمل بين طياتها رؤية أكثر إيجابية عن الحياة، ونظرة تملؤها السعادة، لبث روح الأمل بمستقبل مشرق مزدهر في مخيلته، لا أن تؤدي به إلى الحزن والاكتئاب، التشاؤم والإحباط، لذا كان ينبغي مراعاة قدرات الطفل الفكرية ومراحل نموه الإدراكية والمعرفية أثناء بناء النسيج القصصي، وعدم إغراق القصة بتفصيلات غامضة مؤلمة لا يستطيع الطفل فهمها أو استيعابها أو التعامل معها.
نحن نعرف بأن مضمون أي قصة يجب أن يتضمن بعض القيم التي تربي الطفل على الانتماء والحب والولاء للوطن والأسرة، لكن بأسلوب يحمل الفرح والبهجة والشعور بالأمان في الوقت ذاته، إن تحقيق هذين الشرطين مهمٌ جدا لخلق نظرة إيجابية لدى الطفل، والمساهمة في دعم استقراره النفسي، لذا يجب أن لا نثقل كاهل أطفالنا بأمور تفوق قدرتهم على استيعابها وتحملها، أو التعامل معها، لأن هذا سيفقدهم توازِنُهم النفسي والانفعالي ويزيد من شعورهم بالارتباك والاضطراب.
عندما نُفقِد الطفل توازنه النفسي والانفعالي، ونشعِره بالخوف وفقدان الأمن، سيحاول الطفل جاهدا البحث عن الأمان والحماية، وهذا ما سيجعله يقفز من طفولته إلى مرحلة عمرية أكثر تقدما، ويحرمه من المرور بمرحلة طفولته الضرورية لإنتاج شخصيتُه المستقرة.
على الطفل أن يلعب ويمرح ويعيش طفولته ببراءة، لا أن يحمل هموم الأم والأب، الأسرة والوطن! فهذا ليس ذنبه ولا يقع في نطاق مسؤوليته أو قدرته على التحمل، وما أحوجنا اليوم لتعليم أبنائنا كيفية التمسك بالأمل والتفاؤل في ظل ما يعصف بنا من أحداث.
هل ينصف الإعلام العربي المرأة؟
صباح بشير
لا شك في أن وسائل الإعلام تنفرد بدورها الريادي في تشكيل الرأي العام ورفع مستوى الوعي، لما لها من تأثير كبير. بعد الأحداث التي شهدتها بلادنا العربية مؤخرا، كان من المتوقع أن يطرأ تغيير في طريقة تمثيل المرأة في الإعلام، وذلك لأهمية الدور الذي لعبته خلال هذه المرحلة، غير أن ذلك لم ينعكس بشكل كاف، وهو ما يدفعنا للتساؤل والبحث وإعادة النظر فيما يُقدم عن المرأة في الإعلام..
ظلت المرأة بدورها جزءا لا يتجزأ من مراحل التطور في العالم العربي، سياسيًا واقتصاديًا، اجتماعيًا وثقافيًا، إلا انها لم تتمكن من تحديد أهدافها ورسم خططها المستقبلية، بسبب الكثير من العوائق التي وُضِعت أمامها، لذا ظهرت الجهود النسوية وكأنها جهود عشوائية لا تتناسب مع الواقع ومتطلباته، تفتقر إلى البناء والنهج الصحيح وتحديد الأهداف وتقييم النتائج، وعلى الرغم من أن النساء تمثل نصف مجتمعاتنا من الناحية الديموغرافية، أو قد تزيد على ذلك أحياناً، إلا أن هذه المجتمعات ظلت لا تدرك الأدوار الإنمائية والانتاجية للمرأة، بل تحصرها في الدور الإنجابي والتربوي، متجاهلة دورها الكبير في المجال التنموي.
من أهم التحديات التي تواجه النساء اليوم، هي التحديات الإعلامية، فصورة المرأة في وسائل الإعلام لا تزال سلبية بينما يشهد العالم المعاصر تغيرا كبيرا، ولا يخفى على أحد ما للإعلام من تأثير قوي علينا، فنحن وبشكل لا شعوري نتبنى الكثير من المواقف والأفكار التي يتم عرضها وتسويقها لنا حول مختلف القضايا مما يسهم في تشكيل صورة المرأة في أذهاننا، سلبا أو ايجابا، وذلك من خلال البرامج والمسلسلات وما يتم عرضه علينا بكافة الاشكال والطرق، إذ يميل إعلامنا لتصوير النساء بذات الطريقة وذات المضامين، يظهرها لنا كمستهلك أو كإنسانة جاهلة، كسلعة، أو أداة جذب للتسويق، وفي أفضل الاحوال يظهرها بصورتها النمطية كزوجة أو ربة بيت، أو امرأة فاضلة أو متديّنة فقط، متجاهلا ثقافتها وطموحاتها، أو عملها وإبداعاتها، متناسياً عرض النماذج المشرفة التي من الممكن أن تؤثر على المجتمع، مع أن قلة تسليط الضوء على وجود أمثلة إيجابية للمرأة العربية لا ينفي وجودها، ولكن إبراز صورة المرأة النمطية كإنسانة ضعيفة خاضعة، بسيطة وسطحية، بلا وجهة نظر أو فكر أو آراء في القضايا الجوهرية، يطيل أمَد هذه الصورة التقليدية المزعجة، ومن الغريب أن الإعلام يقدم المرأة الطموحة كمُسترجِلة، تفتقر للمشاعر الأنثوية أو مشاعر الامومة! معتدية على التراث الفكري والديني للمجتمع، بعاداته وتقاليده، مفاهيمه ومعاييره!
هكذا تُعاقَبُ المرأة الناجحة، حتى تعمل على تصويب خطأها وتعود إلى رشدها المطلوب، حيث البيت، الأسرة وتربية الاطفال، وهذا ما يلقي الضوء على الصورة غير المتوازنة بين الجنسين، المتجذرة في الأعراف الأبوية، وتعزيز الدور الذكوري، ورغم التغيير الذي يجري على تغطية قضايا المرأة في الإعلام، إلا أننا ما زلنا نشاهد ذات النوعية من البرامج المطروحة، ومن هنا نجد أن تلك الصورة لا زالت تحاكي الثقافة الشعبية والدينية، فظلت كما يُراد لها أن تكون.
وفقا لدراسات وتقرير صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، فإن الأدبيات حول تصوير المرأة في وسائل الإعلام العربية محدودة للغاية، حيث ركزت هذه الدراسات على تحليل محتوى الدراما كالأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وعلى صورة المرأة في الإعلانات ومقاطع الفيديو، ووجدت الدراسة أن 68-78٪ من صور النساء كانت سلبية، وأن استخدام أجساد النساء كسلعة تسويقية أو كوسيلة للإثارة الجنسية، هي الصورة الرئيسية المستخدمة في وسائل الإعلام العربية، كما صُوِرَت المرأة كأمية أو ذات قدرة فكرية محدودة، عديمة الخبرة، مادية وانتهازية، أو ضعيفة وتابعة، وتم التركيز على الدور التقليدي لها باستحواذ الطبخ ومستحضرات التجميل والقيل والقال على أفكارها، وَصُوِرَت كإنسانة عاطفية (مفرطة الاحاسيس) وبالتالي غير قادرة على التفكير العقلاني واتخاذ القرارات!
من هنا على وسائل الإعلام أن تصبح جزءًا من الحل، لا أن تبقى جزءًا من المشكلة، فلماذا يفتقر إعلامنا إلى تغطية مشاركة المرأة في المجال الاقتصادي والسياسي، الفكري الثقافي والإبداعي؟ ويتجاهل قضاياها الهامة مثل تدني الأجور وحقوقها الاقتصادية وظروف العمل الصعبة؟ أو استبعادها من عملية صنع القرار؟ كما يتجاهل مناقشة القوانين التمييزية ضد النساء في العالم العربي، خصوصاً بما يتعلق بالمواطنة والجنسية، الصحة والتعليم، الميراث والملكية، قضايا التحرش في العمل، وجرائم القتل على خلفية الشرف!!!
أما عن وسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية، فمعظمها عاجزة بالفعل عن تغطية قضايا المرأة، فهي غالبا ما تركز على اهتماماتها السطحية، مثل الموضة والطبخ، مستحضرات التجميل والشؤون المنزلية، كما تمنح قضايا الروابط الأسرية وأساليب تربية الأطفال مساحة أكبر من القضايا المتعلقة بالتنمية الاجتماعية للمرأة، ولا تلقي نظرة فاحصة على الواقع الاجتماعي للمرأة، ولا تعبر عن واجباتها ومسؤولياتها، ولا يتم إيلاء الاهتمام لموضوع التمييز الاجتماعي والتشريعي ضدها، وكذلك الأحكام الجنائية وغيرها من الأحكام القانونية التي تمنح الرجال سلطة أكبر من النساء.
أما الأفلام والمسلسلات التلفزيونية فهي في غالبيتها غير واقعية، تركز على القضايا الهامشية للمرأة ولا تلتفت الى قضاياها المحورية، وكثيرا ما تصور النساء كسلعة جنسية، وبأنها لا تستطيع تولي مناصب قيادية، من المؤكد أن مثل هذه التمثيلات تثبط من تعزيز دور المرأة وتقدمها.
إن تمثيل المرأة من قبل الإعلام بشكل واقعي متوازن، وأكثر دقة، يشكل تحديًا هائلاً في هذه المرحلة، فتعزيز صورتها لا يتم إلا من خلال رصد أنواع التمييز ضدها، وزيادة الوعي بقضاياها وحقوقها، ونظرًا لإدخال الوسائل التكنولوجية التي أحدثت تطورا في المجال الإعلامي، يمكن الآن للإعلام أن يكون وسيلة قوية للتغيير الايجابي، وذلك بتكريس الاهتمام والموازنة في التغطية البنّاءة لمشاكل المرأة، فبناء مستقبل مستدام مشترك للجميع يتطلب منا التعاون، وعدم ترك المرأة مبعدة وحيدة، تسير خلف الركب.
-صحيفة رأي اليوم
الاثنين، 12 يوليو 2021
صباح بشير: اللعب على أوتار القيم !
توفر تكنولوجيا الاتصال الكثير من المزايا والفرص لطرح القضايا الاجتماعية والفكرية والثقافية المعاصرة، فهي تعد الدائرة المعرفية الأولى لتبادل شتى المعلومات العلمية والاخبار، خصوصا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، التي بدورها تجمع النخب، وتسهل تواصل المجتمعات الإنسانية.
في السنوات الاخيرة، بدأت التعددية الثقافية تقلب المفاهيم والمعتقدات السائدة في مجتمعاتنا المحافظة، مما شكل تحدياً سافرا أمام بعض المُسَلّمات، أحيانا بإعادة صياغتها لتتناسب مع المفاهيم الجديدة التي بدأت بالانتشار، وأحيانا أخرى برفضها ونبذها، خلقت منصات التواصل الاجتماعي نوعًا مختلفا من النقاش، فغدت أداة قوية مؤثرة على الرأي العام، وعلى منظومة القيم الخاصة بمجتمعاتنا، وعلى ذلك الخطاب الثقافي السائد فيها.
في ظل مئات القنوات الفضائية العربية، والمنصات الإعلامية الجديدة التي تقدم شتى أنواع البرامج، وجدت الدعوة الى الديّن مكانًا حيويًا وموضوعا رئيسيا فيها، فتلك القنوات التي تعمل على بث البرامج الدينية بشكل مستمر ومتواصل، ساهمت في انتشار الأفكار الدينية والآراء المتطرفة بين الناس.
جميعنا يعلم مدى تأثير هذه الوسائل في بلورة وتشكيل الرأي العام، ودعم الأفكار والقضايا أو المواقف، بقبولها أو برفضها، كل ذلك أدى إلى تحول كبير في تغيير قناعات المجتمع تجاه الكثير من القضايا.
تمتع مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بحرية التعبير وإيصال الأفكار، غدت هذه المنصات منبرًا خصبا للجماعات المتطرفة التي تطمح لنشر أفكارها واستقطاب الشباب عن طريق غسل أدمغتهم بمعلوماتها! لقد أثرت فعليا على تشكيل الوعي لدى الجيل الشاب وسلوكياته الدينية، خصوصا في المناطق التقليدية المحافظة، فأصبحت هذه الوسائل الاعلامية، المنصة الاولى لنشر الأفكار السلفية والفتاوى الدينية، تثير الضجة وردود الأفعال المتباينة.
من المفارقات أننا بتنا نشاهد حسابات باسم علماء الدين المتوفين، أنشأها أتباعهم الدينيون والفكريون، وذلك للوصول إلى أدمغة وعقول الأجيال الشابة!
لم يقتصر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على رجال الدين، بل يلتزم الكثيرون بنشر تغريداتهم الدينية المتنوعة، من الأحاديث والفتاوى وغيرها، خصوصا خلال شهر رمضان ومواسم الحج والاعياد والمناسبات الدينية المختلفة، حيث يتم تحميل الصور ومقاطع الفيديو التي تقدم لنا إحساسًا بالروحانية الافتراضية!
لقد غيرت هذه الظاهرة طريقة الدعوة الى الدين، وذلك بإتاحتها الفرصة للشباب للتفاعل مع بعضهم البعض بطرق حديثة، فبعد أن كانت مجتمعاتنا العربية مفصولة جغرافيا، كُسِرَت الحواجز وتمكن الجميع حول العالم، خصوصا أولئك الذين يعيشون في الغرب، من التواصل الديني، فقد أتيحت لهم الفرصة للمناقشة والتداول في الممارسات الدينية والطقوس والفتاوى وغيرها، مما أدى إلى تعزيز ظاهرة التدين عالميا، مع اعتقاد هؤلاء الناس بأن هذه المنصات الاجتماعية الرقمية، قد تمهد الطريق لكسب التضامن العالمي للدين، من خلال نسج الروابط بين أفراد المجتمع الإسلامي في جميع أنحاء العالم.
تمثل الرقمنة المستمرة للإسلام أو أسلمة العالم الرقمي تحديًا للدين الإسلامي في القرن الحادي والعشرين، حيث تقاوم المجتمعات المنغلقة تأثير العديد من المواقع الثقافية والفكرية، وكذلك الانفتاح المستمر والحداثة، وبعودة صعود الإسلام، غدت السلطة الدينية مجالًا هاما متنازعًا عليه، لذا تآزَرت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، في اكتساب واستعادة مكانة الدين في حياتنا الاجتماعية المعاصرة، من خلال اللعب على أوتار القيم، تلك التي تساعدنا على النمو والتطور إن كانت سليمة ومتوازنة، وتحمل أبعادا إنسانية سامية، لكنهم وباستخدام الانترنت، دفعوا بالمجتمعات نحو إنشاء المستقبل الذي يريدون له أن يكون! فلماذا لا ننتبه لهذا الخطر الماثل إلينا بعباءة الدين وثوب القداسة؟!
الأربعاء، 7 يوليو 2021
صحيح
مقومات الثقافة والفن والأدب تحمل قدرا واسعا من الإبداع الذي يدفع بالذوق العام إلى الارتقاء، فمتى تحلى الفرد بالذوق الفني والثقافة، سيمتلك نظرة جمالية لكل ما يراه من حوله ويصبح أكثر توازنا، مما يضفي على حياته لمسة إنسانية مؤثرة في سلوكه وتفاعله الاجتماعي.
خذ القرار
معظم الناس لا يقدِّرون تضحياتك حتى تستنزف جُلَّ طاقتك فتتوقف، ولا ينتبهون إلى يدك الممتدة إليهم دائما حتى تقرر سَحبها، الاسوأ انهم لا يلاحظون حضورك حتى تقرر الانسحاب فتغيب! حين تتواجد بين هؤلاء خذ القرار ولا تتأخر ، تَرجَّل باحثا عن نفسك واحفظ عليها أصالتها وجمالها.
مسؤولية
على عاتق المثقف الكثير من المهام، فهو الجندي الأول في معركة الثقافة والتوعية والتنوير، وهو ضمير عصرنا الحي إذا ما تمكن من البقاء صامداً نقياً مُحافظاً على بوصلته الأخلاقية من الشوائب، متمسكاً بإنسانيته وأخلاقه، متواضعاً متعاطفا، يقف إلى جانب كل مقموع ومقهور ومُضطَهد على هذه الأرض .
لنقرأ
يجب توفير الوقت للقراءة ما أمكن، وأقل ما يمكن عمله هو استغلال الوقت الضائع من يومنا بتلك الأداة الممتعة المدهشة، والتي لا يجب الانقطاع عنها أبدا.
الحرية
من الحرية تنطلق النهضة وتنمو المجتمعات، الانسان الذي لا يملك حريته لن يتمكن من صنع الحياة، من تسحق إرادته وشخصيته، لا يتفاعل ولا يتجاوب، هو عاجز عن توظيف طاقاته الإبداعية الخلاقة، لذا لا يتقدم ولا يتطور، نظرا لعجزه عن العطاء.
نمو فكري
أن تنمو بفكرك يعني أن تسير إلى الأمام، تنبعث باتجاه نفسك لترتقي بها، تنغمس في طريقك المزدحم بالأفكار ، فيشهد على ذلك وقع خطواتك، من نفسك وإليها، من فرح بلغ حدود البكاء، تتحرر مما علق بروحك من القيود والخيبات، وتعلن قيامتك من حزن تعربش على حيطان النبض وإليه.
صباح بشير: عن رسولة العطر والغیاب
يمثل الأدب مصدراً للهوية ويسهم في بناء المجتمعات، يستمد أهميته من وصفه للواقع بكل صوره وأشكاله، فهو يقدم لنا النماذج على صعيد الفرد والجماعة، وذلك في إطار حالة إنسانية أو حدث ما، كما يساهم في الارتقاء بمفاهيم المجتمع، كذلك ويلقي الضوء على تجارب المبدعين، تلك التي تثري التجارب الانسانية وتضيف إليها، وعندما نقرأ نصا أدبيا فإننا نقرأ تجربة حية كُتبت برؤية كاتبها وعيونه، لتعبّر عن مشاعره وأفكاره، هكذا تتاح لنا فرصة المعرفة والتعاطف مع من خاضوا تجارب الحياة المختلفة، فنتعلم الكثير منهم عن ظروفٍ وأحداث لم نعرفها سابقا، خاصة لو كانت هذه التجارب تتحدث عن الفقد أو موت أحد الأحبة.
مؤخراً كنت قد قرأت كتاب “رسولة العطر” للسيدة الأديبة أمل المشايخ، والذي أهدته الى روح زوجها المرحوم الشاعر عاطف الفراية، فكتبت تقول: “إلى عاطف حين ظلَّ حاضرًا رغمَ أنفِ الغياب”.
“رسولة العطر” هو مجموعة من النصوص في التأمّل، الحب والفقد والألم، كُتبت بلغة شفّافة وأسلوب رقيق، إذ تطل علينا أمل لتصف أمور قلبها وشؤون روحها باختزال شديد، لقد شعرت بأني وقعت على تحفة أدبية مدهشة بين طيات الكتاب، تقطر حبا وعشقا.
كتبت أمل برؤيتها الخاصة، فظَهَرت في قالبٍ يحمل جزءًا من روحها أحيانا، أو يحمل فلسفتها في تجاوز الألم أحيانا أخرى، هكذا استرسَلَت ومَضَت في عرضِ الفكرة، محاولةً قدر الإمكان التركيز على ذات السياق، مبتعدةً عن الفذلكة الكلامية، معتمدةً أساليب هادئة يسيرة، لتقبض على اللحظة الجمالية وتعبر عن ما بَدَأَت به قائلة :
كلما ذكروا الغيابَ تحسست قلبي
قلبي الذي كلَّما هبَّتْ ريحٌ صوبَ الجنوب
أرسلَ سلامه مع العابرين
العابرين الذين على وقعِ أقدامِهم
يعلو وجيبُ قلبي.
أَتْقَنَ الغِياب فأتقنت هي الحنين، هو العشق إذن، حالة خاصة نعيشها مرة كلحظة الميلاد، حيث المتناقضات، الألفة والانسجام، الحزن والفرح، الموت والحياة، وأمام تلك الحالة الشعورية وبعد كل عنوان تشدنا أمل بحرفية التصوير والوصف، فتمزج بين الماضي والحاضر وتجمع بين الأمكنة والأغنيات والأحلام، الأسئلة، المواقف وكل التفاصيل، وتعبر عن ما يختلجها من العواطف والأحاسيس، فتروي لنا الحكاية وقصص الغائبين، بنَسَق بديع ودروس في الاحتواء والوفاء، وشفافية تسمو بنا الى السماء..
أردْنا أنْ نرسمَ قلبًا وحرفين
كما يفعلُ عاشقان صغيران
يتجرَعان كأسَ الحبِّ للمرَّةِ الأولى
على السِّدرةِ ثمَّةَ صِغارٌ يطوفون بالعاشقين
كانوا يعابثون الفينيقَ
ويصفِّقُ بأجنحتِه
ما زلْنا نحاولُ أنْ نرسمَ قلبًا وحرفين
عادَ الفينيقُ إلى الأرضِ وحيدًا
يا بؤسَها الأحلام !
تكمن الجاذبية عند قراءة هذه النصوص في الأحاسيس التي يثيرها هذا البوح الإنساني العذب والذي يعبئ عند القارئ ملكات فكرية ونزعات عاطفية، وكأن أمل تبث شكواها إلينا لتخفف بذلك لوعة الفراق، لعل ذلك يؤنسها ويداوي الجراح.
تتألم أمل بصمت، تحمل حزنها والبهجة في آن، تجسد الوفاء وتلك الصورة الحقيقية لحبها وصفا ومحاكاة، فحين يغيب الحلم وَيُغيِّبُ الموت أحد الأحبة، تبقى رؤى المبدع هي من تبلسم ذلك الضّعف الإنسانيّ وتداوي الجراح. يحضرني الآن ما كتبه شاعرنا الكبير محمود درويش : الموت لا يوجع الموتى .. الموت يوجع الأحياء !
أما أمل فقد كتبت تقول:
أحمر هذا الدم
ووردي هذا الحب
فهلا أتينا بلون سواء بينهما
لو أن الأبيض يأتي لانجلى شيء من هذا الغبار
سيكون ثمة لون ثالث
ربما بلون الشفق
ربما بلون الأرجوان
لكنه ليس دما
لكنه ليس كفنا
كم يؤلمنا مهرجان هذي الألوان!
صباح بشير: التراث وعلاقته بالحداثة
من أهمّ المفاهيم الّتي انشغل بها الفكر المعاصر التراث وعلاقته بالحداثة، تباينت المقاربات والنظريات في تناول هذه القضية، فمنها النّظرة التقليدية المتمسكة بتراث الماضي، النظرية الليبرالية التي ترفض العودة الى الخلف، ونظريات تحاول التمسك بإيجابيات الماضي مع الانفتاح على الحضارة الغربية.
يعود اختلاف المفكّرين والباحثين في تناولهم لمسألة التّراث والحداثة للعوامل الأيدولوجية ودورها في التعامل مع هذه الجدليّة، انطلق بعضهم من منظور الحداثة الغربيّة لنقد التّراث، فدعا الى التغيير وإعادة قراءة التراث ليكون مواكبًا للحضارة، العديد من الباحثين قاموا بإعادة النظر في الفلسفة والعلوم الإسلامية، وذلك لمحاولة الكشف عن فلسفة إسلامية تتماشى مع الحداثة والمعرفة والعلم، فمثلا المفكر علي شريعتي قام بإعادة النظر في المصادر الكلاسيكية على نطاق واسع، لإظهار توافق الإسلام مع الأيديولوجيات الحديثة لا سيما الاشتراكية والقومية، ينطبق هذا الأمر على المفكر الطيب التزيني الذي اعتمد على الجدلية التاريخية في مشروعه الفلسفي لإعادة قراءة الفكر العربي، والفيلسوف حسين مروة الذي قدم كتاب “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية” وركز على احتواء الفلسفة والفكر الإسلامي على وجهات نظر وأساليب مادية متقاربة نوعا ما مع الديالكتيك المادي، أما المفكر محمد عابد الجابري فقدم مساهماته في تحليل المعرفة في الثقافة العربية ونقد العقل العربي، عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية ودراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي، ابتكر مصطلح “العقل المستقيل” ذلك العقل الذي يتجنب مناقشة القضايا المحورية الهامة، مشيرا إلى أن العقلية العربية بحاجة إلى إعادة الابتكار. في كتابه الأصول الاجتماعية للإسلام طرح أستاذ علم الاجتماع محمد بامية العديد من الاسئلة، وَوضّح أننا بحاجة إلى الشجاعة وكسر الحواجز لنصل الى الفهم الصحيح، والى المزيد من الاثباتات التاريخية والأدلة الأركيولوجية خاصة وأن التراث العربي في مجمله ضد الحداثة، أما المفكر هشام شرابي فقد تناول التغييرات الهيكلية داخل العالم العربي خلال القرن الماضي والتي أدت إلى “النظام الأبوي الجديد” بدلاً من الحداثة، وفسر ذلك بأنه نظاما أنتجه ذلك التغيير الاجتماعي الذي افتقر إلى الإحساس بالأصالة، كما تناول السلوكيات الاجتماعية، هيكل العائلة العربية، العجز، التبعية، الوعي والتغيير، المثقف العربي وتحديات العصر.
بينما تسعى العديد من هذه الدراسات وغيرها إلى اكتشاف السبب الجذري للركود والتخلف المعاصر من خلال الاستقصاءات التاريخية، تسعى العديد من الدراسات الأخرى إلى الكشف بنفس الأسلوب عن ديناميكية التراث وقدرته على التكيف مع مختلف الانظمة الاجتماعية والادعاءات الأيديولوجية، من بين أهم مؤسسي النهج النقدي المفكر والمؤرخ محمد أركون الذي رفض الفصل بين الحضارات، قدم فكره “نقد العقل الإسلامي” وتساءل عن تاريخ المفاهيم المركزية، كالدين والمجتمع، الحلال والحرام، العقل والضمير، المعرفة التاريخية والعلمية والفلسفية إلخ. أما مؤرخو الفكر والأدب فقد تطرقوا أيضا إلى هذه المفاهيم، لكن ومع الأسف لا زالت الحواجز قائمة في طريق المعرفة، بالإضافة إلى إشكاليات التطبيق بين الاديان والتاريخ والفلسفة، والعلوم المعرفية والسياسية والأدب، خصوصا فيما يتعلق بالأنثروبولوجيا التي لم تزل غائبة عن الأذهان بفروعها، والتي تدرس التصرفات الانسانية وبناء الثقافات البشرية، أداءها ووظائفها في كل زمان ومكان، كذلك وتأثير اللغة على الحياة الاجتماعية وتطور الإنسان بيولوجيًّا، وثقافات البشر القديمة.
في سياق مناقشة الموقف من الحداثة لن ننسى مسألة الجندر، أستاذة الاجتماع فاطمة المرنيسي كتبت عن المساواة بين الجنسين وحقوق النساء، وعن موقف الإسلام من المرأة وحللت تطور الفكر الإسلامي والتطورات الحديثة، مثال آخر يتمثل في أعمال الاستاذة ليلى أحمد والتي كتبت حول المواضيع المتعلقة بالعلوم الإسلامية والدراسات النسوية.
وعن الأعمال الأدبية التي ناقشت فكرة التغيير في مجتمعاتنا، فلضخامة التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية الحاصلة كُتبَ الكثير منها، وبرز العديد من الروائيين الذين ركزوا على إعادة بناء التاريخ والمجتمع بشمولية، الأديب والناقد الحداثي عبد الرحمن منيف أحد أعمدة السرد العربي في العصر الحديث، مزج الأدب بالسياسة، كتب ضد القمع واستلاب الحرية، وَثّقَ في أعماله التحولات في العلاقات الاجتماعية والعادات، والتوترات الناتجة بين الأصالة وعدم الأصالة في الخيال العام، كان يتعمق في قلب الحياة الثقافية العربية مطّلعا على النتاج الثقافي، دون أن يتغاضى عن ما يحيط بالعرب والعالم من تطورات. الكاتب جمال الغيطاني استلهم التراث المصري ليخلق تجربة ناضجة من خلال أعماله، خصوصا روايته المعروفة “الزيني بركات”، أما مسيرة نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل فتم تكريسها لإعادة بناء معقدة ودقيقة للغاية لعلم النفس الاجتماعي وعلاقته بالأعراف والتقاليد، فقد كان متميزا في استخدام مخزون واسع من الأمثال والتقاليد والعادات والسلوكيات التي تضمنتها أعماله، حيث جمعت هذه الأعمال بين التوجهات البحثية لفهم المجتمع وتاريخه، والهياكل الاجتماعية والمؤسسية والعقليات، والأخلاق التي تحكم التفاعلات اليومية على مستوى الشارع والحدث.
أخيرا فالحداثة قد تجاوزت التراث، والعلاقة بينهما متنافرة متضادة، ولا أعتقد أن هناك إجابة كافية على كل الاسئلة المطروحة، فهل يمكن مواكبة التقدم دون المّس بالتراث؟ هل تعتبر إعادة قراءة التراث أداة من أدوات التحديث؟ وهل من الممكن قراءة الذات التراثية بكل ما أنتجت على ضوء التطورات والازدهار الحضاري الذي يشهده العالم؟
الجمعة، 11 ديسمبر 2020
نعم ...
لا تخجل من ذلك التطور الإيجابي الذي حصل في شخصيتك، من حقك إعادة تشكيل ذاتك بالطريقة التي تناسبك وتغيير قناعاتك بما يتلائم مع نموك الروحي والفكري، كذلك وإعادة ترتيب أولوياتك والأشخاص في حياتك، كل بحسب تصرفاته ومواقفه نحوك .
الأحد، 6 ديسمبر 2020
شروق
مع الشروق وانسيابه المذهل ترسل الشمس صباحاتها الدافئة لأرواحنا المتعبة فتنفذ الينا لتمنحنا الأمل بانطلاق يوم آخر جديد .. صباح الخير لكل من وجد نفسه بين صباحاتِ هذا اليوم متفائلاً بالكثير .. صباح الخير للعاكفين على خلق واقع أفضل ، لعشّاق الحياةِ البسطاء الذين تمكنوا من رسم الكثير من الأمنيات ، لكل من تروقهم الأجواء المفعمة بالحيوية وتسعدهم التفاصيل الصغيرة ، زهرة ، كتاب، محادثه مع صديق، ضحكة طفل صغير .. فنجان قهوة ، صباح الخير لمن يُحبون العيش بسلام فيجمعهم شغف الحياة دائما وأبدا .....
الجمعة، 27 نوفمبر 2020
آفة ...
من أسوأ الآفات التي يمكن أن تصيب الانسان هي رؤية الظلم والتعود عليه وتقبله لاحقا ! من هنا لا يمكن مقاومة الشر بالشر ، انما برفض التعود عليه أولا أياً كان نوعه وسببه ومصدره ، حتى وإن كانت النفس ! إن تنمية القدرة على الحياة هي المهمة الأكثر نبلاً لأولئك الذين ينهزمون ثم يعيدون الكَرّةَ مجددا دون أن تنكسر عزائمهم .. فسلام على كل من يحمل النور في أعماقه أينما حلّ ...
أعشق البساطة
أعشق البساطة ، أبتسم لكلمة، وأفرح بزهرة ، أحلق مع ألوان الطيف الساحرة عند رؤيتها فألتف على بعضي وأشدو بفرحٍ وكأنني طفلتي ، أغني بسلام وحنان وكأنني أمي ، فأغدو قوية كشجرة تخضَّر وتزهر رغم تعاقب الفصول من حولها ، وكزهرة التوليب تحتضن نفسها وكأنها الوحيدة المتبقية لديها ، استشعر الجمال بكل شئ بسيط ، من خريف نفسي لربيع أخضر ، فأصنع لحظاتي السعيدة تلك التي لا تأتِ إليّ بل تأتي مني ....
الأحد، 1 نوفمبر 2020
وَمْضة
لا أدرك حتى الآن كيف نقتنع بأن الله عز وجل سيدخل أحدهم الجنة لأنه قتل إنساناً آخر ! فهل يُعتبر سفك الدماء أحد شروط دخول الجنة ؟! ما أشد جهل الإنسان الذي يؤمن بهذه الأفكار ويتبناها في تقييمه للآخرين ونظرته إليهم ! من العار أن يفتخر الإنسان بسفك الدماء حتى يدخل الجنة ! إن ما يستحق ان نفتخر به حقا هو رصيدنا الإنساني من الحكمة وضبط النفس.
الأحد، 12 أبريل 2020
الأربعاء، 8 أبريل 2020
الثلاثاء، 7 أبريل 2020
الأحد، 5 أبريل 2020
"طفل حزين يصلي"
الأحد، 29 مارس 2020
" طبيبة في العمل مع القناع تحتضن إيطاليا "
" طبيبة في العمل مع القناع تحتضن إيطاليا "
قام المصمم الإيطالي "فرانكو ريفولي" بتحريك مشاعر الشعب الإيطالي بهذا العمل والذي عبر من خلاله عن حبه وتقديره للأطباء والممرضات في بلاده وذلك لعملهم الشاق خلال هذه الفترة الطارئة بسبب انتشار فيروس كورونا، نجحت هذه الصورة في غرس الأمل بالانتصار على الوباء والخروج من الأزمة .
السبت، 28 مارس 2020
صباح بشير: ما بعد كورونا وصمت المدن
تواجه البشرية أزمة حادة بسبب انتشار فيروس كورونا (Covid-19) ، بعد إلقاء نظرة على كيفية تأثير الوباء العالمي على مختلف جوانب الحياة تُكشَف الطبيعة الفريدة لهذه الأزمة، فها نحن نلمس تغيرا جذريا يطرأ على حياتنا اليومية متسللا إلى كل جوانبها، عزلة وحجر صحي وتباعد اجتماعي ، شوارع فارغة ومدن صامتة تكاد تخلو من البشر !
إن جائحة كورونا لا يمكن تخيل عواقبها فكما أدى هذا المرض إلى تعطيل الحياة والأسواق والأعمال والحركة، وكشف كفاءة الحكومات أو عجزها، فإنه بالتأكيد سيؤدي لاحقا بعد انتهاء الحدث إلى تحولات كبيرة في القوى السياسية والاقتصادية العالمية.
على مدى السنوات الماضية قوض السياسيون غير المسؤولين عمدا الثقة في العلوم والسلطات العامة والتعاون الدولي، ونتيجة لذلك نواجه اليوم هذه الأزمة التي نفتقر فيها إلى قادة حقيقين يمكنهم أن يلهموا وينظموا ويمولوا استجابة عالمية منسقة للقضاء على الوباء، ويوما بعد يوم تنعدم الثقة بهزيمة الوباء، لقد اصبحنا بحاجة إلى الثقة في الإعلام وما يقدمه من اخبار، وبحاجة الى الثقة في الخبراء العلميين، وبحاجة أيضا إلى الثقة بالسلطات العامة، كما تحتاج البلدان إلى الثقة في بعضها البعض، فدون الثقة والتضامن العالمي، لن نتمكن من وقف انتشار الوباء وهزيمته.
إن العزل وحجر الناس لفترات طويلة ليس حلا، إنما هي ضرورة ملحة لكسب الوقت حتى إيجاد الحلول ومنع الناس قدر الإمكان من العدوى ونشر الوباء، لكن وعلى المدى البعيد سيؤدي هذا التوقف عن الحياة إلى انهيار اقتصاد الدول دون تقديم حماية حقيقية ضد المرض ! إن تعاون الدول وتضامنها وتكاتفها هو الترياق الحقيقي للوباء، ففي عام 1967، نهش مرض الجدري خمسة عشر مليون شخص وقتل منهم مليونان، ولكن في العقد التالي نجحت حملة عالمية للتلقيح ضد الجدري، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام 1979 انتصار البشرية بعد تعاونها للقضاء على الجدري تمامًا.
خلال القرن الماضي تم بناء أنظمة للرعاية الصحية الحديثة، فكان الأطباء والعلماء هم الحراس الذين يقومون بدورياتهم وصد المتسللين من الفايروسات والأمراض المختلفة، ومع ذلك كان هناك مئات الملايين من الناس حول العالم يفتقرون إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
يشير التاريخ إلى أن الحماية الحقيقية تأتي من تبادل المعلومات العلمية الموثوقة والتضامن العالمي، فعندما يصيب بلد ما أي وباء يجب أن يكون العالم على استعداد لتبادل المعلومات حول هذا المرض وكيفية معالجته، وهذا ما يتطلب مستوى عالٍ من الثقة والتعاون الدوليين، لذا نتمنى أن تكون هذه الأزمة بمثابة وقفة للمراجعة ومحاسبة الاخطاء وأن يصحو ذلك الضمير العالمي المغيب ، كما نأمل أن تساعد الأزمة الحالية في إدراك ما يشكله هذا الانقسام والتفكك العالمي من أخطار، وأن تكون فرصة لاستعادة السلام وإنهاء الحروب حول العالم، فقد أفلس رجال الدين والسياسة عن تقديم الحلول، أولئك الذين لم يحققوا سوى تأجيج العنف والقتل والدمار.
تحتاج البشرية إلى تبني ودعم البحوث العلمية والطبية التي تسهم في صنع الحياة، ولا تحتاج الى مزيد من صنع الأسلحة والمتفجرات والصواريخ وغيرها من أدوات القتل النووية والذرية، كل ذلك وأكثر مما يتطلب مضاعفة الجهود والإعداد والتنسيق والتخطيط ، والقدرة على اتخاذ القرار.
تَلتقط البشرية الآن وعيًا جديدًا بعد حالة تأمل في واقع يستبد به اليأس ويُفتقد فيه الأمل، سيبدأ العالم بإدراك أهمية المشاركة والصداقة والتعاطف والرحمة والعدالة، علينا أن نؤمن بوجود الضوء في نهاية النفق، وأن المستقبل سيغدو أفضل مما نظن، لن تتمكن الجغرافيا من فصل الإنسان عن إنسانيته، وها هم الاطباء قد جسدوا نموذجا يدفع بنا إلى التفاؤل بواقعنا الانساني القادم، فقد كانوا خط الدفاع الأول بوقفتهم البطولية وقيامهم بواجبهم الانساني النبيل، وبأيديهم البيضاء زرعوا الأمل فقهروا الألم، كما سطروا صفحات من البطولة في تاريخ التضامن، فإلى الأمام يا جنود السلام ويا أبطال الصحة والحياة ..
الثلاثاء، 24 مارس 2020
صباح بشير: قراءة في لوحة
السبت، 21 مارس 2020
صباح بشير : كل عام وانتن أجمل الأعياد
الأم هي المدرسة الأولى والشخصية الرئيسية في حياتنا، صاحبة البصمة الظاهرة من حولنا في كل مكانٍ لما لها من أثر طيب مُنعكس علينا وعلى المجتمع، والذي يسهم في بنائه فيصنع منه الحياة.
أن تكوني أُماً يعني أنك في جموح دائم من العاطفة والوعي وخروج من شرنقة الأنانية وحالة من إنكار الذات، خارجة عن المألوف في السلوك والتصرفات، وارتضاء المشاق والمتاعب في سبيل تنشئة الصغار وتربية البنين والبنات، إنه دَأَبٌ في فضاءات الروح اللامتناهية، وشوق لا ينطفئ من قلب لا يخذل في حبه أبداً. قصيدة شعرية شفافة مدهشة، تجمع بين صورة، حركة وشعور، تتعدّد فيها المشاهد والمزج بين الأحلام والأمنيات …
ثمة ضجيج صامت ينبض بالحياة تتشارك به الأمهات فيفيض عطفا، دفئا وحبا، حب الأم لأبنائها، رعايتهم والاهتمام بهم هو كل ما يحتلها ويسكن كل خلية فيها، فالأمومة ليست حدثا هامشيا عابرا، الأمومة إحساس محبب وشعور يقلب حياتها رأسا على عقب فيحرمها الراحة والهدوء، وهي ذلك الحدث الذي يجمع بين كل المتناقضات من المشاعر بتآلف عجيب، فيملأ عالمها بالحركة والفوضى والجمال، عطاء لا حدود له، ينبثق من قلبها الكبير فينثر الفرح والبهجة في كل مكان.
تتزاحم الأحاسيس والذكريات لترتبط بالأم، فهي من جسدت تلك النماذج الإنسانية في البناء والإبداع، لذا لا ننسى تلك التحديات التي تواجهها الأمهات العازبات في مجتمعاتنا، فهن الصامدات اللواتي يعشن بين مطرقة المجتمعات وسندان الواقع، يجتهدن ويربين أبنائهن بمفردهن ويؤدين عدة أدوار في ذات الوقت في حال غياب الأب بالموت أو الطلاق أو لأي سبب آخر، يحملن على أكتافهن عبئاً ثقيلا ومسؤولية عظيمة تمنعهن من تحقيق الطموح والأحلام، فيتحملن كل هذا بحب غير عابئات آبِهات ، يعملن بجهد وكَدّ في سبيل أفلاذ الأكباد، حتى لو تَقَوُّتنَ على الفتات.
تحية المحبة والتقدير لأمهات الشهداء الصابرات، ولكل الأمهات العربيّات اللّواتي عانين ويعانين جرّاء قسوة الحروب والنزاعات من مشاعر الحزن والحسرة ووجع الفراق، بانتظار الفرج والانعتاق من قبضة الألم وسطوة التفجُّع ! ها هو يوم الأم يطل عليهن وهن مثقلات بالهموم وآلام الغياب.
هي الام، ذلك العالم المتكامل المتجانس من المحبة والتضحيات التي لا تنضب.. منها نتعلم لندرك كيف للصبر والشموخ ان يقترن باسم الامهات، وكيف لهن أن يصبحن نماذج ملهمة في الحب والبذل والعطاء، نعجز عن شكرهن لما يتحملن في سبيل الأوطان والأبناء، فسلامٌ على كل الأمهات الغاليات اللواتي غرسن بعزيمتهن في أرواحنا أملا وورودًا في وحشة الليالي الحالكات ..
كل الحب لهن في عيدهن، أينما وجدنّ وعلى أي بقعة في الأرض حللن ووطئن .. كل عام وجميع الأمهات بألف خير.
الخميس، 19 مارس 2020
صباح بشير : الإنسان العربي وتحديات العصر
يزخر التاريخ بالعصور التي تميزت بالصراع بين التقليد والحداثة، بين الخرافة والعلم ، بين العقيدة والعقلانية، عجلة التاريخ مستمرة وهي تعني كامل الحياة دون استثناء، الماضي الحاضر والمستقبل، لذا يدرس المؤرخون الماضي كتجارب للشعوب يجب النظر إليها والتمعن فيها، وذلك للاستفادة منها ومن خلاصةِ ما قدمته الأمم من نشاطات عبر الزمن في مجالاتِ المعرفةِ الإنسانية المختلفة.
قام مشروع الحداثة الأوروبية متسارعا بعد ثورات فكرية علمية وصناعية في أواخر القرن الخامس عشر، بينما بدأ مشروع الحداثة العربي بطيئا بعد منتصف القرن التاسع عشر، لم يكن من الممكن لروّاد النهضة الفكرية في أوروبا في ذلك الحين أن يفكوا قيود الجهل ما لم يتم ضبط دور الكنيسة آنذاك والتضييق على سلطتها لتقتصر على أداء وظائف محددة، أدى ذلك التمرّد ضد القيم الكَنسِيّة للفصل بين العقيدة والجانب الحياتي الدنيوي، فسادت قيم الحداثة والتغيير وأصبح الغرب بعد ذلك يرفل تحت راية العقل والعلم والعلمنة، مما افرز واقعا حضاريا مدنيا جديدا، مَكّن الجهود التنويرية من إقامة المنهج العقلي والمضي قدما بالعلم نحو الصدارة بقيادة الاخلاق والقيم الإنسانية.
مما سبق، فالسياق العام لمفهوم الحداثة هو تغيير القديم، تجديده وتطويره لواقع الحياة الاجتماعية والثقافية باستخدام العقل والمنطق والعلم، مؤدياً بذلك إلى انهيار المعايير والقيم التقليدية القديمة والوصول إلى ممارسة اجتماعية وإبداع منطق جديد مبتكر في شتى المجالات، ليسهم ذلك التغيير بالتقدم على مختلف مناحي الحياة الانسانية وما تشهده من تحولات .
راهن الكثير من المثقفين العرب على الفكر الحداثي في اكتناف الفكر التقليدي والنهوض بالمجتمعات العربية ثقافيا، وذلك لفتح الآفاق ومواكبة الحضارة العصرية، لكن مشروع الحداثة العربي ولد خداجا منذ انبثاقه، فمثقفينا ومفكرينا لم يتمكنوا من سد الفجوات واستيفاء الشروط الاجتماعية الثقافية المطلوبة لملائمته بسبب البنية الفكرية لمجتمعاتنا، والتي تعيق الولوج في الحداثة الغربية انطلاقا من قدسية النصوص وتعدد القراءات.
نحن أمة تحمل تاريخا عريقا صار حملا ثقيلا عليها ! نكوصنا إلى ماضينا كردة فعل جعلنا لا نتوقف عن تمجيد وتعظيم تراثنا ومجدنا والإعجاب به، لم ندرك بعد أن ذلك لم ينجح بشحذ الطاقات للوقوف أمام التحديات الجسام التي نواجهها ، وأنه من غير المجدي البكاء والتحسر على الماضي التليد, أدى ذلك الى الجمود وتقبل الواقع ورفض التغيير لدرجة الغفلة عن الحاضر وتجاهل المستقبل !
وللأمانة فقد كان للجهود والدعوة إلى الحداثة تأثيرا كبيرا في قطاعات عديدة في عالمنا العربي، إلا أن هذه الجهود لم تؤتِ أُكلها بعد، فلا يزال الباحثون رغم إدراكهم بالواقع بكل متطلباته واشكالياته، يبحثون في طور الإطار القيمي الذي يشكل الهوية الجماعية، وعما يمكن تطبيقه للنأي بالمجتمع قدر الامكان عن مظاهر التخلف دون المَسِّ بالموروث أو التصادم مع هيبة النصوص، وبذلك نشأت المجتمعات التي تحمل أسسا فكرية عقائدية، متماهية متقمصة للحداثة دون مواكبتها. من هنا وبشكل عملي فإن أكثر مستويات الحداثة لدينا بطئاً هي الحداثة الفكرية ! فهل يعرف الانسان العربي ما ينتظره من تحديات في ظل ما ينتابنا من عجز في القدرات والإمكانات والانتاج والمعرفة ؟ قضايا الإصلاح السياسي واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي، حقوق الإنسان ومواجهة التطرف والعنف، الفقر وسوء توزيع الدخل، البطالة وضعف الأداء الاقتصادي وسوء توجهات التنمية, ضعف المؤسسات التعليمية والتدريبية، الفساد والانقسامات الطائفية والقبلية وغيرها من القضايا والتحديات ذات الأبعاد والتأثيرات المباشرة على مسيرة التكامل، الأمر الذي يستوجب إصلاحات عميقة على كافة الأصعدة.
على أي حال العقل المكبَّل لا يخلـِّف إنسانًا حُرًّا مُبدِعًا، فهل من محرر للعقول المكبلة بأَغلالٍ من الماضي وسلطة العقل الجمعي؟ وكيف السبيل الى مجتمع أكثر إنسانية، أكثر رحابة وفكراً؟ وأخيرا.. هل تولد الحداثة وسط غياب إرادة سياسية حقيقية ؟! .
خاطرة
صباح بشير : أن تنمو بفكرك يعني أن تسير إلى الأمام، تنبعث باتجاه نفسك لترتقيَ بها، فتنغمس في طريقك المزدحم بالأفكار ، ويشهد على ذلك وقع خطو...

-
كم أعشق ورود وأزهار حديقتنا ، تلك التي تعيد إلي الحياة كلما أبصرتها فأراها تعيش صامدة ، حيث تمضي الرياح دون أن تهزها .. متجددة نضرة مت...
-
انكسار نظرة تحاول الاتكاء على ما قد يسندها ، يخيل لي بأنه صمت شعور بالخذلان ....... أراها تتحامل على حزنها بكبرياء وتكاد الدموع أن تخونها...
-
الأم هي المدرسة الأولى والشخصية الرئيسية في حياتنا، صاحبة البصمة الظاهرة من حولنا في كل مكانٍ لما لها من أثر طيب مُنعكس علينا وعلى المجتمع...