بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

تراجع الذوق العام وتدهور الذّائقةِ / صباح بشير

يتميز ​كل فرد منا بذوقه العام متأثرا بمحيطه وتربيته ومستوى ثقافته حيث يمتاز البعض بحس جمالي أكبر نمطا وسلوكا في أذواقهم وتصرفاتهم، بينما نجد أن كثيرا من الناس يعانون خللا ما في ذوقهم العام أو ذائقتهم الجمالية.
يشعر المتأمل اليوم في حياتنا بالإمتعاض والحيرة تجاه الذوق العام المنتشر في مجتمعاتنا، كما يشعر بالأذى النفسي من الكثير من السلوكيات التي نشهدها يوميا وتستفز مشاعرنا فلا نملك السيطرة عليها ولا نستطيع منعها، إلا أننا ومن منطلق نزعة الخير والإنسانية التي تتمثل في دعم الآخرين ومشاركتهم والتعاطف معهم بصورة فطرية علينا أن نثير هذه النقطة للإشارة بأن هناك تدهورا واضحا في الذوق السلوكي الذي يترك أثره الكبيرعلينا ويشكل مشكلة واضحة لم تعد لدينا القدرة على التعايش معها، ولا أعتبر ذلك تدخلا في شؤون الآخرين أو نوعا من الإعتداء على حرياتهم، فانتشار قلة الذوق السلوكي وهبوط الذائقة الفنية والجمالية وصل لدرجة الاعتياد عليه وعدم الاكتراث به فأصبح مألوفا ومتقبلا لدينا!، وتأكيدا على صحة كلامي سأتحدث عن بعض السلوكيات لتحكموا بأنفسكم عليها.
ربما كان من أهم تلك السلوكيات السلبية الشائعة التي نشاهدها يوميا في شوارعنا من خلال قيادة السيارات، فبينما نشاهد سائقا يجعل من الشارع العام مسرحا للسباق والتسابق مع الآخرين نلاحظ سائقا آخر يتفوه بأقذر العبارات والشتائم لأن هناك سيارة قامت بالتجاوز عنه مثلا! وسائقا آخر وكأنه لم يسمع أبدا بقوانين السير وإعطاء حق الأولوية في الطريق! وآخر يعتبر الشارع ملكا خاصا له فيقوم بإيقاف سيارته في أي مكان يرتئيه مناسبا ( قد يكون في وسط الطريق أو في المداخل الخاصة أو العامة ) بغض النظر عن إغلاقه للشارع أو الطريق العام أو أنه قد يتسبب في أزمة سير أو حادث أو تأخير الناس وتعطيلها! وآخر يستخدم الهاتف أثناء القيادة ليستفسر عن مكان أو عنوان ما ويشغل الطريق ببحثه ويقود سيارته ببطء شديد دون أي مبالاة لأصوات الزمامير من خلفه! وسائق آخر لا يعنيه أمر المشاة من الأطفال أو كبار السن حين يقطعون الشارع! 
ومن السلوكيات الأكثر استفزازا على الإطلاق ذلك المنظر الشهير الذي حفظناه عن ظهر قلب ألا وهو رمي القمامة والمحارم الورقية أو علب الكولا الفارغة أو قشور المكسرات أو أعقاب السجائر من نافذة السيارة! 
وعن عدم المحافظة على النظافة في الشوارع العامة حدث ولا حرج! فليس السائق أو راكب الباص أو السيارة هو فقط من يفعل ذلك! إنما يساهم الجميع دون استثناء في تلويث البيئة والمدن والشوارع ، فنجد الباعة المتجولين والبسطات يرمون بفضلات بضائعهم من الأكياس والأوراق وصناديق الكرتون في الشارع تاركين إياها في المساء كهدية خاصة لصباح يوم آخر مضن وشاق لعمال النظافة! مشهد آخر مؤلم نرى طفلا يرسله أهله ليقوم بمهمة منزلية تفوق قدرته الجسدية فيحمل كيس القمامة البيتي الثقيل جدا بالنسبة لجسده الصغير، وفي الطريق يشعر الطفل المسكين بالتعب فيسقط الكيس من يده، فيترجل عائدا إلى بيته تاركا القمامة متناثرة في مكانها (وهنا بالطبع فإن المسؤولية لا تقع على الطفل إنما هي مسؤولية الأهل). مشهد آخر شاهدته مرارا وتكرارا لإمرأة أو رجل يحمل كيس القمامة المنزلي ويصل إلى مكان الحاوية ولا يضع الكيس بداخلها إنما يضعه بجانبها أو بالقرب منها ولم أدرك حتى الآن ماذا كان سيخسر لو أنه تصرف بالشكل الصحيح ورمى تلك القاذورات في مكانها المخصص لها داخل الحاوية!؟
والله إني لأشعر بالحزن الشديد عندما أمشي في الشارع أو في الطريق أو الحدائق العامة أو في الأسواق، فأينما تقع عينك لا ترى على جانبي الطريق وحول الشجر والنباتات والأرصفة إلا محارم ورقية أو علب الكولا الفارغة أو أكياس مستعملة أو أعقاب السجائر و فضلات الأطعمة وغيره!
سلوك آخر نشهده في مجتمعاتنا ألا وهو ظاهرة الألفاظ البذيئة التي نسمعها يوميا في الشوارع والأماكن العامة وفي كل مكان.
ظواهر سلبية كثيرة غير صحية ولا أمل في الشفاء منها في مجتمعاتنا كظاهرة التدخين في الأماكن العامة التي تحرمنا من العيش في بيئة نظيفة تخلو من السموم والضرر. 
أيضا نعاني من عدم احترام النظام في الدوائر الحكومية أو أماكن التسوق أو أنظمة مواعيد زيارة المرضى في المستشفيات وغيرها مما يعطل مصالح الناس ولا يعكس سوى صورة سلبية عن أخلاقنا وثقافتنا! 
سلوكيات مؤذية كثيرة تثبت عجزنا عن التمييز بين الصواب والخطأ، ونغفل عن احترام النظام والقانون وحقوق الآخرين والذي يُعد من أهم مظاهر العدل وبناء حياتنا سواء كان في التعاملات أو السلوك.
أما فيما يخص الذائقة والتذوق الجمالي فهو أيضا مصاب بلوثة من التراجع والفساد وذلك لارتباطه بنا كأفراد ومجتمعات، فقد بتنا نلمس مَظاهِرهُ السلبية من خلال حالة التلوث السمعي والبصري التي نعيشها يوميا في كل مكان، فتنمية الذوق السلوكي والجمالي لدى البشر يتم اكتسابها ونموها من خلال التفاعل الاجتماعي ونقله من جيل لآخر، فكيف لنا بنقله لأبنائنا ونحن نتبنى كل ما ذُكر من سلوكيات وظواهر يتدهور معها الإنسان وذوقه وإحساسه بالآخرين ؟ وكيف لفاقد الشيء أن يعطيه! 
ولنأخذ الفن الغنائي كمثال واقعي حي ودوره في التأثير على بناء أذواقنا. نشاهد اليوم رواجا لدى الجيل الشاب لمدعي الفن والطرب ممن لا يقدمون لنا سوى عروض غنائية هابطة متجاهلين المعايير الفنية والموسيقية مفتقدين للمهارة والقدرة الصوتية في ظل غياب الفن الأصيل، مما ساهم في تخريب وتشويه الذائقة الفنية ليتحول الغناء إلى كلمات سخيفة يصاحبها بعض الصخب الموسيقي! 
من هنا نلمس تراجع دور الأغنية في بناء الذائقة الفنية التي تمس الفرد ووجدانه، فكيف إذن للذائقة الفنية أو الجمالية أن تعيش وتنمو دون أن يتعود الإنسان على التمتع بمختلف أشكال الفن وجمالياته ؟ 
إن بناء وخلق الذوق العام في المجتمعات هو عامل مهم في مسيرة التقدم وهو يحتاج لجهود المبدعين الفنية والأدبية وأقلام المثقفين حتى نقاوم التدهور الحاصل في شتى الميادين فقد ثبت بأن البرامج التوعوية وحدها لا تكفي لمحاربة السلوكيات السلبية في المجتمع، فمقومات الثقافة والفن والأدب تحمل قدرا واسعا من الإبداع مما يدفع بالذوق العام إلى الإرتقاء، فمتى تحلى الفرد بالذوق الفني والثقافة سيمتلك نظرة جمالية لكل ما يراه من حوله فيصبح أكثر توازنا مما يضفي على حياتنا لمسة إنسانية مؤثرة في سلوكنا وتفاعلنا الإجتماعي.
- صحيفة القدس العربي 

الأحد، 23 أكتوبر 2016

صباح بشير: خروج عن سياسة القطيع ومحاولة لفهم كيفية وقف القتل / صباح بشير

بانتسابنا واتصالنا بقوة مع أمر ما والمحافظة على الإرتباط به وجدانيا وفكريا وواقعيا ، سواء كان العمل أو العائلة أو الوطن أو غيره ، فإننا نسمي ذلك بالإنتماء ، أما المواطنة فهي علاقة الفرد بالدولة التي ينتمي إليها في ظل قانونها وتشريعاتها ومساحة الحرية المعطاة له ، بما له أو عليه من حقوق وواجبات وبمنطلق ما يستشعره الفرد نحو وطنه من الولاء والإعتزاز بالهوية ومراعاة الصالح العام ، على أن لا يتخلى عنه الوطن وقت الأزمات والمحن .

المتابع اليوم للأحداث وأثرها على مفهوم الإنتماء والمواطنة علينا يلاحظ  تأثر الإنتماء بالظروف السياسية والإجتماعية الحالية ، ويلاحظ أيضا ذلك الإنتماء المغلف بوعي زائف نتيجة تشويه الواقع وتضليل الحقيقة في عقول الناس ، لذا أصبحت رؤيتهم للكثير من الأمور والمواقف لا تعبر تعبيراً حقيقياً عن واقعهم الفعلي ، فينتج عن ذلك الإنتماء الزائف المشابه لسلوك القطيع الذي يتمثل بتبعية الفرد التامة وحرصه على مصلحة الفئة التي ينتمي إليها دون غيرها حتى لو تعارض ذلك مع الصالح العام اعتقاداً منه بأنه بكامل الوعي والإدراك والإنتماء للوطن ، إلا إنه في حقيقة الأمر لا ينتمي ولا يدرك ولا يخدم إلا فئة واحدة دون غيرها ، مُترتبا على ذلك العديد من النتائج السلبية كالتعصب الأعمى والتطرف والعنف والصراع مما يؤدي إلى تفكك المجتمع وهدمه ، وذلك لتعصب كل فئة لمصالحها ووجهات نظرها على حساب بقية الفئات .

في ظل ما نمر به من أزمات متتالية وانقسامات وتعثر وشعور بالفشل من عدم قدرتنا حتى الآن على بناء مجتمعات مدنية نحقق فيها نهضة تبني لنا دول حديثة ، فقد بات من الضروري أن نتأمل جيدا ونعيد قراءة التاريخ والواقع ونستخلص النتائج والعبر ، وحين ننظر إلى كل أسباب الفشل فإننا سنكتشف بشكل واضح وجلي بأن سيكولوجيا الحشد هي سببا من الأسباب ، وفي هذه الحالات يبتعد الناس تماما عن مفهوم التضامن الإنساني والتفكير والتفكر والعقل والتعقل ، وذلك لا يقتصر فقط على المواقف السياسية التي نعيشها اليوم فقد شاهدنا في السنوات السابقة وخلال مباريات كرة القدم مثلا ، حين تحمس الجمهور باندفاع معترضا على قرار الحكم بعنف ، فعمّت الفوضى أرجاء الملعب مما أدى إلى كارثة تأثر بها من تأثر ، وأصيب بها من أصيب !

تهيمن اليوم حالة من اللاوعي وعدوى المشاعر العنيفة بين أناس يحملون ويتشاركون ذات الصفات فيتبعون بعضهم البعض بسلوك السرب أو القطيع ، وأياً كانت الفكرة أو المبدأ الذي جمعهم تحت رايته سواء كان أصوليا دينيا ، طائفيا أو عرقيا ، أو حتى لو ظهر بأي صورة من صور الحداثة والعصرنة ، سيبقى سلوك القطيع هو ذاته رغم اختلاف هيئته الظاهرة ، فهو يكرس سلوكا جامدا ونمط غريزي غير خاضع للتفكير أو إعادة النظر فترجح كفته دائما نحو التعصب والأصولية والإنغلاق الفكري أو الطائفية !

من هنا أصبحنا نشاهد يوميا الكثير من صور إراقة الدماء ، بُثت روح الكراهية والحقد ، ومع التكبير والتهليل نرى أطفالاً يُعلَّمون كيف تقطع الرؤوس ! يُكرهون الناس بعضهم ببعض ويعلمون الإنسان إحتقار أخيه الإنسان لا لشيء إلا لأنه مختلف معهم في الرأي أو العقيدة ، شباب فقد إنسانيته بإسم الدين أو الطائفة ، حُمِل أفكاراً جعلته قاتلا في سبيلها ! حروب وانقسامات ونزاعات لن تنتهي يوما إلا بترك فكرة القتل لمجرد الأفكار .  ولِعصور وأزمنة طويلة كان الإنسان يقتل أخيه الإنسان تحت رايات الجهل والتطرف ، لِيُسقِط حقه في الحياة على اعتبار أنه لا يستحقها بسبب اختلافه العقائدي والديني ، وفي الاختلافات العقائدية التي أدت إلى العنف نجد أن كل المؤمنين بعقيدة ما يرمون الآخرين بالكفر ويؤمنون بأن عليهم تطهير الأرض من أصحاب العقيدة الأخرى ! والأمثلة عبر التاريخ عديدة وكثيرة يطول شرحها ، فمثلا قبل قرون وعندما انقسم العالم المسيحي إلى قسمين في أوروبا قسم كاثوليكي وقسم برتوستانتي قامت بينهما حروب طاحنة فذهب ضحيتها أعدادا ًلا تحصى من القتلى ، وفي حروب الثلاثين عاما خسرت ألمانيا نصف عدد سكانها ودَمَّر الجيش السويدي ثلث مدنها كما انخفض عدد سكان الأراضي التشيكيه إلى الثلث ، أما الحرب الأهلية في اسبانيا فقتلت ستة آلاف من رجال الدين ومئات الآلاف من الضحايا ، ولا ننسى الحملات الصليبية التي قامت لذرائع دينية ، وحروب الردة التي أطلق فيها الخليفة أبو بكر حملة إبادة جماعية للقضاء على القبائل العربية التي أعلنت تركها للإسلام فاستُبيحت أموالهم ونسائهم ، أما الفتوحات الإسلامية التي انتشرت تحت راية الجهاد والدعوة إلى نشر الدين ، توسعت لتصل إلى العراق والشام والقدس ومصر وإسبانيا ليُقتل بسببها الملايين  . الحروب الأهلية اللبنانية التي استمرت خمسة عشر عاما وقتلت الآلاف ، والحرب المأساوية المؤلمة في سوريا ، وأعمال العنف والقتل والتخريب في العراق ، ودائما كانت الطوائف الدينية تتذرع بالكثير من التبريرات والشعارات منها حق الخلافة أو إقامة الدولة أو الإمامة أو الثأر وغيره .

  كل ذلك ولا يزال الصراع ممتدا بين الأحزاب والطوائف على السلطة وذلك لفرض رؤيتها ونفي الآخر بإسم الدين أو الإنتماء ، ولا تزال الضحايا تتساقط ، ولا زالت رموز الظلام تقتات على غرس العنصرية وبث الكراهية في النفوس  !

أيها الإنسان .. ألم يحن الوقت للخروج عن مجتمع القطيع وتجاوزه ؟ متى ستدرك بأن مكانك الجغرافي والبيئي هو من قرر ماهية ديانتك منذ الولادة ؟ متى ستدرك بإنك ضحية أوهام وأفكار الهوية العقائدية والقومية الموروثة ؟

 فهل يُعقل بأن نعاني كل ما نعاني ونقتل بعضا البعض لمجرد الإختلاف في الهوية والقومية أو الإنتماء العقائدي والديني أو الحزبي أو الطائفي ! لماذا لا ندرك بأن العصبية السياسية والدينية والإجتماعية تجرد الإنسان من أخلاقه وإنسانيته ! فالخوف من الآخرين هو ما يبعدنا عنهم وعن التصالح معهم فتراهم من بعيد يختلفون عنك ويرونك من بعيد مختلفاً عنهم ! وما نحن إلا بشر …

ولنتذكر معا ما قال المفكر والكاتب ميخائل نعيمة : لو أن البشر عرفوا الله لما قسموه إلى عبراني ومسيحي ومسلم وبوذي ووثني ، ولما أهرق إنسان دم إنسان ولا أبغض إنسان إنسانا من أجل الله  …..

- صحيفة رأي اليوم 

الخميس، 20 أكتوبر 2016

ساهم في تغيير العالم ..

المواقف واللحظات الإنسانية كثيرة ومتنوعة في حياة البشر سواء كانت في أوقات الحرب أو السلم والراحة وتبقى هي الخالدة بذكراها ، فبعد قرن من الزمن لن يعود مُهِما لأي أحد ولا لأي جهة كانت حجم حسابك البنكي أو سيارتك الفخمة التي تمتلكها اليوم أو منصبك الهام الذي تعتليه الآن ، أو البيت الفاخر الذي تسكنه أنت وعائلتك الكريمة وما يحتويه من سبل الراحة والرفاهية ، ولا تلك العلامة التجارية العالمية الذي تعودت على شرائها واستعمالها والتباهي بها .. لكن ، بعد قرن من اليوم وبسبب موقف أو دور إنساني هام كنت قد لعبته في حياة إنسان ما ، قد يتغير العالم فيصبح أفضل بكثير من الآن ..



الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

كم أكره السياسة / صباح بشير

عندما تستسلم أمة لتعيش الحاضر من خلال الماضي فقط حتما ستكون النتيجة مَرَّضية غير طبيعية، حينما نقرأ التاريخ نجد أن الكثير من الحضارات السابقة ضاعت واندثرت بعد تمسكها بمعيقات حالت دون استمرارها واستهلاكها لذات الموروث والمعروف من العلوم دون أي إنتاج جديد، ونأيها عن التفكير ورفضها لكل من ينتقد الفكر السائد في عصرها.. حالة مشابهة نعيشها اليوم ضمن العديد من التحديات والضعف ومواجهة لخطر الإنقراض الحضاري وهو خطر حقيقي يتربص بنا ويمنعنا من التقدم، وذلك من خلال تمسكنا الشديد بتلك الموروثات والعادات والتقاليد التي تعادي وتحد من التحضر. 
نواكب اليوم سرعة في التغيير ضمن واقع مُعاش يحمل تدهورا واضحا في جميع مناحي الحياة، وما بين الإعتدال والتطرف يأخذ الدين موقعه الحالي لتغدو ظاهرة التدين والتعصب تملأ المجتمع وتكاد تغلق كل حيز به، فلا تترك مجالاً لم تتفاعل به سواء كان سياسيا أم اجتماعيا أم غيره من المجالات المختلفة، أصبحنا نشهد تحولات خطيرة فيما بين النصوص المتشددة التي أصبحت أكثر انتشاراً لتحل مكان تلك النصوص المعتدلة التي عهدناها قبل سنوات، كما أصبحت الهوية الدينية هي الهوية الطاغية بحيث تلغي أي هوية أخرى مهما كانت، مما يحد من التعددية والتنوع والاختلاف والمشاركة في تسيير الحياة، فلا يُفسح المجال للنقاش أو الحوار أو التفكير بصورة مغايرة عن المعايير الدينية السائدة، فكل ما هو مختلف هو كفر وكل من هو كافر مستباح! 
هناك دائما حكم مسبق يدعو لإلغاء الآخر ورفض وجوده لا لشيء إنما فقط لأنه مختلف، فحين يعادي الإنسان صديقه أو جاره أو زميله أو حتى أخاه لمجرد أنه يختلف معه بالرأي أو المعتقد فهذا يعني بأنه لا يؤمن بالحرية والديمقراطية، وحين يؤيد رفضه وعدم الإعتراف به أو الإعتداء عليه لمجرد الاختلاف فهذا يعني تهديده في كينونته الإنسانية ووجوده مما يحرض على قبول الجريمة ويزرع الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.. إن من يتحلى بالأخلاق الإنسانية الرفيعة لا يمكن أن ينتهج وسائل الضغط والفرض بالقوة للدفع بالآخر نحو تغيير قناعاته، فمفهوم قبول الآخر المختلف بالفكر أو الرأي أو الدين أو العرق أو غيره، يعني القبول به كما يريد لنفسه وكما هو وليس كما نريد نحن له أن يكون وذلك بما يكفل حقه بالمساواة مع الجميع. 
​هذا الوضع جعل مجتمعاتنا تعيش حالة من الإنفصام حيث نعاني من عقدة الخوف من آراء الناس المخالفة ووجهات نظرهم، هذا الخوف الدائم والمقارنة فيما بين لغة الحياة العصرية وبين حياتنا اليومية جعلنا نعيش معضلة الثنائية فيما بين الحداثة والتقليد لندور في دوامة مفرغة وطريق ضيق المخارج، مما دفع بالكثير من الناس للتوجه نحو التدين بتطرف فأصبح لا يسيطر على عقولهم إلا أطياف الماضي وما كانت عليه المجتمعات الإسلامية في حالة من الإزدهار خلال فترة عصرها الذهبي، لدرجة إيمانهم المطلق بأن الحلول تقبع في الماضي فقط وفي نهج الإسلام السياسي! 
عملياً لم ينتج هذا التفكير سوى عقلية متعصبة تتبلور حول الثقافة والتراث القديم بكل ما يحمل من أساطير وقصص حقيقية أو خيالية أو رموز. 
هذه العقلية ترفض رفضا مطلقا كل ما هو جديد من الأفكار والقيم الإنسانية كالديمقراطية وتقبل الآخر المختلف دينيا ونبذ الخرافة وغيرها، فكل هذه الأفكار مختلفة ودخيلة وكل ما هو دخيل هو خطر عليهم التخلص منه بحيث لا تدرك هذه الفئة من الناس بأننا في سباق حقيقي مع الزمن فإما أن نقضي على التخلف أو يقضي هو علينا، ولا يخفى على أحد بأننا نعايش موجة طاغية من الهوس والتعصب الديني، وها نحن نسمع من كل مكان أصواتا تنادي بعدم التفكير، إياك أن تفكر، إقبل واستسلم! رواج سوق الخرافة بات في ازدياد ونسمع فتاوى لا حصر لها من هنا أو هناك، نستقبل منهم كل غريب ومنغلق باحترام وإقبال أملاً في النجاة من واقع أليم، ويتم التسويق لقصص أشبه بالميثولوجيا الخرافية، ونتلقى كل هذا ونعيشه يوميا مما يؤثر على​ نفسية الفرد ويحدد ملامح شخصيته ومستوى تفكيره وتكوينه النفسي وإنتاجه الإنساني، بالتالي نحصل على واقع متخلف غبي مشوهاً للإنسان عقلا وروحاً.. 
من خلال هذا الحضور الطاغي للأديان يتحكم بنا الماضي فيسيطر على مجتمعاتنا ويصادرها ويصادر معها عقولنا وأفكارنا وتطلعاتنا ومستقبلنا، ولا زلنا نمرر كل هذا باحترام وتبجيل ونستغرب بأننا لا زلنا نعيش واقع التخلف في أوطاننا!
نحن حينما نعول على الدين كاعتقاد إنساني ليكون هو المنقذ الوحيد فقط دون مسيرة جادة من العلم والعمل علينا أن نعي بأن الأزمة الإنسانية التي نعيشها اليوم ستتفاقم بشكل خطير وستصبح أكثر تعقيدا.
​فلماذا لا تأخذنا عقولنا إلى مساحات واسعة من الإنفتاح الحضاري ؟ وبالطبع هذا لن يحصل إلا إذا حررناها من أسر الماضي. 
لماذا لا ننظر حولنا فنرى العالم بكل شفافية ووضوح، ولماذا لا ندرس مجتمعاتنا وأمراضها ومشاكلها ونلاحظ مجتمعات الآخرين بتقدمها وإنسانيتها وتفوقها الحضاري ؟ لماذا لا نتعلم من تجاربهم وأفكارهم العلمية والإجتماعية والإنسانية، فنأخذ منها كل ما هو مفيد وأساسي ونحاول بناء مجتمعات تواكب كل هذا التقدم العلمي والحضاري ؟ إلى متى سنعيش في حصن الماضي السحيق ومتى سندرك بأن الماضي ليس سوى ملاذ من لا حاضر ولا مستقبل له….
إن السياسة هي المحرك الديني لدى الشعوب، لقد بتنا ندرك بأن تصاعد التوترات السياسية هي السبب المباشر في تشبث الناس بالماضي وتدينهم المتطرف في محاولة يائسة للهروب من الواقع الحاضر وصعوبته أو التخفيف من حدته مما يخدم بعض المصالح السياسية من خلال طرحها لرسالة دينية ذات أبعاد سياسية.
أرجو أن لا أُفهم بشكل خاطئ فأنا موحدة بالله بإيمان تام ولم أكن يوما ضد الأديان كما أنني مؤمنة باحترام الرأي الآخر ونبذ العنف وحب الخير وكل القيم الأخلاقية التي تسمو بالإنسان وترتقي به ولها أنادي وأكتب دائما، ولا أمتلك أي توجه سياسي ولم أنتم يوما إلى أي حزب أو حركة سياسية، وكم أكره السياسة لأنها تُدخل
كل ما حولنا في نطاقها، فهي تقرر حياتنا ومصائرنا وتأكل وتشرب معنا في ذات الإناء، وتصادر عقولنا وتنام وتصحو بيننا بإسم الدين!
- صحيفة القدس العربي 

الأحد، 16 أكتوبر 2016

كاريكاتير ..

لا أحب أن أنشر أي رسم دون ذكر اسم صاحبه ولم أعرف إسم الفنان الذي رسم هذا الكاريكاتير لذا حاولت البحث عنه ولم أتوصل لشيء إلا أنني تفاجأت حين وجدت ذات الرسم باللغة الروسية ويبدو أن فنان عربي استعار نفس الرسم وكتب عليه ما كتب باللغة العربية ، ولا أعرف إن كان قد ترجم ما كُتب بالروسية إلى العربية أم أنه كتب ما كتب وفق رؤيته الخاصة , عموما أعجبني ما كُتب بهذا الكاريكاتير المُعّرب فهو واقعي جدا فالناس لا تحب سماع الحقيقة لخوفهم أن تضيع وتتحطم أمنياتهم !


لوحة ..

انكسار نظرة تحاول الاتكاء على ما قد يسندها ، يخيل لي بأنه صمت شعور بالخذلان ....... 
أراها تتحامل على حزنها بكبرياء وتكاد الدموع أن تخونها فهي تنطق بلغة صامتة غامضة ونظرة حزن سكنت عيونها .. القلب يبكي قبل العين أحيانا ... 
لوحة جميلة للفنان : ستيفن بان (Stephen Pan)


لوحة ..

يداها تنساب على الورق بتأمُل وهدوء بالغ ، لا بد وأن لديها شيئا ما يجب أن يُكتب ، وبين طيات دفترها وأوراقه يبدو أنها ستكتب لنا شيئا من الحياة ، فهل هي رسالة حب أم خاطرة أم تجربة ما ؟ أنظر إليها فأجدها مبتسمة جادة وكأنها ستكتب نصاً هاماً تثور به على صمتها ، لكني لا أرى شيئا مما كتبت إذ يبدو أنها لا زالت تتأمل وتفكر ، لربما يلهمها بياض الورقة فيحملها بعيدا جدا عن سواد الأرواح من حولها ، أو لربما ذلك الضوء الخافت يحملها للكتابة على بصيص من أمل .. 
اللوحة للفنان : ( Emmanuel Garant )




السبت، 15 أكتوبر 2016

ضميرك الحي بوصلة لا تخطئ / صباح بشير

​يلاحظ المتأمل في مجتمعاتنا العربية انهيارا واضحا لمنظومة القيم الأخلاقية وتطرفها حيث أصبحت قيم النفاق والرياء الاجتماعي والوصولية قناعة وسلوكا يغطي على النزاهة والنخوة والإيمان بالمساواة الاجتماعية ​واحترام القانون والإنسان، وبات التسلق والصعود على أكتاف الغير والتواكل والتظاهر بصفات الشرف والأمانة مُتَقبلا ومرحبا به!
أصبحنا نعتبر الزيف والخداع فن من فنون الشطارة والفطنة والذكاء!
صراع بغيض تتسابق به الكثير من فئات المجتمع على فتات الحياة فيتساوى فيه الكبير والصغير مما يكشف الوجه القبيح للكثير ممن خدعونا يوما برقي أخلاقهم فظننا أنهم برتبة الملائكة!
ومما نشاهده في حياتنا من آفات، آفة الكذب الهادف وذلك لأجل تحقيق مصالح شخصية وإيهام الناس بما هو غير حقيقي! ولمن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي ورُّواد فيسبوك تحديدا، نلمس هناك صورة واضحه لذلك، فنجدهم دائما يتصفون بالمثالية المطلقة، فنراهم ينبذون العنف والتطرف ويعشقون الوطن، يؤيدون ويصفقون لفاعل الخير، يحترمون حقوق الإنسان ويدّعون احترامهم للمرأة وكأنها لا تعيش بينهم مضطهدة أو معنفة أو كأنهم لا يسيئون معاملتها بإسم الدين والشرف!
يطالبون بحقوق الطفولة والكهولة ويدعون إلى التسامح والمحبة وفعل الخير ونبذ الشر، ينتقدون الفساد ويطالبون بحقوق العباد، كما نجد الكثير منهم من المتنورين والمفكرين والشعراء ومرهفي الحس! وكل هذا على فيسبوك فقط، هذا العالم الإفتراضي الشاسع الواسع.
​السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل نحن فعلا هكذا؟ وهل هذا هو واقعنا حقاً؟ وإذا كنا نحمل كل هذه الروح المسالمة المحبة وهذه الثقافة الراقية فإذاً من الذي يقتل ويخرب ويضطهد الآخر ويعنفه ولا يتقبله؟ وكيف نتقبله بكل رحابة صدر على تلك المواقع الإجتماعية بينما نرفضه في حياتنا الواقعية ونمارس عليه التسلط أو العدائية؟
بدليل كل هذه الانقسامات والفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتخبط الذي نعيشه ويفتك بنا، فهل أصبحت مجتمعاتنا مُنفصِمة تعاني أمراضاً نفسية لا حصر لها أم أنه صوتنا المعبر عن أحلامنا وطموحاتنا ليتخذ من تلك المواقع وسيلة للتنفيس هربا من واقع مرير إلى عالم افتراضي مثالي؟!
​الحاجة إلى عالم هادئ مسالم ومثالي هي حاجة إنسانية بحتة وإن لم تتوفر فيبدو أن الفرد يلجأ لاختلاق الوهم وتلوين الصورة! فهل هذا دفاع عن أنفسنا أم تجميل لواقع مرير؟ أم هي فقط خيارات بين كل من الممكن والمتاح؟
بصراحة.. لا أعرف! ​
​نحن نعلم أن الثقافة والوعي والتربية السليمة تلعب دورا كبيرا في ترسيخ القناعات الإنسانية، لذا فالخطورة تكمن في الإهمال والتقبل والتعود، والانحطاط الأخلاقي لا يحدث سوى التفرقة والصراع والعنف إذ كلما تناقصت أخلاقنا تعمقت مظاهر الفساد لدينا، وعلى ضوء ما نمر به من تحديات علينا أن نعيد قراءة ذاتنا وأن لا نسمح بالتشويش على عقولنا، نحن بحاجة لتعليم بنّاء يرافقه الكثير من الوعي ورغبة حقيقية في التقدم واحترام الفرد ككائن حر مستقل بذاته، علينا أن لا نستسلم للواقع فَنُبرره وندافع عنه ونجمّله لنتقبله ونتسامح معه، وبدافع أن الكل يكذب لذا ما الضرر؟ لنكذب! وبحجة أن الجميع يساير ويخادع للوصول إلى غايته وهي الطريقة الأنجح للوصول فإذن سنقلدهم!
وبما أن المجتمع يعمه الفساد فإن كنت شريفا ستضيع فرصتي في التقدم لذا سأكون شخصا وصوليا! ما الذي سيمنعني فالجميع هكذا؟!!!! هذا هو العذر الأقبح من الذنب وعلى رأي المثل الشعبي القائل : الموت مع الجماعة رحمة!
​الغاية لا تبرر الوسيلة وهذا ​ما تعلمناه في طفولتنا، فإلى متى سنعيش رهن كل هذا العجز مكتفين بما لدينا وما تقرره أخلاق القطيع!
​علينا بإعادة النظر في كل ما هو موجود من موروثات وقيم أخلاقية، فالقيم الإنسانية النبيلة ما هي إلا ركن من أركان الحياة تًسعد بني البشر وتنظم حياتهم لترتقي بها وتحقق مصالحهم بالتواصل الناجح الفعال مع الآخرين ضمن حضارة كونية رحبة تتسع للجميع. ​
​الأخلاق الطيبة ورقيها هي فعل وممارسة يومية وليس تظاهرا ومراءاة، ​فنحن لم نقرأ يوما بأن التاريخ مَجَّد أولئك الذين باعوا ضمائرهم وفضلوا مصالحهم على مجتمعاتهم وأوطانهم، فالسعادة الحقيقية هي تلك التي لا تجعلنا نشعر بتعذيب الضمير حين نصل إليها بطرق غير مشروعة.
​أخي الإنسان.. اجعل من ضميرك الحي مصباحا مضيئا ينير لك الطريق فنحن كثيرا ما نُخدَع​ ببريق زائف من حولنا، لكن بمجرد مراجعة حقيقية صادقة مع النفس فإننا سنسمع ما ينادينا من الداخل لنشعر بأن هناك شيئا ما غامض وغير صحيح.. وهنا على ضميرك الحي النقي أن يقودك نحو النور وتذكر دائما بأن كل ما يتطلبه الفساد للبقاء على الأرض هو صمت ذوي الضمائر الحية.

- صحيفة القدس العربي 

الأحد، 9 أكتوبر 2016

أين الشرف في جرائم القتل على خلفية الشرف ؟ صباح بشير

المرأه هي نبع الحنان وهي الام الرؤوم ، وهي الاخت رفيقة طفولتنا .. الزوجة رفيقة الروح   ، والابنه أمل المستقبل ، والصديقة المخلصه .. فهي الانسانه التي تنبض عطاء ومحبه .. وقد حققت المرأه اليوم مكانه لا بأس بها لم تحصل عليها بالماضي بل واقتحمت وكانت عنصرا فعالا في كثير من مجالات الحياه ..  ولكن .... أشعر بأن  هناك عوائق وصعوبات عديدة لا زالت تعترض تمتع المرأة بالمساواة في عدة مجالات ، مما دفعني للكتابة   ، فهناك الكثير من الاخلاقيات المعروفة لدينا والذي يتعامل معها المجتمع بمنتهى الازدواجيه ،  فنراها محلله ومباحه للرجل على اعتباره الأقوى ،  ومحرمه وممنوعه على المرأه باعتبارها الطرف الأضعف ... ومن هذه الاخلاقيات التي يتعامل معها المجتمع بحساسيه بالغه هي قضية الشرف والاخلاق والمتعلق بالأنثى فقط بمفهومه الشرقي فهو يقتصرعلى المرأه دون الرجل !  فهل يعقل أن تقتصر الأخلاق والشرف بمفهومه في مجتمعاتنا العربيه على المرأه فقط دون الرجل فينظر اليها دائما على أنها متهمه الى ان تثبت برائتها ! ... ومن هنا نجد الازدواجية في مفهوم الشرف، في ظل غياب المعاني الساميه كالأمانه والإخلاص والإنتماء وحب الوطن والصدق والكرامه والعداله والحريه والعزه وغيرها من المعاني الانسانيه والتي لا تدخل ضمن تعريف كلمة الشرف لدينا فيقتصر مفهوم الشرف ومع الاسف فقط على جسد المرأه ونعطي الرجل الحق كل الحق بالاستبسال في الحفاظ عليه دون ان يكون للمرأه أي دور في ذلك فيكون الرجل وحده هو المسؤول امام المجتمع والعادات والتقاليد عن سلوك اخته او زوجته او ابنته ! حيث ان حماية شرف العائله هي مسؤوليته الذكوريه والذي سيلاحقه العار مستقبلا فيما إذا قصر... فيفرض على الأنثى الاحتشام فقط من أجل مساعدته في الحفاظ على شرفه ، فالأنثى الشريفه هي انعكاس لصورة الرجل الشريف لدينا ومن هنا يكون جسد المرأه هو وحده فقط محور الشرف ومقياسه حسب  العرف والتقليد والثقافه المتبعه !!  وذكور الاسره او العائله هم وحدهم أصحاب الحق في ذلك !كنت قد قرأت في ما مضى هذه المقوله الرائعه ...نحن مجانين إذا لم نستطيع أن نفكر ، ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر ، وأيضاً عبيد إذا لم نجرؤ على أن نفكر. 

إذا .. فلم تكون المرأة المتهم الوحيد في المشاكل الاخلاقية التي تحدث في المجتمع برغم وجود طرف مذنب اخر وهو الرجل ، فتتمثل المرأه هنا بالضحيه المعزوله والتي لا حول لها ولا قوه فيتعامل المجتمع معها كمخله بشرف العائله وتقاليدها ، وبردود فعل عنيفه واحتقار شديد وأحيانا تصل ردود الفعل  لدرجة الجريمه والقتل حيث تقتل المرأه دون أي مساس بالطرف الاخر وهو الرجل !  فهل من إنصاف في ذلك ؟ .... طبعا انا لا ابرر أو احاول إيجاد أعذار لمتجاوزي الأخلاقيات ، ولكن لو تعاملنا مع هؤلاء المتجاوزين بنفس الدرجه من العدل  دون التفريق في الحكم والعقاب على أساس الجنس والنظر اليهما كشريكان متساويان ، لتسود العداله الإجتماعيه والقانونيه ولتتلاشى النظرة القبلية لمفهوم الشرف الخاطئ لدينا .. فإلى متى ستظل المرأه تدفع ثمن الخطأ بناء على أساس جنسها ؟  والى متى ستظل العقليه الذكوريه الأبويه تعيق سن تشريعات وقوانين عادله تحمي المرأه من الإعتداء عليها ؟ ومتى سنستطيع النظر الى قضية القتل على خلفية الشرف بأفق أوسع وأشمل وبأنها قضية حقوقيه إنسانيه بحته علينا الخلاص منها بمعاقبة المجرم القاتل المرتكب لهذه الجريمه كأي مجرم قاتل اخر دون تخفيف العقوبه ؟ ومتى سيمتثل القانون والمجتمع بذلك ؟ 
طبعا نظرا لحساسية مثل هذه الجرائم والتي لا يعلن عنها فتبقي طي الكتمان إلا ما ندر !!  
 وغالبا ما يحاول المجتمع التستر بالدين عند ارتكاب مثل هذه الجرائم فنجدهم يتذرعون بأحكام شرعيه من هنا وهناك حتى يستطيعون التخلص من عقوبة ما اقترفت أيديهم .  
 بينما نجد ان جميع الأديان السماوية تحرم القتل . 
 وهنا يأتي دورالمثقف العربي في رفع مستوى الوعي الإجتماعي حول موضوع العنف الموجه ضد المرأه لكي لا تبقى هذه القضيه تراوح مكانها ، فالقانون مع الأسف يعطي القاتل فرصة للاستفادة من عذر محل يمنحه عقوبة مخففة . 
 ونجد بأن هذه القضيه تخلى عنها الجميع نظرا لحساسيتها فيتجنبون التطرق اليها والتعليق عليها ، فوقع الدور فقط على المؤسسات النسويه كونها تعبر عن وجهة نظر النساء وتمثلهن وتطالب بحقوقهن ، ولكن يبقى صوت هذه المؤسسات ضعيفا طالما ان الدوله لا تتبناه ! فهذه الجرائم تنعكس انعكاسا خطيرا على النساء والمجتمع بشكل عام حيث تنتهك حق الأنسان بالحياه كما أنها ظاهره خطيره تتسبب في هدم البيوت وتفكك الأسر وتتسبب في تفشي الظلم والقهر والإكتئاب للأسره الضحيه .
 من الجدير بالذكر أن المرأة لدينا تعاني من النظره الدونية لها منذ الولاده حيث تفضل الأسره إنجاب الذكور على الإناث، وتعطي الحق لللأخ في وصايته عليها حتى لو كان أصغر منها سنا فهو له الحق في أن يتسامح أو يتشدد مع عملها وتعليمها مثلا وحسب ما تقتضيه مصلحة العائله الماديه فلا يعتبر خروجها للعمل مخالفا للشرف في كثير من القرى المحافظه اذا اقتضت الضروره الماديه الاسريه لذلك ،وهكذا ترى المجتمع ينظر الى كثير من الأمور المتعلقه بالأنثى فحسب حاجة الأسره وحسب ما يرتأيه ذكور العائله مناسبا ....  فتمتثل الأنثى له !   
إذا فكل ما نرى ونسمع ونشاهد هو خلاصة موروثاتنا الذكوريه ومن المفروض على المرأه الإنصياع لها وللعديد من الممارسات الاجتماعيه التي تفرض من قبل الرجل على قريباته من الدرجه الاولى من الإناث ، وبالتالي فإن الموروثات من العادات والتقاليد هي المحرض الأساسي للقتل على خلفية الشرف .

 ألم يحن الوقت لننفض الغبار المتراكم على عقولنا وأفكارنا منذ سنوات ؟ وللتفكير مليا .. كيف نساعد مجتمعاتنا في التخلص من هذه الافه الخطيره ؟ 
على المثقفين في مجتمعاتنا العربيه بتبنى افكار جاده تساعد في تغيير مفهوم الشرف لدينا لنستبدله بمعاني إنسانيه رفيعه ، وخلق وتسويق المعاني الساميه الجديده لكلمة الشرف حتى يتبناها المجتمع ويؤمن بها . 
الآن ..   كيف نستطيع التخلص من هذه الآفه الاجتماعيه الخطيره ؟ وكيف نسوق افكار بناءه جديده ضد الافكار القبليه الهمجيه الخطيره في قضية الشرف ؟  لنتخلص من هذه الآفه ألخطيره دون أن نصطدم بالمجتمع علينا بالتكاتف مع وسائل الاعلام لمكافحة هذا المرض  من خلال زرع أفكار جديده في نفوس شبابنا  بمهاجمة واحتقار المجرم المرتكب لجريمة القتل على خلفية الشرف والتعامل معه على أنه مجرم جبان لا شرف له وان نتعامل مع من يؤيده بمثل تعاملنا معه .. أيضا علينا بتخليد إسم الضحيه كضحيه مجتمعيه وذكر عنوانها وعرض صورها ، وذكر اسماء افراد عائلتها وخاصة القاتل حتى يشعر المجرم بأن العار سيلاحقه وأسرته مدى الدهر لا من خجله من قضية الشرف إنما من خجله من قتل أخته أو زوجته أو ابنته الآمنه داخل البيت .. وليشعر القاتل ايضا بأن الجريمه هي قمة إنعدام الشرف وأكثر ضررا من الشرف نفسه بمفهوم القاتل الخاص ..  بمعنى ان ارتكاب الجريمه سيتسبب لهم بالفضيحه لا بالستر فلا يعامل المجرم القاتل كبطل قومي دافع عن شرف العائله وإنما كمجرم قاتل يتسبب في دمار وهلاك المجتمع .. ومن هنا وعلى المدى البعيد سيؤثر ذلك في نفوس الشباب مما يدفعهم للتفكير مليا قبل ارتكاب الجريمه ، فنحقق بذلك الكثيرعلى المدى البعيد .
 ولم لا ؟ ...  لم لا تتظافر الجهود وتتكاتف وسائل الإعلام والمؤسسات والحركات النسويه في القضاء على هذه الظاهره لغرس قيم مجتمعيه بناءه في نفوس الجيل الجديد حيث الأمل سيقى موجودا بهم .. وبالتأكيد هم العنوان وهم من يحملون الأمل فلم لا نبني معا مستقبل واعد خالي من العنف ؟ ولم لا نحمل رساله ساميه لبناء مجتمع يتقبل الاخر متسامح ويحترم حقوق الإنسان والمرأه مما يساهم في تحقيق التنميه المجتمعيه الحقيقيه ..





نشر بتاريخ 23/12/10 م 

السبت، 8 أكتوبر 2016

حوار مع الأديب الفلسطيني محمود شقير / صباح بشير


الأديب القلسطيني المبدع , الأستاذ محمود شقير , مناره أدبيه ثقافيه هامه أضاءت سماء القدس فكان بحق عميدا لكتابها , مسيرته حافلة بالعطاء والإنجاز , توجها بجائزة هامه وقيمه هي جائزة الراحل محمود درويش , أبدع أدبا انسانيا فكان علما من أعلام الإبداع والتميز , وكانت القدس دائما حاضره عبر انتاجه الأدبي والفكري , أستاذنا الكبير , بإسم صفحة مبدعون فلسطينيون أرحب بك فأهلا وسهلا ...

- كيف يقدم الكاتب محمود شقير نفسه الى القراء ؟ 
* أنا كاتب قصة أساسًا. أحب أن يعرفني القراء بصفة كوني كاتباً للقصة القصيرة. بعد ذلك، تأتي أنشطة كتابية أخرى متوازية مع كتابتي للقصة أو على هامش كتابتي لها.
وقبل ذلك وبعده، أنا إنسان عادي، أعيش حياتي ببساطة مثل أي مواطن فلسطيني تحت الاحتلال، له تطلعات مشروعة نحو التحرر والانعتاق، والعيش في ظل دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، مدنية ديمقراطية، تحترم التعددية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

- كيف كانت بداية الكاتب محمود شقير الأدبيه ؟ 

*ابتدأت هاويًا للكتابة حينما كنت طالبًا في المدرسة الثانوية. وقد جرّبت كتابة المقالة السياسية والخاطرة الأدبية والقصة القصيرة. لكن محاولاتي هذه لم تكن في المستوى الذي يؤهلها لأن تنشر في واحدة من الصحف المحلية المقدسية التي كنت أرسلها لها آنذاك. 
غير أن هذه المحاولات لم تذهب عبثًا، فقد أسهمت في تحسين لغتي الأدبية وفي تطوير قدراتي لكتابة قصة جيدة. وكانت نقطة التحوّل التي أسست فعلاً لبدء مسيرتي الأدبية تتمثل في ظهور مجلة "الأفق الجديد" المقدسية التي كان الشاعر المرحوم أمين شنار رئيس تحريرها. هذه المجلة حفزتني على الكتابة، وبقيت أشهرًا طويلة أحاول كتابة القصص لكي أنال شرف نشر أول قصة قصيرة لي على صفحاتها في العام 1962 . كان للأفق الجديد ولرئيس تحريرها فضل علي. وكان للناقد التقدمي المرحوم محمد البطراوي فضل عليّ كذلك. فقد التقط هذا الناقد المثقف ما في قصصي من سرد واقعي منحاز إلى جماهير الفقراء، و راح يلفت انتباهي إلى ذلك ويساعدني على استيعاب أسس الكتابة الواقعية في منحاها النقدي وفي منحاها التقدمي الجديد. وهكذا كان كتابي الأول "خبز الآخرين" نتاجًا مؤكدًا لتلك المرحلة. 


- خمسون عاما من الكتابه , هل تحدثنا بإيجازعن أهم وأبرز الانجازات خلال مسيرتك الأدبيه ؟ 

*لعلّ أول انجاز تمثل في كوني أحد الفائزين في المسابقة التي نظمتها "الأفق الجديد" للقصة القصيرة، فقد فازت قصتي "متى يعود اسماعيل" بإحدى جوائز هذه المسابقة في العام 1963. وكان هذا بالنسبة لي مؤشرًا على أنني كاتب قصة قادر على المنافسة، ما حفّزني على مواصلة الكتابة. وجاءت المفاجأة الثانية التي تمثلت في فوز قصتي "خبز الآخرين" بجائزة وزارة الإعلام الأردنية في العام 1966 ، وتلا ذلك مباشرة تحويل هذه القصة إلى تمثيلية جرى بثها من إذاعة "صوت العرب" المصرية التي كان يتابعها ملايين المستمعين العرب في تلك الأيام.
وكان لاشتغالي مدّة سنتين في صحيفة "الجهاد" المقدسية صدى طيب بالنسبة لي ولغيري من الكتاب الشباب الذين ظهروا بشكل لافت في تلك الفترة. اشتغلت محررًا للزوايا الأدبية في الصحيفة التي تحولت إلى صحيفة "القدس" بعد ذلك وما زالت تصدر في القدس حتى الآن، وأسهمت في نشر مقالات وقصص وخواطر أدبية لعدد غير قليل من الكاتبات والكتاب الشباب. تلك فترة من نشاطي الثقافي أعتزّ بها وأذكرها وأتذكّرها بما يليق بها من اهتمام.
بعد ذلك، وبالتحديد بعد العام 1975 حينما أقمت في بيروت وفي عمان وفي براغ، على إثر إبعادي من الأرض المحتلة على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تنوّعت أنشطتي الأدبية والثقافية. عملت محررًا لشؤون الأرض المحتلة في مجلة "فلسطين الثورة" التي كانت تصدر في بيروت. وعلاوة على ذلك، نشرت قصصًا ومقالات في المجلة المذكورة. وعملت محررًا لشؤون الأرض المحتلة في صحيفة "الرأي" الأردنية التي كانت تصدر في عمان. ونشرت قصصًا ومقالات أدبية وسياسية في الصحيفة المذكورة. ونشرت العديد من القصص والمقالات في مجلات فلسطينية وعربية من بينها: الكرمل، شؤون فلسطينية، أفكار، الأقلام، الثقافة العربية، الآداب، أدب ونقد. 
ومنذ أواسط السبعينيات من القرن العشرين انتبهت إلى ضرورة الكتابة للأطفال. نشرت عددًا غير قليل من القصص في مجلات عربية مخصصة للأطفال من بينها: أسامة، ماجد، وسامر. وأصدرت عددًا من المجموعات القصصية والروايات للأطفال وللفتيات والفتيان. 
واتجهت إلى كتابة المسلسلات التلفزيونية. أول مسلسل كتبته هو "عبد الرحمن الكواكبي" الذي أخرجه للتلفزيون المخرج المتميز صلاح أبو هنود. وحينما عدت إلى الوطن بعد إبعاد قسري دام ثماني عشرة سنة، كتبت عددًا من النصوص المسرحية التي تم تمثيلها على خشبة المسرح في القدس ورام الله ونابلس وأريحا وبيت لحم. وكان أولها مسرحية "ديمقراطي بالعافية" التي أخرجها الفنان وليد عبد السلام. وقام ببطولتها الفنانان الكبيران زهير النوباني وحسام أبوعيشة وعدد آخر من الممثلين والممثلات.
وبعد عودتي إلى الوطن، كتبت كتابًا عن القدس هو "ظل آخر للمدينة" وأتبعته بثلاثة كتب أخرى عن القدس هي: "القدس وحدها هناك" ، "قالت لنا القدس"، و "مدينة الخسارات والرغبة". وكتبت مجموعتين من القصص الساخرة هما "صورة شاكيرا، و "ابنة خالتي كوندوليزا".
وقامت دار آكت سود في فرنسا بترجمة كتابي "ابنة خالتي كوندوليزا" إلى الفرنسية. كما قامت دار سايروس بترجمة كتابي "الحطّاب" الذي أعددته عن حكاية شعبية فلسطينية إلى الفرنسية. وقامت دار بانيبال في لندن بترجمة كتابي "شاربا مردخاي وقطط زوجته" إلى الانكليزية.
منحتني رابطة الكتاب الأردنيين جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصة القصيرة في العام 1991 . ومنحتني مؤسسة محمود درويش جائزة محمود درويش للحرية والإبداع في العام 2011 . وكرمتني جامعات ومؤسسات ثقافية وهيئات وطنية كان آخرها: المؤتمر الوطني الشعبي المقدسي بتاريخ 18 / 4 / 2011 مع زميلين آخرين هما علي الخليلي وسلمان ناطور.

- التقيت بالراحل المبدع محمود درويش , فهل من مواقف مميزه في الذاكره عن هذه العلاقه ؟
* اتسمت علاقتي بالراحل المبدع الكبير محمود درويش بأنها علاقة عمل في الأساس. فقد انتخب محمود درويش رئيسًا للاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين في العام 1987 وانتخبت أنا آنذاك عضوًا في الأمانة العامة للاتحاد. وعملنا معًا في الاتحاد مدة طويلة. وحينما قررت وزارة الثقافة الفلسطينية تشكيل لجنة لمنح جوائز فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية في العام 1996 فقد تم انتخاب محمود درويش رئيسًا للجنة الجوائز، وانتخبت أنا أمين سر اللجنة ومنسقاً عاماً لها. واستمر ذلك لأربع سنوات. ثم عملنا معًا في لجنة "مسارات" التي أشرفت على المهرجان الثقافي الفلسطيني في بلجيكا في العام 2008 . كان محمود درويش رئيسًا فخريًّا للجنة وكنت أنا عضوًا فيها. وقد مات محمود قبل شهرين من افتتاح المهرجان الذي كان من المقرر أن تكون له أمسية شعرية يجري من خلالها افتتاح أنشطة المهرجان. وقد أبقينا الأمسية في موعدها المقرر، وقام الكاتب العربي السوري فاروق مردم بك، وهو من أصدقاء محمود درويش، بقراءة قصائد محمود بالعربية، فيما قام ممثل فرنسي شهير بقراءة القصائد باللغة الفرنسية أمام جمهور كبير من البلجيك والعرب.
كان محمود درويش إنسانًا مهذبًا ودودًا، حاضر البديهة باستمرار، ولديه قدرة على السخرية في كل الأوقات. وسخرياته تنمّ عن ذكاء حاد وعن ثقافة واسعة واطلاع جيد على تفاصيل الحياة، وتنمّ كذلك عن حب للحياة وللناس.
وكان محمود درويش يحتفي بالإبداع الجيد، ويثني على النتاجات الأدبية الجيدة التي يقرأها لكتاب آخرين، وكان يثني كذلك على ما يتمتع به بعض أصدقائه من سعة اطلاع. وكان لديه حرص أكيد على الوقت، لأنه كان قارئًا نهمًا ومثقفًا كبيرًا علاوة على كونه من أعظم شعراء عصرنا.


- بإيجاز , حدثنا عن جائزة محمود درويش التي حصلت عليها مؤخرا ؟ 
*أنا فخور بهذه الجائزة التي أعتبرها من أكبر الجوائز لأنها تحمل اسم شاعر عظيم هو محمود درويش. وأنا فخور بالجائزة لأنني أول فلسطيني يحظى بها. وأعتقد أن هذه الجائزة سوف تحفزني على مواصلة مشروعي الثقافي بمستويات أعلى وأكثر تميزًا وجدارة أدبية.


- هل تعتقد بأن المبدعين الفلسطينيين أمثالك قد نالوا حقهم بتسليط الضوء على إنتاجاتهم والإهتمام بهم كثروه ثقافيه وأدبيه هامه ؟ 

*أعتقد أن الاهتمام بالمبدعين سواء أكانوا كتابًا أم فنانين في بلادنا ما زال دون المستوى المطلوب بكثير. ربما كان لابتلائنا بهذا الاحتلال الإسرائيلي البغيض علاقة بذلك، حيث أننا ما زلنا لم نستكمل تحررنا الوطني بعد من قبضة الاحتلال. غير أن ذلك لا يلخص الوضع كله. بل إن استمرار هذا الاحتلال لأرضنا من شأنه أن يحفزنا على الاهتمام بكل عناصر المواجهة التي نملكها. والثقافة في اعتقادي هي من العناصر المهمة في هذه المواجهة، حيث من خلالها يمكننا أن نطوّر هويّتنا الوطنية ونعزّز صمودنا فوق أرضنا ونعمّق ارتباطنا المصيري بهذه الأرض. من هنا، يتعين على السلطة الفلسطينية وكل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المعنية بالثقافة أن تولي اهتمامًا أكبر بالثقافة والمثقفين وبالفن والفنانين، لكي تكون محصلة ذلك كله نهضة ثقافية دالة على شعب متحضّر مستعدّ لمواجهة الاحتلال حتى إحراز الحرية والعودة وتقرير المصير والاستقلال.


- ما هي أهمية الدور الذي يقع على عاتق المثقف في واقعنا الفلسطيني ؟

*على المثقف أن يكون صادقًا مع نفسه ومع الناس. عليه أن يكون ضمير شعبه من غير زيادة أو نقصان. وعليه أن "يفكّر بغيره" قبل أن يفكر بنفسه. فما دام اختار لنفسه أن يكون مثقّفًا، فإن تبعات هذه المهمة الإنسانية تحتّم عليه الانشغال بالشأن العام وما يصطرع فيه من هموم وقضايا ومتطلبات. قد تتفاوت مواقف المثقفين في ما بينهم. والمهم ألا يقف المثقّف في صفّ قوى القمع وتكميم الأفواه، وألا يلجأ إلى الغمغمة والمغمغة والتأتأة والتلعثم في المواقف الحاسمة. 
وأما بخصوص واقعنا الفلسطيني، فأعتقد أن من واجب المثقف الفلسطيني أن يضع نفسه من دون تردّد في معركة شعبه ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن أجل الحرية والاستقلال. ولن يتحقّق ذلك إلا بتحريم استباحة الدم الفلسطيني على أيد فلسطينية، وبوضع حدّ للانقسام بين جناحي الوطن. ثمة من لا يعمل بجدّ من أجل إنهاء الانقسام، وعلينا أن نخوض جدالاً حرًّا وديمقراطيًّا لتحديد المسؤوليات. ثمة ميل واضح إلى الشمولية هنا في الضفة وميل أوضح إلى الشمولية هناك في غزّة. وعلينا أن نناضل بشكل ديمقراطي ضدّ الشمولية التي يستشري في ظلها الفساد والمحسوبية وتغوّل الأجهزة الأمنية وتكميم الأفواه واستبعاد الرأي الآخر وحرمان الناس من الدخول إلى حيز العمل السياسي الهادف إلى خدمة الوطن والتضحية في سبيله. 
على المثقف الفلسطيني أن يكون مدافعًا عن الديمقراطية والتعدّدية وتداول السلطة لتعزيز الجبهة الداخلية، التي يتعين عليها أن تكون في مستوى التحدي الذي تفرضه علينا سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحاميتها الإدارة الأمريكية، وفي مستوى التصدي لكل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.


- الأديب محمود شقير , ما رأيك بصفحة مبدعون فلسطينيون والتي تهتم دائما بتسليط الضوء على المبدع والإبداع الفلسطيني ؟

*هذه صفحة متميزة مفتوحة لكل الجهود الإبداعية والفكرية الفلسطينية من دون تحيز أو محاباة. وهي تلقي الضوء على وفرة من تجليات الثقافة الفلسطينية، وتفسح في المجال لمزيد من الحوار والجدل الخلاق وتبادل الآراء. أحيي القائمين على هذه الصفحة الذين أعرف منهم: رائد الدبس، ماري عيلبوني، وصباح بشير. وإلى أن أتعرف إلى كل العاملين في هذه الصفحة، فإنني أرسل من هنا، من القدس، تحياتي للجميع من دون استثناء.

- كلمة أخيرة توجهها إلى متابعيك ومحبيك ؟

*محبتي وتقديري لصديقاتي ولأصدقائي من الكتاب والفنانين والقراء.

شكرا جزيلا لك ولتعاونك في انجاز هذا الحوار 
صباح بشير 
*نشر هذا الحوار على فيس بوك بتاريخ 20/4/2011

هل أنتم مع النجاح أم ضده ؟ / صباح بشير

ألان ,,  ورغم كل ما حققته المرأة وما تسعى إلى تحقيقه ,,  مزيدا من العراقيل تقف في طريقها , في سبيل تأخيرها عن إضفاء المزيد من الانجازات ,, نعم , لقد كانت المرأة العربيه تعيش في ظلمه حالكه وقوقعه ضيقة ومحدودة جدا فقد كان وعي المجتمع وتقبله لمشاركتها قليل جدا وقد بدى الفرق جليا اليوم , نتيجة نضال طويل قامت به نساء قياديات كان هدفهن السعي الى التغيير نحو الأفضل ..   أسعى اليوم لتوسيع الحوار بحيث تتسع له ألأفق لأناقش قضيه مركبه ومعقده نوعا ما ,  وربّما تكون هذه القضيه مشكله متشعبة تتسبب في إضفاء مزيدا من البؤس على وضع المرأة العربية البائس أصلا … فإنّني أسعى وسأظل أسعى لتعميق وإضفاء النظرة الشاملة على أجزاء ومحاور قضية المرأه حتى أستطيع من المساهمه في الوصول إلى أكبر قدر من ألأذهان والعقول النيره  , فقد نجحت العديد من النساء في مجتمعنا للوصول الى مواقع قياديه هامه , إلا أن النظرة الدونيه للمرأه على أنها لاتصلح لأن تكون مسؤولة أو قياديه , هذه النظره مازالت قائمة , وسط اتهامات قاسيه ومحبطه للمرأه ومستفزه لها لمحاولة إثبات ذاتها وإمكانياتها وقدراتها حتى تستطيع كسب ثقة من حولها وإرضائهم  ,,  فهي في نظرهم  ليست أكثر من إمرأه !  ضعيفه , عاطفية , و لن يكون بإمكانها مواجهة الأزمات والمواقف الصعبه  وعندما تثبت هذه المرأه الطموحه الناجحه والقياديه نفسها وتتمكن من إبراز شخصيتها وإمكانياتها العلميه والمهنيه , توجه لها العديد من الاتهامات والانتقادات القاسيه , فهي إذا , مستبدة ومغرورة أو مسترجله  !! 
 ولكن لنتسائل كيف هي صورة المرأه القياديه الحقيقيه ؟  وحتى وإن استطاعت المرأة القياديه إثبات إمكانياتها وقدراتها إلا أنها تقف مكبله أمام حدود لن تتمكن من تجاوزها ولن تسمح لها بنجاح أكثر ,  بسبب الثقافة الذكورية ألأبويه , هذه الثقافه الباليه والتي تأخرها وتمنعها من تسجيل مزيدا من التفوق على لوحة الإنجاز !!!
 فتعاني هذه المرأه من افتقارها للحريه  , ومراقبة تصرفاتها وسوء تفسير مواقفها او كلماتها وتحركاتها فتشعر دائما بأن هناك رقابة شديدة على تصرفاتها وحديثها  ! فهناك دائما من هو موجود فقط  ليتهمها بسوء المعاملة  أو لمحاسبتها  على كل شاردة أو واردة ! مما يقيدها ويجعلها دائما تشعر بأن هناك تطفل على حريتها ورقابه من الأخرين عليها  ..
أيضا هناك مشكله هامه لا يتطرق اليها أحد.. ألا وهي غيرة المرأه من نجاح المرأه  فالموروثات الاجتماعيه لديها وللأسف تجعلها تخاف وتحذر دائما من المرأة الناجحة والقياديه باعتبارها الأقوى والأكثر ذكاء ونجاح وعطاء ليتسبب ذلك في قلقها الدائم منها ومن نجاحها لتعمل على اختلاق المشاكل لها لتعيق تقدمها في محاوله لتحطيم نجاحها , حتى لا تشعر بالدونية تجاهها ! وكم يؤلمني حقا ان البعض منهن لا تضيع فرصة لاقتناصها  لتبدأ بالقذف والمحاربه بشتى الطرق لمحاولة إحباط تلك الناجحه وتقليل شأنها وتصغير وتحقير نجاحها وانجازاتها ودون أن تملك أدنى مبرر !  والغريب في الأمر أن المرأة أحيانا قد تغار من المرأة, من قوتها واستقلاليتها  ونجاحها ، أو من جمالها أو من أي صفة تمتاز وتتفوق بها عليها , وكلما حاولت أي امرأة أن تحسن من وضع المرأة في هذا المجتمع الذكوري ، واجهت صعوبات عظيمه من المجتمع أولا ومن المرأة ثانيا !!   فما أن تخطو خطوتها الأولى بنجاح ، حتى تجد في وجهها نساء عديدات يعرقلن مسيرة نجاحها , بالإضافه الى العديد من أعداء النجاح من الرجال !
فمع الاسف ان فكر الذكورة والمجتمع الأبوي لا ينحصر على الرجال فقط ! فهناك الكثير من النساء اللواتي يفتخرن بحملهن تلك الأفكار القديمه التي تدعوا إلى قتل المعالم النسوية لوضع المزيد من القيود ضد المرأة ولخدمة العقلية المتخلفة التي تكرس تجاهل إبداع المرأه وتفوقها ونجاحها في شتى المجالات  ..
ومن خلال تجربتي في عملي وكناشطه إجتماعيه , هذه التجربه والتي لاقت الكثير من النقد والتجريح .. فبمجرد الحديث عن حقوق المرأة كحقوق انسان في مجتمعات ذكوريه له محاذير كثيرة تقام الدنيا ولا تقعد !  فكيف يمكن أن تكون هذه الظروف المحيطه بنساء إخترن أن يأخذن على عاتقهن العمل على التغيير في مجتمع لا يزال غارقا في صراعات المحرم والممنوع والمسموح !  مما يؤخر مسيرتهن ويطمس ابداعاتهن ويحجمها .. كما ان شعور هذه المرأه الدائم بالخوف من اتهامها بالتكفير أو الإنحلال الخلقي , يجعلها تراوح مكانها .. ولا يمكننا أن نخدع أنفسنا فما زال وجود  المرأة في المجال العام ضعيف شكلا ورمزا ، وما زالت النساء لاتشاركن بشكل فعلي في الحياة العامة بما يتناسب وكفاءاتهن وبالتالي ستظل المرأة مغيبة عن كثير من المجالات إلى أن يتغير المناخ الثقافي التقليدي والذي يحد من حركة المرأه وبالرغم من أن المرأة القيادية تمتلك صفات يفتقر إليها الرجل ,  وهي صفات مهمة للوصول والبقاء في المواقع القياديه , منها قدراتها الهائله على تحمل الضغط وبشكل أكبر , ومثابرتها ونضالها للوصول إلى التفوق والنجاح وإثبات امكانياتها وقدراتها , نجد أنها كثيرا ما اتهمت هذه المرأه بالعاطفيه نظرا لطبيعة الاختلاف والتكوين بينها وبين الرجل , إلا انها أثبتت بأنها أقل فساداً من الرجل فلم نسمع  يوما أو نجد حتى الان نساء تعاملن بالرشوة أو المحسوبية إلا ما ندر , كما أنها أكثر ميلاً من الرجل للعمل بروح الفريق .. كما تفتقر المرأه القياديه الى الدعم الإعلامي والمصادر الماليه التي هي مكونه اساسيه من مكونات النجاح الحقيقي .. هذا بالإضافه الى هيمنة الرجل على المناصب القياديه العليا والسياسات المنحازة له دائما ، وفقدان خيارات القيادة والتدريب والتأهيل، وعدم إشراكها في  صناعة القرار,,
كما تعاني صعوبات خاصه بها , أهمها التوازن بين الحياة الشخصية والعائلية وبين وضعها في عملها , فكونها امرأه قياديه يفرض عليها ذلك بأن تكون في كامل الاستعداد والجهوزيه لأي طارئ بأي ظرف ووقت, وذلك بالتواجد والتواصل دائما مع الحدث , بغض النظرعن ظروفها الشخصيه أو العائليه , ولا ننسى في بعض الأحيان ذلك الرجل الشريك والغير متفهم لظروف ووضع زوجته القياديه وما يتسبب به لها من ضغوطات نفسيه شديده ومؤلمه نظرا لانزعاجه الشديد لتفوقها المهني والإجتماعي عليه مما يتسبب في خلق أجواء عائليه مشحونه لها !
إذا هي تدفع ثمن باهظ لنجاحها وتفوقها ضعف ما يدفعه الرجل لنجاحه , ومن هنا لا أرى سببا حقيقيا  باعتبارالرجل أكثر تفوق على المرأه بالقياده وإنما يعود السبب الحقيقي لتفوق الرجل , إلى ثقافة تهميش المرأة في المجتمع لا اكثر!
إن تطورالمرأة ونجاحها يرفع من مستوى إدراكها وقدراتها الشخصية والأسرية لتكون ذات قوة إيجابيه تدفعها للمنافسة على الكثير من المواقع القيادية مما يعود بالفائده على المرأه في تقدم قضيتها وشؤونها على كافة المستويات وذلك للنهوض بأوضاعها ، وتعزيز مكانتها، وتمكينها من ممارسة دورها الحقيقي في تنمية مجتمعها , فالمرأة القيادية والناجحه هي محل ثقه وفخر لمجتمعها , وإننا عندما ننهض بالمرأة نهتم بالجيل القادم كاملا , فالروح القياديه لا بد من تنميتها في بيئه خصبه لتتمكن من النمو بشكل صحيح وسليم وبالتالي يتمكن القائد من التأقلم ومواجهة الصعوبات والعوائق , ويصنع إنجازات يفخر بها مجتمعه ليباهي بها العالم، فالقائد قائد، إن كان رجلاً أم إمرأة , وهذه هي المعادلة الأساسية فى صناعة النهضة والحضارة .. لنشجع النخبة من نسائنا ليعتلين القمة ويصعدن سلم النجاح , ولنكن سندا لهن لا سلاحا مسلطا عليهن , فهن فخرا للوطن , ومن تسعى لتقديم أفضل ما لديها لمجتمعها من خلال نجاحاتها وتفوقها هي  امرأه تستحق كل احترام وتقدير , فكل التحيه الى جميع النساء المناضلات على كافة الجبهات الاجتماعيه والإقتصاديه والسياسية من أجل غد أفضل .. 

- هذا المقال قديم جدا وقد تم نشره قبل عدة سنوات 

اسمحوا لي / صباح بشير

يحضرني وبقوة موضوع اجتماعي هام لأطرحه هنا بحرية فكرية واسعة .. عدم احترام الحرية الشخصية للإنسان في مجتمعاتنا العربية ..
وبالتأكيد جميعنا عانينا من ذلك رجالا ونساء ! النفاق الاجتماعي البغيض الراسخ في ثقافتنا العنيفة ضد الآخر وعدم تقبله بشخصه كما هو ! عدم الحب والاحترام ، الغيرة  ، الحقد  ، الجهل وقلة الوعي ، كل ذلك  يتسبب بتدخل اجتماعي وعائلي لكل فرد من أفراد الأسرة والمجتمع أحيانا ، بالتالي انعدام العدالة الاجتماعية !
والسؤال لماذا لا نتقدم فعلا كمجتمعات تسعى للتحضر والتغيير للأفضل  ؟
إن السلوك الاجتماعي عادة ما تتكون لبنته الأساسية من مفاهيم ذاك المجتمع بفكره وتقاليده …
فاحترام حريات الآخرين هي منتهى التقدم والتحضر .. فلم نتناسى ذلك ؟ وان عدم احترام معتقد وفكر الآخر إنما ينتج عن تربية عنيفة خاطئة  لا تتسع ولا مكان فيها لاحترام الإنسان بذاته وبفكرة  .
فعندما احترم الآخر إنساناً وفكراً ، ظاهرا ، شكلا ومضمونا ،  أكون قد هيئت لامتداد وبناء لجسور تحمل الثقة والمحبة …
فلماذا تفتقد مفاهيمنا للحياة العقلانية المنطقية التي تستمد من السلوك المتحضر والفكر الواعي ؟
ومع الأسف مفاهيمنا لا تخرج عن مفهوم ( القوي يأكل الضعيف) وأساليب التفاهم بالقوة والعنف ، وحوارنا يزخر بالكلمات القاسية والشتم والسب !
نحن حتى اليوم لا نجيد ثقافة الحوار مع الأخر كما نفتقد إلى الوسائل الحضارية في الإقناع  !!
التدخل في شؤون الآخرين ، سلوك سلبي هدام نتقبله وكأنه أمر واقع لا جدال فيه !
فنجد الكثير من الناس يتدخلون في ما لا يخصهم ، من منا لم يتعرض للقيل والقال ؟ الجميع قلق ومهتم بالآخرين، يدسون أنوفهم فيما يعنيهم وما لا يعنيهم ، وكأنهم يملكون حق الوصاية على بعضهم البعض ،
.. ومن منا لا يخشى ردود فعل الناس وكلامهم ..
وأقسم بأن هناك من يفضل العيش على حاله بمأساته خوفا من التغيير ، لأن التغيير سيتسبب برفض المجتمع لتصرفه وعدم تقبلهم له .. فمنا من يفضل العيش في قوقعه ضيقه ومؤلمة خوفا من كلام الناس .. هناك من يفضل العيش تحت سقف زواج فاشل يتجرع الألم يوميا ويرفض الطلاق خوفا من كلام الناس ! فالمطلقة تخشى كلام الناس !
وهناك من يرفض وظيفة مناسبة أو ترقية تساعده على العيش الكريم إلا انه يرفض خوفا من كلام الناس رغم حاجته الماسة لها  !  هناك من قهر موهبته وكبتها وظلم نفسه خوفا من كلام الناس ! وهناك من يضطر للقيام بأفعال لا يريدها  خوفا من كلام الناس فقط  ! وهناك من يتبنى آراء لا يؤمن ولا يقتنع بها حقيقة إنما فقط خوفا من كلام الناس ! وهناك حالات وحالات ……… الخ
وأحيانا تجدنا نلجأ لتلوين الحقيقة واختلاق الكذب دفاعا وتحصينا لأنفسنا من أقاويل الناس التي تنهش بنا دون رحمة  !
الكثيرين منا عانوا من تدخل الآخرين بهم .. الأسرة أو الزملاء أو حتى الأصدقاء .. المجتمع ! فلمـاذا وصل بنـا الحال إلى الخوف منهم إلى هذه الدرجــة ؟  لما هذا الخوف من نظرة المجتمع لنا ؟ وكيف يستمد هذا الخوف شرعيته ليرهبنا بهذا الشكل ؟ وهل يعقل أن نستمر بفعل أشيــاء لا نرغبهـا .. من أجل إرضـاء النـاس فقط  !
بالتالي .. كيف نقضي على مثل هذه الآفات الاجتماعية الضارة التي تفتك بنا يوميا ؟ والتي لا هدف لها سوى الإساءة  للآخر والتقليل من شأنه وإنجازاته !
من هنا تنبع أهمية تصفية ثقافة المجتمع من الأفكار السلبية الغير إنسانية ، والتي تسللت إلينا خلال عقود عبر مسلمات ، معتقدات أو موروثات خاطئة  توارثتها الأجيال ..
نحن نعلم أن الثقافة لها دور كبير في ترسيخ القناعات الإنسانية لذا .. فإن الخطورة تكمن في إهمال معالجة هذه الآفة ،  بمهاجمة الإنسان ،  بإنسانيته وشخصه وثقافته ومعتقدة وفكره ، مما قد يتسبب بتدميره واغتياله معنويا وفكريا وأخلاقيا ، فهي تريد أن تنتزع منه البعد الإنساني وأن تبعده عن المجتمع كعضو اجتماعي فعال ..
إذاً فإلى متى هذا التخلف الثقافي من الفضول و التطفل على حياة الغير والذي يخلف الخوف مما يتسبب بانتشار الكراهية ؟
الكراهية .. هذه الطاقة النفسية السلبية غير الصحية  ! فإلى متى سنرضى أن نعيش حالة من الاستبداد والقسوة لنستمتع بجلد أنفسنا ؟
أخيرا .. إن احترام خصوصية الإنسان من أهم المبادئ الأخلاقية والإنسانية التي يجب على الجميع الالتزام بها … فلا حرية ولا كرامة للإنسان في ظل تدخل الآخرين بشؤونه الخاصة ….
وهنا يحضرني شيئا مما قرأت  يوما  …
(ضحكت فقالوا  ألا تحتشم ، بكيت فقالوا ألا تبتسم ، ابتسمت فقالوا يرائي ، عبست فقالوا بدا ما كتم ، صمت فقالوا  كليل اللسان ، نطقت فقالوا كثير الكلام ،حلمت فقالوا ضعيف جبان ولو كان مقتدرا لانتقم
فاستبسلت فقالوا لبطش به ولو كان جريئا لحكم .. فأيقنت أني مهما فعلت .. رضا الناس غاية لا تدرك !! )


الصراع العربي في البحث عن الذات / صباح بشير

ما من شك بأن ثورة المعلومات التكنولوجية التي غزت العالم في عصرنا الحالي قد وضعتنا في خانة صعبة ، لقد تربينا ضمن أسس ومعايير معينة في مجتمعات منغلقة تخاف المستقبل وتعتقد بأنها أفضل أمة أخرجت للناس ! ها هو العالم يصبح قرية صغيرة سرعان ما تنتقل فيه المعلومات بالصوت والصورة وبفائق السرعة ، بينما وجدنا أنفسنا مضطرين لمواجهة تحدّيات العصر باكتشافاته واختراعاته المتسارعة ، مما دفع بنا لمقارنة أوضاعنا وأحوالنا في ظروفنا الحالية بتلك الأزمان السالفة ومقارنتها بسائر الشعوب التي تقدمت خطاها في كافة المجالات ، ولما كان الإنسان العربي يترعرع ويعيش على أساس تقديس وتمجيد العصور والبطولات الإسلامية الماضية ، بينما بقي هو فعليا دون إبداع أو إنتاج حقيقي يساعده على التطور ومواكبة العصر فظل حبيسا منغلقا على نفسه وسوقاً إستهلاكية لكلّ ما تنتجه شعوب الأرض المتقدمة عليه بأفكارها وعلومها وسلعها المختلفة .
عندما نتأمل بعمق نجد أننا عشنا الاضطهاد والألم والخوف وشتى أنواع الكبت الفكري والنفسي في صراع طويل في سبيل البحث عن ذاتنا المفقودة التي فشلنا فشلا ذريعا في العثور عليها أو إيجادها ! وسط كل ذلك قمنا بالإساءة إلى أنفسنا وأوطاننا وللآخرين .
لقد تغيرت الأخلاق وسير التعامل من اللين واللطف والتفهم إلى شتى أنواع العنف الفكري والمعنوي والنفسي والجسدي ، فأصبحنا نشاهد ونتابع يوميا شتى مظاهر العنف وممارسة القهر على الآخر كائنا من يكون قريب أو غريب دون أدنى شعور بتأنيب الضمير .. لقد أصبح العنف أحد أهم لغات العصر ! 
ألا يثيرما نراه يوميا من مشاهد عنيفة هنا وهناك الجدل والاهتمام ؟ فما نراه حقا لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية ! أما عن أوضاعنا الاجتماعية والحياتية الصعبة فحدث ولا حرج ، لينتج عن كل ذلك ممارسات يومية وسلوكيات لا أخلاقية وردود أفعال سلبية في التعبير والتعامل مع الغير .
إن انعدام توازن السلوك والقلق وقلة الحيلة تعكس نفوسا متوترة غير مطمئنة لا تشعر بالأمان ، الحاجة للإحساس بالأمان دفع الكثير ممن حاول خلق أجواء من الطمأنينة لنفسه فلجأ للدين في رحلة البحث عن الله والحياة الآخرة الدائمة ، دون التركيز على الجوهر في تهذيب النفوس وترقية السلوك ! نرى الأغلبية الساحقة في بلادنا العربية تدعي التدين دون أن نلمس أي أثر إيجابي في المعاملات بين الناس ، فنعيش يوميا ونشاهد أذى الناس لبعضهم البعض وتعطيل مصالحهم سواء بالقول أو الفعل ، الرشوة ، الكذب الغش والنفاق.
لقد نسي هؤلاء بأن الانسانية والخير والمحبة لا دين لهم !
ونسوا أيضا بأن الأخلاق هي العنوان لشعوب الأرض وهي من أهم المقومات الحضارية والقيم الإنسانية والمعنوية في الحياة وهي السرالكامن في نجاح الإنسان . 
وفي ظل غياب المبادئ والأخلاق التي هي الوحيدة القادرة على تنظيم المجتمع تنظيماً إنسانيا وحضارياً ، وفي ظل سيادة شريعة الغاب للمجتمعات وتجاهل المبادئ الأخلاقية مما قلب كلّ شيء رأساً على عقب في حياتنا بالرغم من تعلق الإنسان بالسماء وتديّنه المتزايد يوميا ! نكتفي فقط بتقديم الكارثة التي سنصلها مستقبلا ، وفقط نستعين بالأديان دون الإنسانية والأخلاق والعلم والعمل لنخلِّص نفسنا مما آلت إليه ! 
إن الاستمرار بنهج التطرف الديني كمبدأ ، والتعصب للرأي وعدم تقبل الآخر ، وانتهاج سلوكيات العنف اللاأخلاقية والتقاعس عن تحصيل العلم لمواكبة الشعوب المتحضرة في سيرها قدما نحو الأفضل ، وذلك بالإكتفاء باستهلاك علوم الآخرين دون المساهمة في بناء الحضارة، أدى بنا للوصول لما نحن علية اليوم من نكبات متتالية وشعوب مشردة ومجتمعات مفككة ونسبة فقر وجهل عاليين ، نقتل بعضنا البعض لأجل السماء وننسى أن نعمر الأرض التي عليها مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأوطاننا والأجيال القادمة .
فبالأخلاق نؤسس ونربي الأجيال الصالحة وننشئ ونتعلم وننتصر . 
لنحترم الآخر إنسانا وفكرا ولنحمل الإخلاص في العمل ونهيئ النجاح لامتداد يحمل ثقافة المحبة والإحترام .
لنبتعد عن المغالاة في التعصب ولنوقف انتشار فكر التطرف الديني فأصحاب هذا الفكر يعيثون في الأرض فسادا ، يكفرون الناس لمجرد مخالفتهم لهم في الرأي ويتوعدون بالإبادة ! ولنقارن أنفسنا بباقي الشعوب مقارنة ايجابية غير مَرَضيًة .. فليس من العيب تقليد الشعوب بما هو إيجابي يحقق لنا النهضة والتقدم ويخدم مصالحنا ويعيدنا الى مصاف الامم المتحضرة .
لننبذ مفاهيمنا الخاطئة وأساليب التفاهم بالقوة والعنف ، ولنضيئ حواراتنا بالثقافة والعلم والأدب والأخلاق ولا نجعلها تزخر بالكلمات القاسية والشتم والسباب !
الشعوب الواعية المثقفة المتحضرة هي التي تراجع نفسها بين الحين والآخر ، تقارن حاضرها بماضيها ما لها وما عليها ، لتستشرف آفاق مستقبلها بقلب مخلص أمين على أوطانها .
أخيرا أود أن استذكر ما قاله الشاعر الصوفي الكبير جلال الدين الرومي : 
في شريعة العقل يعلم كل عاقل أن المتغير لا بد له من مُغير ، وما أساء عديم الأدب الى نفسه فحسب ، لا .. بل أضرم النار في كلّ الآفاق.

(نشر على صفحات جريدة القدس العربي بإسم صباح بركات بتاريخ 21 نوفمبر 2014)

هنا القدس / صباح بشير

عندما لا تجد من يسمعك .. تناول القلم واكتب .. لن تخذلك أوراقك ، ولن يخذلك قلمك .. فهما كفيلان بالإنصات إليك بمنتهى الإخلاص .. ولتعلم دائما بأن الحروف حينما تخرج من الألم ستسطر أوراقك بأروع الكلمات وأصدقها …
مدينة القدس تروي قصة الأيام وكلما اردت الكتابة عنها .. تتلعثم الكلمات وتحاصرني روحي بقسوة أعظم من قسوة حصار الحواجز في بلادي ! ما زلت اشتم رائحة طفولتي حول أسوار مدينتي العتيقة  بأحجارها وبتلك الزهور المتناثرة في الطرقات هنا وهناك ، بشجرها ، شوارعها أسواقها وأزقتها القديمة ..
وطن عبث به العابثون فدمروه ! فبات الإنسان فيه كأوراق الشجر ، يحملها الخريف برياحه كيفما يشاء ، ويرميها مجددا اينما يشاء ! فهل ما زال في الأفق شعاع يبشّر بالنور ؟ وهل سيستعيد طائر الدوري قواه ليطير مجددا بعد أن قسا عليه الدّهر وفتكت به عاصفة هوجاء انتزعت جناحيه وحرّيته لتتبدل ملامحه شيئا فشيئا ويستوطن الحزن في عينيه !  أُغلق باب الرجاء ، فلم تعد تستجيب السماء لدعوات الأمهات ، وبفقدان الأمل استوطن العجز قلوبنا فباتت الكلـمات باردة ..
يا وطني هل ما زال هناك أمل لأبنائك في الحرية ؟ وهل أصبح الحلم بعيد المنال ؟  قصرت المسافة بين الأرض والسّماء البعيدة ، فكثر الموت ! وتحول الوطن إلى سجن ، الشوارع باتت تضيق بخطــوات التائهين ، لم نعد نرى سوى الظلال !  صفحات تاريخك يا وطني مرسومة بلون التضحيات والألم !
هنا القدس ، هنا الأمس واليوم والغد الحزين .. لطالما روينا الحكاية ، ولكن عندما يُكسر القلب من الظلم يُقتل الحلم ويصمت اللسان .. فماذا تبقى لنا ؟
أيتها القدس التي استوطنت قلوبنا .. أنت فقط من نحبُ ، أنت مهد الصبا ومنبع ذكريات الطفولة ومرتعها …
هنا القدس .. مدينة متدثرة بعبق التاريخ والحواري العتيقة .. ثمة أشياء يصعب شرحها أو قد لا تحتاج الى لغة لتشرحها ، فما ان تحط رحالك في رحابها إلا و تقفز الدموع من عينيك فتُغرق الإبتسامة ! هناك في القلب غصة وألم موحشان ! أيّ بلاء وأي عقاب أصابك يا قدس فأطفأت شعلتك وخنقت توهّجها ؟
وطـني هواؤك عطـرنا وبعطره لا زالت قلوبنا تنبض وتحيا … في حضرة القدس يكون اللقاء ، وإستحضارا للشهادة أمام ضحالة الحياة ، واستحضارا لكل القيم التي أجتمع عليها كل مناضل لن ننسى شهداءك الحافظين لعهدك يا قدس ، فقضوا دفاعا عنك حين هانت عليهم أنفسهم أمام عظمتك .. تحية إلى كل ام أهدت فلذة كبدها فداء للوطن ليُزَف في عرس الشهادة نحو السماء معطرا برائحة التراب وصوت الزغاريد … !
بكل بساطة .. اكتشفت أنّني أقيم فيك هناك ولم أغادرك أبدا ، أحبّك يا عصيةً على الموت ، وحين سنلتقي سأحبك اكثر فأكثر ، وحينها سيزهر الأمل مروجاً خضراء تبشّر بقدوم العيد ..

 ستبقى هناك دائماً مساحةٌ للحلم فرغم الألم يبقى الأمل ،  يليق بك الحب والفرح يا قدس وتليق بك الإبتسامة ، وسنظل نسعى للفرح ما استطعنا اليه سبيلا …
(نشر بتاريخ 1ديسمبر 2014 على صفحات جريدة القدس العربي بإسم صباح بركات)

الإغتراب الفكري في العالم العربي / صباح بشير

في ظل ما نعيش من أزمات سياسية واقتصادية في عالمنا العربي تؤثر بشكل مباشر على جميع مناحي الحياة ، نعيش حالة ركود ثقافي وجمود فكري واضح ، يُنتج أزمة ثقافية نمر بها ، لا تقل خطورة على المجتمع العربي من خطورة ما نشاهد اليوم من القتل والدمار ! 
في هذا الوقت العصيب نحن نحتاج لسماع صوت مفكرينا ومثقفينا العرب وذلك لتعزيز حالة الوعي لدينا ، لأجل البدء بالإسهام في بناء مسيره نهضوية إيجابيه تعزز وتحقق الرؤية لإصلاح إجتماعي فكري ، إنساني ، وحضاري .. 
هنا لا بد أن تعود بنا الأسئلة حول دور المثقف العربي وما يعيش من أزمات تعددت ملامحها وجذورها ، ابتداء بمأساة انعدام حرية التعبير في مجتمعاتنا وصولا لرفض ومقاومة حرية التغيير ! 
لا أزعم أبدا بأن هموم ومشاكل المثقف العربي هي هموم خاصة به لا يعاني منها الجميع ، إلا أن للمثقف دورا خاصا في الوقوف أمام هذه التحديات وذلك بإعادة الروح لإحياء أفكار خلاّقة من خلال نسج مفاهيم جديدة لترتيب العلاقات مع واقعنا الحالي ، للمساهمة في التغيير نحو الأفضل ولقلب الأولويات وانتهاج مسار حديث مغاير للتفكير وواقع السياسات ، وابتكار سياسات فكرية جديدة . 
إذاً ما هو المطلوب من المفكر والمثقف العربي ؟ 
لقد أخذت حرية الرأي والتعبير القسم الأعظم من معاناة المثقف العربي في علاقته مع السلطة الاجتماعية والسياسية ! مما أثر سلبا على نشاطه ، وتضاؤل حراكه لتبدأ الأزمة تضغط بقوة على وعيه ! لا أنكر بأن حرية التعبير اليوم تختلف نسبياً عن الفترات الماضية ، فاليوم هناك فضاءات واسعة فرضت نفسها بفضل ثورة المعلومات التكنولوجية ومواقع التواصل الإجتماعي على شبكات الإنترنت التي ساهمت بمنح بعض التغييرات لنتجاوز أطر التعبير التقليدية السابقة التي طالما خضعت للرقابة ، لتتاح لنا نوعا ما مساحة أفضل للتعبير .
وتبقى المشكلة ليست في حرية التعبير فقط ، إنما في الدور الحراكي والمجتمعي المنوط بالمثقف .
يشكل كل ذلك الخطوط العريضة لبداية الطريق وبداية الحراك للمثقف الجديد ، للتنسيق فيما بين الخطاب الحقوقي للإنسان العربي وبين المعاني الفكرية التي يؤمن بها .
على المثقف والمفكر العربي أن يفكك الأوهام لإزالتها بتحطيم حواجز العجز لمواجهة الأزمات الخانقة وذلك لإنتاج أفكار جديدة خلاقة ترفع من أساليب وأدوات التحليل والتشخيص للحالة الراهنة في محاولة لخلق وابتكار الحلول للإصلاح السياسي والاقتصادي و الإجتماعي . 
على المثقف الدفاع عن مبادئ العدالة والحرية وحقوق الإنسان بعيداً عن مصيدة التحزب السياسي ، عليه أن يدرك بأن الانحياز الأخلاقي للمبادئ والقيم أنجع من الإنحياز للسلطة ، فلا حضارة لمجتمعات دون ثقافة ومثقفين يدافعون عن الحق وينصفون كل مهمش ومحروم وينتقدون الفساد .. عليه أن يتجرأ ويتجاوزعقدة الكبت والخوف التي سكنته منذ عقود .
في ظل الظروف الحالية القاسية على المثقف العربي ترك عزلته وتجاوز الثغرة فيما بينه وبين مجتمعه . لا أوجه له اللوم حين شعوره بفرق التفكير ونظرته للأمور فيما بينه وبين محيطه الرافض لكل جديد مما قطع العلاقة بينه وبين مجتمعه ليفقد بذلك حضوره وتأثيره أثناء التعبير عن أفكار ومفاهيم تصطدم مع المعتقدات السائدة ، فيواجه بردود أفعال توهن من عزيمته وتثبطها لتشكل سببا بشعوره بالغربة الحقيقية في وطنه ! مما دعاه الى الهجرة والرحيل هربا من الجهل والأفكار السلبية الهدامة والمعتقدات البالية ، حيث الغرب نحوالإنفتاح والاطلاع الواسع والحرية الفكرية .
بالتالي يُجهَض مشروعه نحو التغيير الثقافي لتتكرّس عزلته وتتعطل أهم أدواره الأجتماعيه والفكرية ، فيقع المثقف العربي فريسة للأحباط لأنه لا يشعر بأن فكره يقوم بتغيير ملموس وحقيقي في المجتمع مما يوسع الفجوة بينه وبين مجتمعه لينظر له نظرة دينوية منفرة ! 
على المثقف بذل مزيد من الجهود بدراسة أسباب مشاكل مجتمعه ورؤيتهم ، ليقف معهم ويتقرب اليهم وليكون في الصفوف الأولى في محاربة الجهل والتخلف والظلم وغيره من الآفات .
إنني لا أدين المثقف العربي فهو يعاني الغربة الفكرية في وطنه ويعاني الغربة الحقيقية حين يهاجر وطنه متطلعاً إلى الحضارة والحرية أملا بغد أفضل .. 
الإغتراب الفكري يشكل الأزمة الداخلية للمثقف .
لا يمكن للمثقف والمفكر أو المبدع من الإنتاج الحقيقي في ظل اغتراب فكري يخنقه ضمن منظومة فكرية صارمة مستبدة تنشئ حالة من الإنفصام بين المثقف والمجتمع ، فإن لم يكن هناك دعما وانسجاما من داخل بيئته ولم يتوافق محيطه مع منظومته الفكرية ، فإنه سيصطدم بالواقع دون أي حراك إيجابي أو انتاج حقيقي له ، بازدياد شعوره بالغربة داخل وطنه وتهميشه .
إن المجتمعات التي لا تملك شرائح ونخب من المثقفين والمفكرين لا تملك أي مقومات للنجاح ! نحن بحاجة للطاقات والنماذج الخلاقة .
على المثقف أن يدرك ما تبقّى له من مواقع وأماكن مؤثرة ليستثمر فيها جهوده ، وعليه أن يدرك ويعي المسؤوليات الجديدة التي فرضتها علينا التغيّرات في المنطقة والعالم .
إن صورة بسيطة قد تنشر على أحد المواقع الإجتماعية مع تعليق بكلمات إنسانية تحمل رسالة صادقة ، قد تؤثر في الملايين من الناس ! فصانع الخطاب الناجح يشكّل اتجاهاً ثقافياً له محاكّاة وملامح وآثار .
أننا لن ننهض ولن نتقدم إلا بالعلم والثقافة وعقول مثقفينا النيرة , لنحرر عقولنا من الجهل ! فالإنسان أولا وأخيرا ..

( نشر هذا المقال بتاريخ 10ديسمبر 2014 في جريدة القدس العربي بإسم صباح بركات) 

صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد

  ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاح...