بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 مايو 2021

يدا بيد نحو مجتمع أفضل

 

صباح بشير

تمثل الإناث نصف سكان العالم وبالتالي نصف إمكانياته، وعلى الرغم من مرور أكثر من قرن على النشاط النسوي إلا أن النساء في مجتمعاتنا العربية لا زالت مستمرة في مواجهة التهميش وعدم المساواة، تلك اللازمة لإطلاق إمكانيات المجتمع السليمة.  يعود السبب لعدم إحراز تقدم حقيقي في مجال حقوق المرأة في العالم العربي لصمود النظام الأبوي وخضوع المرأة للمعتقدات الثقافية والتقاليد السائدة في هذه المجتمعات، كذلك للسلطة القائمة على الطبقية  والجنسانية.

منذ نهاية القرن التاسع عشر بدأت نساء الطبقة الوسطى والنخبة في دخول معترك الحياة العامة، وذلك من خلال تأسيس الجمعيات الخيرية والنقابات النسائية التي دعت للمزيد من الحقوق في الزواج والتعليم، لم تكن هؤلاء النسوة  “يقاومن النظام الأبوي” بل رأين أنهن يساهمن في النضال ضد التخلف، فأصبح ظهور المرأة علامة رئيسية للهوية بالنسبة للطبقات الوسطى الناشئة وتجسيدًا لمفهوم الحداثة.

المفكر المصري قاسم أمين رأى أن وضع المرأة المسلمة أحد أسباب التخلف، وفي كتابه تحرير المرأة عام1899م، كتب أن المرأة هي العمود الفقري للمجتمع، وربط أسباب التخلف بنقص تعليم المرأة والحجاب وخضوعها للرجل، ثم بدأ في الدعوة إلى ضرورة رفع مكانة المرأة من منطلق وطني وأخلاقي، وألقى باللوم على التقاليد في اضطهاد المرأة، واستخدم النصوص القرآنية لإثبات حقوقها.

يقع اللوم على عاتق النزعة المحافظة المتزايدة منذ نهاية السبعينيات، فقد كانت الخمسينات حتى السبعينات من القرن الماضي تشهد نظرة أكثر علمانية، وربما كانت ثورة 1979م في إيران هي المحور الأكثر وضوحًا في التوجه نحو التعصب، أما الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979م فاستخدم الجماعات والأيديولوجية الإسلامية المتطرفة لمحاربة الشيوعية، كما أدى استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى تغذية التطرف، ومن أفغانستان حتى المغرب، اكتسبت الحركات المحافظة أرضًا خصبة مما زاد من ترسيخ الفكر الديني المتشدد الذي كان في جوهره كارهًا للمرأة.

صعود الحركات الراديكالية بعد عام 1967 م –  مصر نموذجا .

عند التفكير في الاضطرابات التي انطلقت بعد عام 1967م ، والتي كشفت عن بعض أوجه التشابه المثيرة للاهتمام مع الفترة من 2011م حتى 2013م ، فقد أدت هزيمة عام 67م إلى التشكيك في شرعية المشروع العربي وإلى حقبة جديدة في السياسة العربية.  في مصر أطلقت الصدمة العميقة العنان لحركات معارضة جديدة بسبب الغضب من تلك الهزيمة، وذهبت مطالب المتظاهرين والطلاب الراديكاليين إلى أبعد من ذلك، فقد نادوا بمزيد من الحريات السياسية، كانت قضايا حقوق المرأة وتحريرها تخضع للأهداف الوطنية والسياسية لمقاومة الإمبريالية والاستبداد والنضال من أجل العدالة الاجتماعية، أقرّ قادة الحركات بضرورة حشد النساء للمشاركة كوسيلة لتحديث المجتمعات العربية، نجحت هذه الحركات في حشد الشابات للمشاركة في النشاط السياسي، وأتاحت الاضطرابات التي أعقبت عام 1967م فرصًا لتجاوز المعايير السائدة بين الجنسين، وخلقت بيئة اجتماعية متغيرة بدأت فيها الحركات النسوية والاجتماعية بالظهور لتحدي الوضع السياسي والجيوسياسي والاجتماعي، ومع أن هذه الحركات كان لها مواقف إشكالية من الناحية الأيديولوجية تجاه المساواة بين الجنسين، إلا أنها وفرت أرضية لتجاوز المعايير السائدة للاحترام الجنساني، من خلال المشاركة في المظاهرات وتحدي السلطة، هكذا قامت النساء بمواءمة أدائها للبنى الجندرية الجديدة مع مقاومة الوضع الاجتماعي والسياسي والجيوسياسي في ذاك الوقت.

بعد توقيع الرئيس أنور السادات معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979م ، بلغ الدعم الأمريكي لمصر مليارات الدولارات كمساعدات كانت تستهدف في حقيقتها الثورة المضادة والقوى السياسية الراديكالية والنوع الاجتماعي، حاول الرئيس السادات تقويض الحركات السياسية الراديكالية من خلال السماح للإسلاميين بالعمل علانية في حرم الجامعات، كان دعم السادات للطلاب الإسلاميين وتقاربه الأوسع معهم وسيلة لمواجهة تأثير الجماعات السياسية الناصرية واليسارية، وكان بمثابة إشارة للانفصال عن نظام التحديث العلماني لعبد الناصر الذي كان  يشجع على نسوية الدولة، تعكس هذه المواقف تنامي النزعة الاجتماعية المحافظة التي كان يحث عليها الإسلاميون، وعلى الرغم من ذلك بدأت المنظمات والمبادرات النسائية المستقلة بالازدهار، فمثلا قامت نوال السعداوي بتأسيس جمعية تضامن المرأة العربية التي طرحت موضوع العنف ضد المرأة، وبذلك أتيح الدور لعودة ظهور الجمعيات النسائية المستقلة في مصر مما أعطى للمرأة مساحة للتعبير عن خطاب جندري جديد.

في عام 2000 م اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ثم بدأت الحركات الشعبية في الظهور، لم تكن قضايا حقوق المرأة على جدول الأعمال، إلا أن المرأة قد برزت في هذه الحركات على عكس الحركات الثورية بعد عام 1967م، وللأسف لم تكن هنالك  أي محاولة لإدراج قضية المرأة.

في مصر وبين عامي 2011و2013 م تمكنت النساء من إعادة إدخال “قضية المرأة” في الحركات الشعبية وذلك استجابة لزيادة العنف ضد الناشطات، وفي ظل حكم المجلس العسكري والإخوان المسلمين، برزت المنظمات النسائية الجماهيرية، كانت الناشطات المصريات في الطليعة، يناضلن من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية، رفعن مطالب خاصة بالنوع الاجتماعي وفيما يتعلق بمشاركة المرأة وسلامتها الجسدية، نجحت النساء في دمج وتحويل معايير النوع الاجتماعي إلى مطالب بتغيرات اجتماعية وسياسية أوسع، وتحرك نظام ما بعد يوليو 2013م لتوسيع حقوق المرأة من خلال الدستور وقانون مكافحة التحرش الجنسي لعام 2014م ، هكذا جسدت مشاركة المرأة في الحركات الراديكالية التحول الاجتماعي والسياسي، بما في ذلك تغيير المعايير الجنسانية.

على الصعيد الاقتصادي .

 من الخطأ عدم ربط الأبوية والذكورية بالطبقية والقهر الاقتصادي والاجتماعي، فالسبب الرئيسي للخسائر الاقتصادية هو الحواجز القانونية المستمرة والأعراف الاجتماعية التي تعيق وصول المرأة إلى فرص العمل والابتكار، فقد ثبت أن تمكين المرأة يحفز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، إذ يمكن للمرأة أن تسهم في اقتصاد البلاد، لأن عمالة المرأة يمكن أن تحسن دخل الأسرة المعيشية بدرجة كبيرة وأن تُخرج العديد من الأسر من براثن الفقر.

  المشكلة متشعبة، منهجية ومؤسسية، وتتلخص في النظام العالمي برمته، فهو نظام طبقي عنصري، يرتبط بالرؤية الذكورية القائمة على التفرقة ويرسخ مبدأ “اللامساواة” بين الجنسين، ولا يمكن لهذه الفجوة أن تتقلص إن لم تشمل هذه المساواة جميع طبقات وفئات المجتمع، وهنا لا بد أن نعيد الحديث عن الخطاب الإسلاموي، فلا يمكن تجاهل التغييرات التي حدثت في مجتمعاتنا نتيجة لهذا الخطاب المرتبط بالإسلام السياسي والتطرف السلفي الديوبندي، الذي عمق الرؤية الذكورية مما أدى الى تراجع البنى الثقافية في مجتمعاتنا.

الفيلسوف الفرنسي ديكارت قال: أنا أفكر إذا أنا موجود، ولكن هل التفكير وحده يكفي لتحقيق الطموح وتغيير الواقع؟  لا بد للأفكار أن تخرج الى النور، ومن هذا المنطلق نحتاج إلى تمكين فكري قبل أي تمكين آخر، وبهذا المفهوم يجب مناقشة قضايا المرأة في إطارها الفكري والتاريخي العام، يجب السعي نحو تحقيق عدالة النوع الاجتماعي وصولا إلى الوعي بضرورة تغيير مفاهيم المنظومة التربوية القائمة على الفكر الذكوري، وهذا ما يتطلب ثورة فكرية تبدأ بالإنسان أولا…

صحيفة رأي اليوم

30-4-2021 


الأحد، 27 ديسمبر 2020

مع الأسف!!

 إن شر الناس من تطفل عليهم واقتحم خصوصيتهم ! فهل ندرك أن لا حرية ولا كرامة للإنسان في ظل تدخل الغير بشؤونه الخاصة ! الإنسان هو كائن حر مستقل له كامل الحق في التعبير عن نفسه وأخذ قراراته الشخصية دون أي تدخل من قبل الاخرين، فَلِمَ نتقبل ان يُهمّش الفرد لصالح منظومة المعتقدات والأعراف والعادات الرجعية المتخلفة؟ ما الذي يمنعنا من الخروج من هذه القوقعة ؟

الكل يتدخل في أبسط تفاصيلك ! مظهرك الشخصي ، طريقة تفكيرك ، تعبيرك عن نفسك، أفكارك ، اهتماماتك وخياراتك، ذوقك الشخصي وعلاقتك بربك ! فهل من الصعب أن ندرك أن حياة الإنسان وأسراره وقضاياه الشخصية وقناعاته ملك له وحده، وذلك لأنها حصنه الداخلي الذي لا يجوز اقتحامه أو التدخل به ، وهي ستره الخاص الذي لا يجب انتهاكه .. إن عدم تقبل اختلاف الفرد أو احترام حقه في اختيار ما يناسبه، يغتاله معنوياً ونفسيا ، ويعزله عن مجتمعه ويؤثر على انتمائه، كما ويعطيه شعوراً بالاغتراب عن محيطه ، وبالتالي يؤثر على عطائه .

ميلاد مجيد

 


عيد الميلاد المجيد هو عيد للمحبة والفرح، يحتفل به العالم في ظل أوضاع استثنائية، فالمعاناة وصعوبات الحياة ومآسيها التي تمر بها معظم البلاد العربية لا زالت مستمرة، وعلى الرغم من ذلك نحاول تخفيف وطأة الأحداث بمواساة أنفسنا وبتهنئة بعضنا البعض، لذا دعونا نبادر بنشر المحبة حيث البغضاء، والتسامح حيث الإساءة، والوفاق حيث الخصام، والرجاء حيث اليأس، والفرح حيث الحزن ، وهذا ما نحتاجه قولا وفعلا في هذه الظروف القاسية .. أتمنى أن يحلّ السّلام ويعمّ الوئام والازدهار في بلادنا والعالم أجمع .. وكل عام والجميع بخير ..

🎄🎄🎄🎄🎄

الجمعة، 11 ديسمبر 2020

صباح بشير: حول السلسة القصصية الجديدة للكاتب محمود شقير

 

عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع – القدس- صدرت قبل أيام سلسلة قصصية جديدة للأطفال بقلم الأديب الفلسطيني الكبير محمود شقير، تضم هذه السلسة مجموعة من القصصِ الجميلة التي تثري عقول  الأطفال واليافعين وهي : سلسلة الخالة مريم ،  مغامرات مهدي وجمانة ، سلسلة حب الوطن .

أبدع الكاتب الفلسطيني محمود شقير في كتابة القصة والرواية للكبار والصغار ومختلف الأعمار، قدم الكثير من المؤلفات، كما كتب أربع مسرحيات وعدة مسلسلات تلفزيونية، وقد ترجمت بعض أعماله لعدة لغات، ومن خلال أعماله السابقة أنشأ الكاتب بينه وبين القارئ الصغير اتصالاً وتفاعلاً مباشراً، ثم واصل ما بدأه من الإنتاج . فقدم هذه المرة مجموعة متميزة بأساليب سردية قام بتنظيم أحداثها وشخصياتها ومكانها، لتُكسب الطفل القدرة على الوصف والتعبير والتدقيق والملاحظة، وذلك لإثراء عقله وتفكيره، معلوماته ، ومعجمه اللغوي، وباختيار مواضيع تغرس في نفسه حب الوطن والشعور بالانتماء اليه.

أما عن بَطليّ  القصص “مهدي وجمانة” فمن خلالهما تمكن الكاتب من اعطاء تجربة تفاعلية شاملة، فحرص على تلائم النص والمضمون مع تصورات الأطفال وخيالهم الغض، وذلك لجعل القراءة بالنسبة لهم متعة وهواية محببة، كما بَسَّطَ و أَعَدَّ العمل ليخوضوا تجربة غنية بالمعنى الذهني، وذلك لتتحرر عقولهم ، وتُغرَس فيها أفكاراً ذات قيمة ومدلولات عظيمة، فتتربى نفوسهم وتتهذب، وتُزرعُ فيها قيم الحب والخير والجمال .

أما عن تجارب الحكايات التي وردت في النصوص، فهي تضفي إلى عالمهم المعرفي رسائل ذات مغزى وفضائل متعددة، كما وتعرفهم على واقع وظروف هذا المجتمع ، وتقاليده وثقافته، وتوسع آفاقهم ، وتزودهم بفهم أوسع وقدرة على مواجهة المواقف، وذلك من خلال تصرفات ومواقف مختلف الشخصيات، التي وقفت وواجهت تحديات مختلفة تستهدف وجودها وهويتها .

ركزت هذه المجموعة القصصية على تعليم الأطفال بعض الأساسيات من خلال اعتماد أسلوب التبسيط للمعاني والمفاهيم المجردة ، فمثلا الألم والمعاناة جزء لا يتجزأ من الحياة كما الأوقات السعيدة والمفرحة، وكذلك تعليم الأطفال أن هناك أهداف سامية يعيش من أجلها الإنسان في هذه الحياة كالتضحية والفداء وحب الوطن.

أما عني شخصياً فقد تأثرتُ بقصة  “كلنا شجر” ، فبطلة القصة جُمانةُ وقفت بصلابة  في الحقل لحماية الشجر من قطعان المستوطنين، شَعَرَت بأنَّها شَجرة، وشعر مَهدي أيضا بأنَّه شَجرة، نظر مهدي وجُمانةُ الى مئات الرجال والنساء والأطفال الواقفين في الحقول ثم قالت جمانة: أنا لستُ الشجرةَ الوحيدةَ هُنا فأنا شَجرة، وأمي شجرة، ومهدي شجرة، وهؤلاء الرجال شجر، والنساءُ شجر، والأولادُ والبناتُ شَجر! هنا يحاول الكاتب تصوير الأوضاع للقارئ الصغير والتي لا يمكن فصله عنها بطبيعة الحال، ثم يقوم بإضافة بعض القيّم السامية كالصمود وحماية الأرض والشجر والممتلكات وغيرها.

الشكر للكاتب الكبير لطرحه ومناقشته هذه المسألة الإنسانية، التي تشتمل على العديد من المعاني التربوية الهادفة، فخلف كلّ شجرةٍ في هذا الوطن حكاية أصيلة، وأشجارنا المعمّرة تخزّن ذكرياتنا كما تُجسد تاريخنا، وهي تشهَد على الأحداث من حولنا بمرور التاريخ عليها، جذورها المغروسة في العمق تزخر بالموروث من القصص والأهازيج والأغاني الشعبية، كان أجدادنا يحتمون بظلالها ويعتاشون على ثمارها، ويتظللون بظلها ويتركون أمتعتَهم ومحاريثَهم عندها، ويعلمون أبناءهم كيفية الحفاظ عليها والاعتزاز بها وعدم التفريط فيها، فهي رمز العطاء المشحون برمزية البقاء والصمود على الأرض.

11-12-2020
صحيفة رأي اليوم 

نعم ...

 لا تخجل من ذلك التطور الإيجابي الذي حصل في شخصيتك، من حقك إعادة تشكيل ذاتك بالطريقة التي تناسبك وتغيير قناعاتك بما يتلائم مع نموك الروحي والفكري، كذلك وإعادة ترتيب أولوياتك والأشخاص في حياتك، كل بحسب تصرفاته ومواقفه نحوك .

الاثنين، 7 ديسمبر 2020

موسيقى

 


إن ما نحياه من الرتابة والروتين قد يؤذينا لولا حضور الموسيقى في ثنايا الحياة من وقت لآخر، فلولاها لما زهت حياتنا بمتعة الحياة ، إنها تُعلمنا الخروج عن المألوف بلغة تحاكي الواقع بملامح الجمال فتلامس أرواحنا بعذوبتها، وكأنها آتية الينا من عالم السحر والخيال، ذلك الممتزج بالقصص والأحلام والروايات، كحكايات ألف ليلة وليلة، تلك التي ألهمت الشعراء أجمل ما كتبوه من الإبداع ...

اللوحة للفنانة آنا رازوموفسكايا (Anna Razumovskaya)





الأحد، 6 ديسمبر 2020

شروق

 



مع الشروق وانسيابه المذهل ترسل الشمس صباحاتها الدافئة لأرواحنا المتعبة فتنفذ الينا لتمنحنا الأمل بانطلاق يوم آخر جديد .. صباح الخير لكل من وجد نفسه بين صباحاتِ هذا اليوم متفائلاً بالكثير .. صباح الخير للعاكفين على خلق واقع أفضل ، لعشّاق الحياةِ البسطاء الذين تمكنوا من رسم الكثير من الأمنيات ، لكل من تروقهم الأجواء المفعمة بالحيوية وتسعدهم التفاصيل الصغيرة ، زهرة ، كتاب، محادثه مع صديق، ضحكة طفل صغير .. فنجان قهوة ، صباح الخير لمن يُحبون العيش بسلام فيجمعهم شغف الحياة دائما وأبدا .....

صباح بشير: قراءة تحليلية لقصة “زغرودة ودماء” / صباح بشير

 



عن دار إلياحور للنشر والتوزيع – القدس ، صدر حديثا قصّة للأطفال بعنوان “زغرودة ودماء”  للأديب المقدسيّ جميل السلحوت ، والذي تطرق فيها لظاهرة سلبية خطيرة تنتشر في مجتمعنا الفلسطيني، ألا وهي ظاهرة استخدام المفرقعات والألعاب النارية التي تُطلق وتتفاقم بصورة مقلقة في جميع المناسبات السعيدة وتتسبب عادة في الكثير من الحوادث والخسائر المؤلمة.

تعتبر القصص من الوسائل التربوية الهامة لترسيخ الكثير من الأفكارٍ في عقول الأطفال، من هنا قدّم الكاتب حبكه متسلسلة شيقة، عمد فيها على إثراء لغة الطفل بالجديد من المفردات والعبارات، مبتعدا عن القصص الخرافية، تلك البعيدة عن الواقع، ملامسا بذلك اهتمامات الطفل بصورة تشجعه على السؤال والبحث والاستنتاج، كما تثير شغفه وتكسبه الكثير من المعلومات.

العنوان “زغرودة ودماء” : في هذه القصة كان العنوان ركناً أساسياً فقد شكّل صورة أولية للأحداث حتى خاتمة العمل وكشف عن سر الترابط فيما بينهما، فكان العتبة الأولى للقصة، حَمل الفكرة وعبر عن النص وكان هو المفتاح فساعد الى الوصول لبقية المعطيات .

 الحكاية والأحداث : تطلب الأم من الطفل “رائد” احضار صندوق المفرقعات وذلك لإطلاقها احتفالا وابتهاجا بنجاح الأبن الأكبر “زيد” بعد ذلك يتعرض رائد للإصابة في يده ويفقد ثلاثة أصابع، يتم نقله الى المستشفى لمتابعة العلاج، تستمر الاحداث، يحزن الأهل ويسأل رائد والدته عن فقدان أصابعه قائلا: هل ستنبت لي أصابع جديدة بدل تلك التي طيّرَتها المفرقعات؟!!

الجانب الاجتماعي: تثير أحداث القصة تفكير الطفل وتلفت انتباهه لضرر تلك المفرقعات النارية، وتساعد على غرس المبادئ السليمة في نفسه، كما تعالج بعض المفاهيم وتحفزه على التفكير وَتَفَحُص صحة العادات والسلوكيات والتصرفات من حوله، مما ينمي الاتجاهات الإيجابية للطفل نحو مجتمعه ويشعره بالانتماء، ويكسبه مهارات اجتماعية في الاتصال والتواصل مع الأحداث من حوله. هنا يتحقق ما رمى اليه الكاتب من تطوير لشخصية هذا الصغير ومستوى وعيه وإدراكه.

الجانب العاطفي: احتوت القصة على استثارة ما لتلك النزعة الانسانية الكريمة في نفس الطفل، فَتَتابُع الفكرة الرئيسية دون وجود أحداث جانبية مشوشة عليها، يساعد على النمو الانفعالي للقارئ الصغير ويبث العواطف النبيلة ويدفع بالطفل إلى حب الخير وانتهاج التصرف الصحيح، كذلك ويثير لديه حس المشاركة الوجدانية والقدرة على تفهم مواقف الآخرين ومشاعرهم وأحاسيسهم، ويطور شعوره بالتعاطف من خلال استخدام خياله لتصوير مختلف الشخصيات التي برزت في القصة فتنمو لديه القدرة على الربط والاستنتاج.

الجانب الفني: وعن رسومات القصة فهي جميله ومعبِّرةٌ، حيث تجسد أحداثَ ومشاهد القصَّة وتعبر عن شخصياتها المختلفة بألوان مبهجة جذابة، مما يساعد على فهم النص كما ويضيف إليه حوارا محببا مميزا، ويبدو ذلك بوضوح بين الألوان وتوافقها وبين الفكرة وسطورها.

المكان: تدور أحداث القصة في مدينة القدس ويظهر ذلك بوضوح عند نقل الطفل رائد الى مستشفى المقاصد لتلقّي العلاج.

الفئة العمرية: لجميع أجيال الطفولة واليافعين.

مساحة للنقاش: لقد طرح الكاتب من خلال هذه القصة قضية حوادث الإهمال والاستهتار والتقصير في حماية الاطفال، وكأنه يناشد الأسرة أن تستعيد دورها الحقيقي في التنشئة الاجتماعية السليمة وحماية اطفالها من الحوادث، فإهمال الآباء والأمهات في رعاية أطفالهم دائما ما ينتهى بمأساة أو كارثة حقيقية! فالأطفال هم الأمل المنشود لمستقبل الغد، وإهمال رعايتهم قد يعرضهم للخطر أو ينهى حياتهم! أطفالنا يستحقون رعايتنا، لنجهز لهم المستقبل ولنصنع لهم الفرح.

كلمة أخيرة: هذه القصَّة ُ ناجحة جدا وتحتوي على كلُّ المعطيات التي تمنحها التميّز، لذا تستحقُّ أن تعتمدها المناهج الدراسية وأن تُوضَعَ في كتب الاطفال، فأطفالنا اليوم بحاجةٍ ماسة إلى مثل هذه القصص التربوية الهادفة….

صحيفة رأي اليوم 
5-12-2020

الجمعة، 27 نوفمبر 2020

آفة ...


من أسوأ الآفات التي يمكن أن تصيب الانسان هي رؤية الظلم والتعود عليه وتقبله لاحقا ! من هنا لا يمكن مقاومة الشر بالشر ، انما برفض التعود عليه أولا أياً كان نوعه وسببه ومصدره ، حتى وإن كانت النفس ! إن تنمية القدرة على الحياة هي المهمة الأكثر نبلاً لأولئك الذين ينهزمون ثم يعيدون الكَرّةَ مجددا دون أن تنكسر عزائمهم .. فسلام على كل من يحمل النور في أعماقه أينما حلّ ...

أعشق البساطة

 



أعشق البساطة ، أبتسم لكلمة، وأفرح بزهرة ، أحلق مع ألوان الطيف الساحرة عند رؤيتها فألتف على بعضي وأشدو بفرحٍ وكأنني طفلتي ، أغني بسلام وحنان وكأنني أمي ، فأغدو قوية كشجرة تخضَّر وتزهر رغم تعاقب الفصول من حولها ، وكزهرة التوليب تحتضن نفسها وكأنها الوحيدة المتبقية لديها ، ‏استشعر الجمال ‏بكل شئ بسيط ، من خريف نفسي لربيع أخضر ، فأصنع لحظاتي السعيدة تلك التي لا تأتِ إليّ بل تأتي مني ....

الأحد، 1 نوفمبر 2020

وَمْضة

 

لا أدرك حتى الآن كيف نقتنع بأن الله عز وجل سيدخل أحدهم الجنة لأنه قتل إنساناً آخر ! فهل يُعتبر سفك الدماء أحد شروط دخول الجنة ؟! ما أشد جهل الإنسان الذي يؤمن بهذه الأفكار ويتبناها في تقييمه للآخرين ونظرته إليهم ! من العار أن يفتخر الإنسان بسفك الدماء حتى يدخل الجنة ! إن ما يستحق ان نفتخر به حقا هو رصيدنا الإنساني من الحكمة وضبط النفس.

السلام ، العدل ، الودود ، اللطيف ، الرؤوف ، هي من صفات وأسماء الله الحسنى ، فلماذا لا نُذَوِّت هذه الصفات والأسماء في حياتنا ونعمل بها ؟؟!

الأحد، 12 أبريل 2020

نحو الأمل


عربة قديمة تحمل عائلة صغيرة تهاجر بعد انتهاء عاصفة ثلجية مدمرة .
تسير العربة الى الأمام ، تتجه إلى المجهول بحثا عن مستقبل أفضل، حيث تسطع الشمس مشرقة معلنة حضورها ، فيتبدد الغمام وتغرد الطيور وتضيء نافذة الأمل بنورها .
لوحة للفنان الإيطالي نيلو أيوفين (Nello Iovine ) بعنوان "نحو الامل" .....

الأربعاء، 8 أبريل 2020

لربيع هذ العام رائحة مختلفة !


لربيع هذ العام رائحة مختلفة !






لربيع هذ العام رائحة مختلفة !
لنستغل فترة الحجر الصحي وهذا العزل بالقراءة ..
كاريكاتير للفنان باول كوزينسكي (Pawel Kuczynski)

الثلاثاء، 7 أبريل 2020

لوحات عالمية في زمن كورونا فيروس








حدثت الفنانة الكندية جينفيف بليز "Genevieve Blais" بعض اللوحات التاريخية الفنية وذلك لإضافة البسمة على وجوه محبي الفن في هذا الوقت ، فأعادت تخيل بعض اللوحات الشهيرة وذلك لمحاولة معرفة كيف ستبدو في حال تم رسمها خلال هذا الوقت خلال أزمة فيروس كورونا.

















الأحد، 5 أبريل 2020

"طفل حزين يصلي"




ضوء خافت يُغلف المكان ، جدران معتّقة ، شمعة تتوسط المكان ، وحدة وانفراد بالنفس وطفل يرفع ببصره الى السماء ، يصلي متأملاً بعزلةٍ وصمت .
إلهي .. منهك أنا ، يملأ الحزن قلبي ، أتوق إلى الفرح وأحلم أن أطِير معَ الطِيور الراحِلة إلى عالم لا أنين فيه ولا حَنين ........
لوحة بعنوان : "طفل حزين يصلي" للفنان الإيطالي نيلو أيوفين Nello Iovine) 1935)

الجمعة، 3 أبريل 2020

صباح بشير : قراءَة في لوحة “رحلة إلى الشاطئ”


إنه الرسم، هذا الفن المرئي والأسلوب المختلف في توثيق الذكريات والمشاهد، الذي يهدف إلى الارتقاء بالذائقة الجمالية وخلق عالم أكثر إنسانيةً وسموا، أكثر تحضرا ورُقِيا.  يقول الموسيقار السويسري “إرنست لافي”: ستبدأ الإنسانية بالتحضر عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الكيمياء أو الفيزياء أو المال .

عَشِقَ الفنانون من شتى مدارس الفن منظر البحر فأبدعوا رسمه، أدهشهم هذا العالم الأزرق الزاخر بالأسرار، وذلك الغموض الذي يلف الأعماق، فأنتجوا أعمالا فنيةً عديدة، بالكثير من الأساليب والطرق والتقنيات.  الفنان الروسي ألكسندر أفرين (Alexander Averin) والذي ينتمي إلى المدرسة الواقعية، كان له العديد من الأعمال التي تميزت ألوانها بالشفافية والتي عبرت عن شغفه وولعه بالبحر، حيث تتمحور مواضيعه حول المناظر البحرية وسواحل الأنهار الظليلة والمشاهد الطبيعية، مما أفعم لوحاته بالدفء والصدق والمشاعر الودية، ومن أهم أعماله لوحة “رحلة إلى الشاطئ” التي تنطق بجمال البحر ، حيث المياه صافية شفافة والبحر خالٍ من الموج والصخب، وبالتمعن فيها نشعر بأنفاس البحر الهادئة الوديعة تحيط بتلك التلال والصخور، ومن بعيد نلمح سفينة صغيرة تنشر أشرعتها كحمامة بيضاء، ترحل بسلام لتنحدر نحو الضفاف.

هدوء يلف المكان حيث تجلس فتاتان جميلتان في أكثرِ الأماكنِ قربا للنفس، تفترشان قطعة من القماش الأبيض على الحصى المنثور كبساطٍ ملون، بِسُكُونٍ بالغ تجلس أحداهما مولية ظهرها لصديقتها، وكأن الطمأنينة قد سكنت وجهها الجميل وأقامت به فوهبته أناةً ، راحةً وثباتا.  تلبس الفتاة قميصا أزرق يدل على الثقة وعمق التفكير وصفاء الذهن، وتمسك بكتابٍ تُمعن النظر فيه وتنشغل بقراءته، وما أن تلامس الحروف قلبها حتى تسافر الى عالم من الحقائق والحب والتاريخ ، فبين دفتيه تولدُ الروايات، وبين حواشيه تُكتب الذكريات، وكلما انطوت صفحة وفُتِحت أخرى، نَمَت تلك الفتاة لتصير زهرة، لا بل شجرة.

أما الفتاة الثانية فتجلس قبالة البحر تميل بظهرها الى الخلفِ متكئة على يديها، لم يكشف الفنان عن تفاصيل وجهها وتعابيره فقد تركها مبهمة مجهولة، مما يشير الى التمويه والغموض بكل ما يتعلق فيها، إذ لا يمكن التكهن بلغة الجسد، فقد تكون الفتاة محدقة سارحة تتأمل البحر وجماله، أو تأخذها الرهبة أمام امتداده المدهش، وقد تكون مبتسمة أو عابسة، أو أنها تعيش ازدحاما في الأعماق فتحلم مستيقظة عبر الأفق، ومن الملاحظ أننا نشاهد اللون الأصفر في زِيّ الفتاة، حيث تردد صداه من حولها مما بث الطاقّة والحيوية في اللوحة وأضاف لمسة من التوهج، هذا اللون يدل أيضا على الجوانب المتناقضة المتضادة للأشياء، كالفرح والحزن، النشاط والكسل، الإيجابية والسلبية، إلخ .. إن هذه الدلالة تؤكد اعتماد الفنان أسلوبا ما ورائيا، متجاوزا بذلك البعد الواقعي الى بُعدٍ أكثر عمقا، وأن فكرة البعد الميتافيزيقي حاضرة في اللوحة فقد تناولها “أفرين” من خلال الجوانب الروحية في الكثير من أعماله.

يبدو أن الفنان قد حاول إخراج المرأة من صورتها التقليدية المعروفة، لذا كرس فكرة القراءة وأهميتها من خلال هذا العمل، وذلك بأسلوبه الخاص وطريقته الابداعية، فلطالما حمل الفن رسالة قوية مؤثرة، وكان له دورا عظيما في بناء الحضارات وازدهارها…

صحيفة رأي اليوم

الأحد، 29 مارس 2020

" طبيبة في العمل مع القناع تحتضن إيطاليا "








" طبيبة في العمل مع القناع تحتضن إيطاليا "
 
قام المصمم الإيطالي "فرانكو ريفولي" بتحريك مشاعر الشعب الإيطالي بهذا العمل والذي عبر من خلاله عن حبه وتقديره للأطباء والممرضات في بلاده وذلك لعملهم الشاق خلال هذه الفترة الطارئة بسبب انتشار فيروس كورونا، نجحت هذه الصورة في غرس الأمل بالانتصار على الوباء والخروج من الأزمة .

السبت، 28 مارس 2020

صباح بشير: ما بعد كورونا وصمت المدن

تواجه البشرية أزمة حادة بسبب انتشار فيروس كورونا (Covid-19) ، بعد إلقاء نظرة على كيفية تأثير الوباء العالمي على مختلف جوانب الحياة تُكشَف الطبيعة الفريدة لهذه الأزمة، فها نحن نلمس تغيرا جذريا يطرأ على حياتنا اليومية متسللا إلى كل جوانبها، عزلة وحجر صحي وتباعد اجتماعي ، شوارع فارغة ومدن صامتة تكاد تخلو من البشر !

 إن جائحة كورونا لا يمكن تخيل عواقبها فكما أدى هذا المرض إلى تعطيل الحياة والأسواق والأعمال والحركة، وكشف كفاءة الحكومات أو عجزها، فإنه بالتأكيد سيؤدي لاحقا بعد انتهاء الحدث إلى تحولات كبيرة في القوى السياسية والاقتصادية العالمية.

على مدى السنوات الماضية قوض السياسيون غير المسؤولين عمدا الثقة في العلوم والسلطات العامة والتعاون الدولي، ونتيجة لذلك نواجه اليوم هذه الأزمة التي نفتقر فيها إلى قادة حقيقين يمكنهم أن يلهموا وينظموا ويمولوا استجابة عالمية منسقة للقضاء على الوباء، ويوما بعد يوم تنعدم الثقة بهزيمة الوباء، لقد اصبحنا بحاجة إلى الثقة في الإعلام وما يقدمه من اخبار، وبحاجة الى الثقة في الخبراء العلميين، وبحاجة أيضا إلى الثقة بالسلطات العامة، كما تحتاج البلدان إلى الثقة في بعضها البعض، فدون الثقة والتضامن العالمي، لن نتمكن من وقف انتشار الوباء وهزيمته.

 إن العزل وحجر الناس لفترات طويلة ليس حلا، إنما هي ضرورة ملحة لكسب الوقت حتى إيجاد الحلول ومنع الناس قدر الإمكان من العدوى ونشر الوباء، لكن وعلى المدى البعيد سيؤدي هذا التوقف عن الحياة إلى انهيار اقتصاد الدول دون تقديم حماية حقيقية ضد المرض ! إن تعاون الدول وتضامنها وتكاتفها هو الترياق الحقيقي للوباء، ففي عام 1967، نهش مرض الجدري خمسة عشر مليون شخص وقتل منهم مليونان، ولكن في العقد التالي نجحت حملة عالمية للتلقيح ضد الجدري، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام 1979 انتصار البشرية بعد تعاونها للقضاء على الجدري تمامًا.

خلال القرن الماضي تم بناء أنظمة للرعاية الصحية الحديثة، فكان الأطباء والعلماء هم الحراس الذين يقومون بدورياتهم وصد المتسللين من الفايروسات والأمراض المختلفة، ومع ذلك كان هناك مئات الملايين من الناس حول العالم يفتقرون إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية.

يشير التاريخ إلى أن الحماية الحقيقية تأتي من تبادل المعلومات العلمية الموثوقة والتضامن العالمي، فعندما يصيب بلد ما أي وباء يجب أن يكون العالم على استعداد لتبادل المعلومات حول هذا المرض وكيفية معالجته، وهذا ما يتطلب مستوى عالٍ من الثقة والتعاون الدوليين، لذا نتمنى أن تكون هذه الأزمة بمثابة وقفة للمراجعة ومحاسبة الاخطاء وأن يصحو ذلك الضمير العالمي المغيب ، كما نأمل أن تساعد الأزمة الحالية في إدراك ما يشكله هذا الانقسام والتفكك العالمي من أخطار، وأن تكون فرصة لاستعادة السلام وإنهاء الحروب حول العالم، فقد أفلس رجال الدين والسياسة عن تقديم الحلول، أولئك الذين لم يحققوا سوى تأجيج العنف والقتل والدمار.

 تحتاج البشرية إلى تبني ودعم البحوث العلمية والطبية التي تسهم في صنع الحياة، ولا تحتاج الى مزيد من صنع الأسلحة والمتفجرات والصواريخ وغيرها من أدوات القتل النووية والذرية، كل ذلك وأكثر مما يتطلب مضاعفة الجهود والإعداد والتنسيق والتخطيط ، والقدرة على اتخاذ القرار.

 تَلتقط البشرية الآن وعيًا جديدًا بعد حالة تأمل في واقع يستبد به اليأس ويُفتقد فيه الأمل، سيبدأ العالم بإدراك أهمية المشاركة والصداقة والتعاطف والرحمة والعدالة، علينا أن نؤمن بوجود الضوء في نهاية النفق، وأن المستقبل سيغدو أفضل مما نظن، لن تتمكن الجغرافيا من فصل الإنسان عن إنسانيته، وها هم الاطباء قد جسدوا نموذجا يدفع بنا إلى التفاؤل بواقعنا الانساني القادم، فقد كانوا خط الدفاع الأول بوقفتهم البطولية وقيامهم بواجبهم الانساني النبيل، وبأيديهم البيضاء زرعوا الأمل فقهروا الألم، كما سطروا صفحات من البطولة في تاريخ التضامن، فإلى الأمام يا جنود السلام ويا أبطال الصحة والحياة ..

صحيفة رأي اليوم 

الثلاثاء، 24 مارس 2020

صباح بشير: قراءة في لوحة


لوحة عازف الناي (المسماة بالانجليزية : Bush Idyll) للفنان الأسترالي فريدريك ماكوبين .
McCubbin  1855-1917) (Frederick
تعتبر هذه اللوحة من أفضل اللوحات في تاريخ الفن الأسترالي، وهي من أهم ما أنتج الفنان ماكوبين، في عام (1998) بيعت اللوحة في مزاد علني مقابل (2312500) دولار .
ينتمي الفنان "فريدريك ماكوبين" إلى المدرسة الانطباعيّة التي نشأت في القرن التاسع عشر، وهي تسجل الانطباع البصري العام كما تستشعره العين دون الغوص بتفاصيله، كما تصور مواضيعها آنياً فينقل الفنان المشهد نقلًا واقعيًا كما التُقط في ذهنه مستسلما لتلك اللّحظةِ الخلاقة بتَأجُّجها وتوهّجها، فيصقلها حتى تتقطر اللوحة بألوانه لتغدو عجينةً طيّعةً له، فيعبر بها عن عواطفه وأفكاره وذائقته الفنية والجمالية.
 تستحق هذه اللوحة الإعجاب لكونها أيقونة في سجل الإبداع الفني، وذلك لقوتها التعبيرية، وتوازن كافة مكوناتها وعناصرها، فقد أظهر الفنان انعكاسه عليها بحرفية عالية، كما طرح مفهومه الشخصي ورؤيته للرسم من خلالها، فحين تقع العين على هذه اللوحة يتجسد جمال الطبيعة للرائي، فيستمتع برؤية هذا العمل الفني الأنيق لما ينضح من دلالات وتفاصيل. 
نرى في اللوحة عازف الناي وهو شاب يافع صغير، يفترش الأرض، يرمق النظر إلى فتاته بهدوء، منسجما متناغما متآلفاً مع نفسه، يحمل نايه بين يديه، نافثا أنفاسه مغردًا مناجياً مزهوا بلحنه، منطلقا باتِّقَادٍ من الوجد والهيام .
تستلقي على الأرض فتاة بعمر الزهور، وبكامل حواسها تنظر إلى عازف الناي وهما يجلسان بالقرب من بحيرة في أحضان الطبيعة في منطقة ريفية مطرزة بالأشجار والنباتات والأوراق المتساقطة المتناثرة هنا وهناك. ركز الفنان على تصوير المشهد فعبر به عن الهدوء الأخاذ والبساطة، وتلك السكينة التي تحتضن المكان. تجسد الفتاة التأمل والإصغاء إلى دهشة الناي وموسيقاه، فتنغمس في ألَق سِحره مستغرقة في حالة زهد وخشوع، تنصت بتركيز لصوت الشجن الذي تصدح به النغمات. 
تشير الموسيقى الى مكنونات الروح وخفاياها وإلى المشاعر والعواطف التي تعتري الانسان، فهي لغة إنسانية يتفق عليها الجميع . لقد أضاف الرسام في هذه اللوحة رابطا وثيقا بين الرسم والموسيقى ليعبر عن خلجات النفس وانفعالاتها، فالناظر الى اللوحة يستشعر ما كانت تستمع اليه الفتاة من عذب اللحن وسحره، ومع فكرة تداخل الحواس وصوت الناي الذي ألهب مشاعر الفنان ووجدانه فأشعلها حماسا، تراقصت الألوان أمامه فنثرها مبدعا لوحته فنسج السحر برسمهِ والخيال بألوانه الدافئة الحيوية الرقيقة، تلك التي عبرت عن الانسجام والتناغم وأعطت الإيحاءَ بالأمل والوداعة.
 أمام هذه اللغة الجمالية وهذا الإتلاف والاتِّسَاق، وتَآلُف الضوء النابض في كل زوايا اللوحة، نشعر بانعكاسها علينا فينتابنا شعور بالأنس والبهجة والإشراق، ومن خلال الأسلوب والتكوين وتناغم الألوان، تدرجها وانسيابها وتداخلاتها، تصل بنا اللوحة إلى ذلك السلام الممتد في فضاءاتها، فينعكس إحساس الفنان المرهف وحالته النفسيَّة ولمساته الإبداعية التي ترمي إلى تربية الوجدان وترميم النفس البشرية عبر الفن بصون الجمال ومقاومة القبح، والارتقاء بالذوق العام.
 صحيفة رأي اليوم 

السبت، 21 مارس 2020

صباح بشير : كل عام وانتن أجمل الأعياد

الأم هي المدرسة الأولى والشخصية الرئيسية في حياتنا، صاحبة البصمة الظاهرة من حولنا في كل مكانٍ لما لها من أثر طيب مُنعكس علينا وعلى المجتمع، والذي يسهم في بنائه فيصنع منه الحياة.

 أن تكوني أُماً يعني أنك في جموح دائم من العاطفة والوعي وخروج من شرنقة الأنانية وحالة من إنكار الذات، خارجة عن المألوف في السلوك والتصرفات، وارتضاء المشاق والمتاعب في سبيل تنشئة الصغار وتربية البنين والبنات، إنه دَأَبٌ في فضاءات الروح اللامتناهية، وشوق لا ينطفئ من قلب لا يخذل في حبه أبداً. قصيدة شعرية شفافة مدهشة، تجمع بين صورة، حركة وشعور، تتعدّد فيها المشاهد والمزج بين الأحلام والأمنيات …

ثمة ضجيج صامت ينبض بالحياة تتشارك به الأمهات فيفيض عطفا، دفئا وحبا، حب الأم لأبنائها، رعايتهم والاهتمام بهم هو كل ما يحتلها ويسكن كل خلية فيها، فالأمومة ليست حدثا هامشيا عابرا، الأمومة إحساس محبب وشعور يقلب حياتها رأسا على عقب فيحرمها الراحة والهدوء، وهي ذلك الحدث الذي يجمع بين كل المتناقضات من المشاعر بتآلف عجيب، فيملأ عالمها بالحركة والفوضى والجمال، عطاء لا حدود له، ينبثق من قلبها الكبير فينثر الفرح والبهجة في كل مكان.

تتزاحم الأحاسيس والذكريات لترتبط بالأم، فهي من جسدت تلك النماذج الإنسانية في البناء والإبداع، لذا لا ننسى تلك التحديات التي تواجهها الأمهات العازبات في مجتمعاتنا، فهن الصامدات اللواتي يعشن بين مطرقة المجتمعات وسندان الواقع، يجتهدن ويربين أبنائهن بمفردهن ويؤدين عدة أدوار في ذات الوقت في حال غياب الأب بالموت أو الطلاق أو لأي سبب آخر، يحملن على أكتافهن عبئاً ثقيلا ومسؤولية عظيمة تمنعهن من تحقيق الطموح والأحلام، فيتحملن كل هذا بحب غير عابئات آبِهات ، يعملن بجهد وكَدّ في سبيل أفلاذ الأكباد، حتى لو تَقَوُّتنَ على الفتات.

تحية المحبة والتقدير لأمهات الشهداء الصابرات، ولكل الأمهات العربيّات اللّواتي عانين ويعانين جرّاء قسوة الحروب والنزاعات من مشاعر الحزن والحسرة ووجع الفراق، بانتظار الفرج والانعتاق من قبضة الألم وسطوة التفجُّع ! ها هو يوم الأم يطل عليهن وهن مثقلات بالهموم وآلام الغياب.

هي الام، ذلك العالم المتكامل المتجانس من المحبة والتضحيات التي لا تنضب.. منها نتعلم لندرك كيف للصبر والشموخ ان يقترن باسم الامهات، وكيف لهن أن يصبحن نماذج ملهمة في الحب والبذل والعطاء، نعجز عن شكرهن لما يتحملن في سبيل الأوطان والأبناء، فسلامٌ على كل الأمهات الغاليات اللواتي غرسن بعزيمتهن في أرواحنا أملا وورودًا في وحشة الليالي الحالكات ..

كل الحب لهن في عيدهن، أينما وجدنّ وعلى أي بقعة في الأرض حللن ووطئن  .. كل عام وجميع الأمهات بألف خير.

صحيفة رأي اليوم 

الخميس، 19 مارس 2020

صباح بشير : الإنسان العربي وتحديات العصر

يزخر التاريخ بالعصور التي تميزت بالصراع بين التقليد والحداثة، بين الخرافة والعلم ، بين العقيدة والعقلانية، عجلة  التاريخ مستمرة وهي تعني كامل الحياة دون استثناء، الماضي الحاضر والمستقبل، لذا يدرس المؤرخون الماضي كتجارب للشعوب يجب النظر إليها والتمعن فيها، وذلك للاستفادة منها ومن خلاصةِ ما قدمته الأمم من نشاطات عبر الزمن في مجالاتِ المعرفةِ الإنسانية المختلفة.

قام مشروع الحداثة الأوروبية متسارعا بعد ثورات فكرية علمية وصناعية في أواخر القرن الخامس عشر، بينما بدأ مشروع الحداثة العربي بطيئا بعد منتصف القرن التاسع عشر، لم يكن من الممكن لروّاد النهضة الفكرية في أوروبا في ذلك الحين أن يفكوا قيود الجهل ما لم يتم ضبط  دور الكنيسة آنذاك والتضييق على سلطتها لتقتصر على أداء وظائف محددة، أدى ذلك التمرّد ضد القيم الكَنسِيّة للفصل بين العقيدة والجانب الحياتي الدنيوي، فسادت قيم الحداثة والتغيير وأصبح الغرب بعد ذلك يرفل تحت راية العقل والعلم والعلمنة، مما افرز واقعا حضاريا مدنيا جديدا، مَكّن الجهود التنويرية من إقامة المنهج العقلي والمضي قدما بالعلم نحو الصدارة بقيادة الاخلاق والقيم الإنسانية.

مما سبق، فالسياق العام لمفهوم الحداثة هو تغيير القديم، تجديده وتطويره لواقع الحياة الاجتماعية والثقافية باستخدام العقل والمنطق والعلم، مؤدياً بذلك إلى انهيار المعايير والقيم التقليدية القديمة والوصول إلى ممارسة اجتماعية وإبداع منطق جديد مبتكر في شتى المجالات، ليسهم ذلك التغيير بالتقدم على مختلف مناحي الحياة الانسانية وما تشهده من تحولات .

راهن الكثير من المثقفين العرب على  الفكر الحداثي في اكتناف الفكر التقليدي والنهوض بالمجتمعات العربية ثقافيا، وذلك لفتح الآفاق ومواكبة الحضارة العصرية، لكن مشروع الحداثة العربي ولد خداجا منذ انبثاقه، فمثقفينا ومفكرينا لم يتمكنوا من سد الفجوات واستيفاء الشروط الاجتماعية الثقافية المطلوبة لملائمته بسبب البنية الفكرية لمجتمعاتنا، والتي تعيق الولوج في الحداثة الغربية انطلاقا من قدسية النصوص وتعدد القراءات.

نحن أمة تحمل تاريخا عريقا صار حملا ثقيلا عليها ! نكوصنا إلى ماضينا كردة فعل جعلنا لا نتوقف عن تمجيد وتعظيم تراثنا ومجدنا والإعجاب به، لم ندرك بعد أن ذلك لم ينجح بشحذ الطاقات للوقوف أمام التحديات الجسام التي نواجهها ، وأنه من غير المجدي البكاء والتحسر على الماضي التليد, أدى ذلك الى الجمود وتقبل الواقع  ورفض التغيير لدرجة الغفلة عن الحاضر وتجاهل المستقبل !

 وللأمانة فقد كان للجهود والدعوة إلى الحداثة تأثيرا كبيرا في قطاعات عديدة في عالمنا العربي، إلا أن هذه الجهود لم تؤتِ أُكلها بعد، فلا يزال الباحثون رغم إدراكهم بالواقع بكل متطلباته واشكالياته، يبحثون في طور الإطار القيمي الذي يشكل الهوية الجماعية، وعما يمكن تطبيقه للنأي بالمجتمع قدر الامكان عن مظاهر التخلف دون المَسِّ بالموروث أو التصادم مع هيبة النصوص، وبذلك نشأت المجتمعات التي تحمل أسسا فكرية عقائدية، متماهية متقمصة للحداثة دون مواكبتها. من هنا وبشكل عملي فإن أكثر مستويات الحداثة لدينا بطئاً هي الحداثة الفكرية ! فهل يعرف الانسان العربي ما ينتظره من تحديات  في ظل ما ينتابنا من عجز في القدرات والإمكانات والانتاج والمعرفة ؟  قضايا الإصلاح السياسي واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي، حقوق الإنسان ومواجهة التطرف والعنف، الفقر وسوء توزيع الدخل، البطالة وضعف الأداء الاقتصادي وسوء توجهات التنمية, ضعف المؤسسات التعليمية والتدريبية، الفساد والانقسامات الطائفية والقبلية وغيرها من القضايا والتحديات ذات الأبعاد والتأثيرات المباشرة على مسيرة التكامل، الأمر الذي يستوجب إصلاحات عميقة على كافة الأصعدة.

 على أي حال العقل المكبَّل لا يخلـِّف إنسانًا حُرًّا مُبدِعًا، فهل من محرر للعقول المكبلة بأَغلالٍ من الماضي وسلطة العقل الجمعي؟  وكيف السبيل الى مجتمع أكثر إنسانية، أكثر رحابة وفكراً؟  وأخيرا.. هل تولد الحداثة وسط غياب إرادة سياسية حقيقية ؟! .

صحيفة رأي اليوم 

الأحد، 8 مارس 2020

تحية ..

تحية حب واحترام لجميع النساء .. نأمل ان يكون هذا اليوم حافزا ودافعا لنا للسير نحو النجاح واخذ الحقوق ... نحو الإبداع ، التفوق ، والمزيد المزيد من العطاء ...





الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019

خبر سعيد ..

خبر سعيد بالنسبة لي ، وأخيرا .. حصلت على الموافقة للالتحاق والبدء بدراسة اللقب الثاني - ماجستير في الدراسات الثقافية - من قبل قسم علم الاجتماع والعلوم السياسية والاتصالات وقسم الأدب واللغة والفنون في الجامعة المفتوحة .
برنامج الماجستير في الدراسات الثقافية هو برنامج متعدد التخصصات يجمع بين التصورات والأساليب من نظرية الأدب والاتصال والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع والتاريخ والتحليل النفسي وتاريخ العلوم وتاريخ الفن والموسيقى .
يشدد البرنامج على التقاطعات بين النشاط الثقافي والعمل الاجتماعي والعالم المادي ، ويعطي الطالب معرفة واطلاع واسع في العديد من المجالات ، ويتميز بتنوع الأساليب في الدراسات الثقافية ، حيث يزود الطالب بالبنية التحتية الواسعة من الأفكار النظرية في الدراسات الثقافية والتي تنشأ في عدد من المجالات التي تحمل المنظور البحثي الهام .
هذه قائمة المواد التي سأدرسها خلال الفترة القادمة في هذا المجال :
- علم الاجتماع والثقافة
- فهم عميق للأفلام وفن السينما
- دراسات في الاعلام
- نظرية الأدب والثقافة و مدارس الفكر المعاصر
- قضايا في التواصل بين الثقافات
- اليهودية ، العبرية ، الإسرائيلية : الجوانب الثقافية
- الجسد والثقافة : التقاليد ، الأسئلة ، المشاكل
- الثقافة الشعبية
- الجنس: الثقافة والهوية
- العلم والثقافة
- الانسان والمجتمع ومكانته في الثقافات
- 5 ندوات بحثية : العالمية الثقافية العالمية المعاصرة
- الأيديولوجيات السياسية الحديثة
- مناهج مراجعة الأدب
- قضايا في دراسة القومية
- الشرق والغرب في السينما
- التفكير التاريخي (فصول في فلسفة التاريخ)
- الرقمية (الديجتال) في الثقافة والحياة اليومية
- الاتصال والتواصل كثقافة
- المجموعة الكنعانية : بين الأيديولوجيا والأدب
- الفنون: قضايا جمالية وثقافية
- الأدب والأخلاق: قراءة أعمال النثر العبري في القرن العشرين
- الجندر والجنس في ثقافة الحكماء
- الموسيقى في الخطاب النقدي
- الإبادة الجماعية والسياسة والذاكرة : بين بناء الأمة والعولمة
- دورة منهجية لكتابة الرسالة (الأطروحة)
- أخيرا كتابة مشاريع التخرج

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

تلك هي السعادة .

قدرتك على امتلاكِ الحياة بروح متجددة ، قادرة على صناعة الفرح .. تلك هي السعادة ..

في هذا الصباح ..






ويرتدي هذا الصباح ألوان من الجمال ، ينفث أنفاسه بالأمل ممتزجا بالفرح وبهذا الجو الخريفي اللطيف فيمحو تلك الزوايا الخائبة من الذاكرة ، مُضياً نحو نور لا يخبو ولا ينطفئ ، لعل السماء تأتي بقطرات من الخير تتمايل متراقصة من حولنا كفراشة زاهية ، وكأنها ثغر مبتسم، يلوح مناديا : حيَّ على الحياة .. صباحكم سعيد ..





( الصور هذا الصباح من النافذة في زيارة الى جنوب البلاد ) 




الأحد، 20 يناير 2019

صباح بشير : نساء تقتحم التاريخ



 المرأة هي صانعة الحياة، وهي نبع الخير وذلك الظل الممتد الذي لا ينحسر، هي من أضاءت التاريخ بروائعها فتأصلت في الذاكرة في كل مكان، فكانت الحاضنة الوجدانية بأعمالها الخالدة على الدوام .

 قصص كثيرة عبر التاريخ البشري، الذي لم يزل ذكوريا في أبعاده رغم كل ما وصلت إليه المرأة، إلا أن صفحة التاريخ لم تطوَ بعد، فهي تزخر بإنجازات النساء اللواتي أثبتن أنفسهن عبر أعمال كانت في عصورِهن حكرا على الرجال، فأثبتن حضورهن وبصمتهن الإنسانية الواضحة في كل مجال. في قصتنا اليوم نشعر وكأن التاريخ يتوقّف لبرهة من الوقت، ليخرج منه أناس ويدخل فيه آخرون .

نُشرت دراسة حديثة (يناير 2019) بعنوان “لوحة الأسنان في العصور الوسطى” حيث تُظهر نتائجها أنه وبالصدفة البحتة ، عندما شرع فريق عالمة الآثار الباحثة “كريستينا وارنر” في معهد ماكس بلانك  لتاريخ العلوم البشرية، بدراسة الميكروبات في الهياكل العظمية القديمة، كان أحد هذه الهياكل مثيرا للاهتمام حيث جُلِب من مقبرة تاريخية قديمة كان قد دُفن فيها، قريبة من دالهايم في ألمانيا في الأرض المجاورة لكنيسة سان بيترو ، والتي تم حفرها خلال أعمال البناء والترميم للمدينة . حددت الاختبارات الجينية أن هذا الهيكل يعود لامرأة راهبة كانت قد عاشت في دير ألماني بين القرن الحادي عشر والقرن الثاني عشر، ويتراوح عمرها بين 45 الى60 عاما.

 كان الهيكل العظمي يحمل لوحة زرقاء احتفظت بلونها الذي لم يتلاشى عبر الزمن، تَطَلب شرح الامر بحثا طويلا من قبل المؤرخين وعلماء الآثار، في النهاية كُشٍف السر عبر تقنية تحليلية تسمى التحليل الطيفي الصغير، فكانت المفاجأة بأن الجسيمات الزرقاء في اللوحة كانت من اللازورد الذي كان نادراً ومكلفاً جدا في تلك الحقبة الزمنية التي عاشها الهيكل، المفاجأة الثانية كانت عند تحليل أسنان الهيكل حيث وجدت بقايا صبغة اللازورد عالقة فيها، كانت هذه الدراسة مثيرة للاهتمام من قبل فريق دولي من العلماء من مختلف الجامعات والمؤسسات (جامعة زيورخ في سويسرا، نيويورك ،هارفارد ، كولومبيا البريطانية، جامعة روما ومتحف التاريخ الطبيعي في الدنمارك، معهد الطب التطوري في زيوريخ) .  لم تُظهر التحليلات العظمية أي علامات على تآكلها أو أن صاحبتها قد عانت من الامراض أثناء الحياة، مما يشير إلى أن المرأة قد عاشت حياة مريحة ولم تكن عرضة لنشاط بدني مكثف.

كشفت الباحثة “كريستينا وارنر” بأن المرأة صاحبة الهيكل كانت كاتبة، ووجود صبغة اللازورد على أسنانها يشهد على ذلك، وقد شاركت بدور فعال في إنتاج المخطوطات والكتب التي كانت صناعتها تعتبر حكرا على الرجال في عصرها، فالمخطوطات في القرون الوسطى كانت تنسب للرجال فقط، وجزيئات اللازورد الصبغي الثمين التي وُجدت على الاسنان توحي بأنها قد علقت بسبب عادة كانت منتشرة على نطاق واسع بين الكُتّاب، وهي أن الكاتب كان يلجأ لترطيب القلم أو الفرشاة بوضعه بفمه ومسحه بلسانه.

 كانت المخطوطات التي تستخدم الصبغة الزرقاء المستمدة من اللازورد غالية جدا بسبب تكلفتها في ذلك الوقت، حيث كانت تُستعمل لتزيين الكتب والمخطوطات الفاخرة الثمينة الهامة، فاللازورد هو حجر كريم كان يُجلب من أفغانستان ويصل إلى أوروبا عبر التجارة، وبالتالي فقد كان متاحاً للكُتّاب والنبلاء من الرجال فقط . هذه الدراسة تؤكد حضور النساء الكاتبات المثقفات عبر التاريخ في كل مكان، حيث عملن بجد وصمت فأنتجن الكتب والمجلدات والمخطوطات.

في عصرنا الحاضر يتم تسجيل كل ما تتمكن المرأة من تحقيقه ، الا ان النساء قديما لم يَتمكَّنَ من ذلك، فما وصل الينا من انجازاتهن عبر التاريخ أقل بكثير مما لم يؤرخ أو يُكتشَف فيُسَجَل أو يكتب عنه بعد.

January 20, 2019 /صحيفة رأي اليوم 

الجمعة، 18 يناير 2019

إضاءة ...

في عالم صاخب تكثر فيه الأعباء وتتسارع وتيرة الحياة وتشتد وطأتها، نجد كآبة المنظر تلقي على وجوه الناس ظلالها، يزداد الأمر تعقيدا حين لا نجد الوقت الكافي لأنفسنا، وبمرور الوقت نشعر بنفاذ طاقتنا الداخلية، تلك التي تزودنا بالتحمل والصبر. عن نفسي لا أحب الأجواء الصاخبة ولا أملك القوة لتحملها، لذا أهرب منها إلى الهدوء في عالمي الخاص، حيث أستمع الى الموسيقى وأدوِن كل فكرة أو صورة أعايشها عبر حاسوبي الصغير، هكذا أجدني أهرب الى الكتابة من كل شيء، ألوذ بنفسي إليها وأتوحد معها، فأجد بها أناةً وراحة، ومفتاح الخروج من عالم يضجُ بالصخب.

 تراودني الرغبة في الكتابة منذ أيام، إلا أنني عانيت من عسر غريب في جمع الأفكار التي بدت وكأنها تائهة مبعثرة ! كما وجدت صعوبة في إيجاد الوقت الكافي لذلك، قلت لنفسي: علي أن لا أجعل من ذلك حجة ومدعاة للكسل، فالكتابة هي مرآتي الخاصة التي أنظر بها دائما إلى نفسي، وهي تلك المساحة التي أعتز بها فتشكل علاقتي التي أحب بالكلمات والأفكار. وما أن أنهيت كتابة هذه السطور حتى شعرت بالراحة، فقررت أن لا أبخس الكتابة حقها وأن لا أبخل عليها بالوقت، رغم ضيقه وكثرة الانشغالات.

الكتابة هي الإنسان بكل ما يحمل من أبعاد فكرية، وهي تمثل صلته الاجتماعية ببيئته والمحيط، وكل كلمة تُكتب تُكَوِّن علاقة دافئة بينها وبين كاتبها، هكذا أشعر بها، إذ كلما أوشكتُ على الانتهاء منها أجدني أعود إليها مجددا فأتوحد معها لأغيب في عالم من نبضٍ آخر، لا يراه أحد سواي، فلا أحب الخروج من نفسي أبدا، وحين أنتقل من سطر لآخر، تتراءى الأفكار أمامي فأطرب لها كأغنية شجية، حينها تسيطر علي الرغبة في التعبير لأكتب عن قناعة ورأي، أو من فرح بلغ حدود البكاء، أو من حزن تسلق جدار القلب، أو من دمعة نَجَحتُ في إخفائها هناك بعيدا عن أعين الناس.

قديما كان الصائغ الحرفي ينفخ في النار ثم يضع قطعة الذهب الخام في الفرن، يقوم بتبريدها وتسخينها عدة مرات، وذلك للحفاظ على ليونتها أثناء معالجتها، لتتحول بعد ذلك إلى صفائح ذهبيه، ثم إلى حلي وقطع أنيقة يتم تصميمها بالشكل المطلوب، معبرا بذلك الصائغ عن حرفيةٍ ومهارة، تلك التي صنعت لنا قطعة فنية جميلة نتزين بها. وهنا نجد تشابها كبيرا من حيث الفكرة والانتاج بين عملية الصياغة وعملية الكتابة، فبعض الكلمات البسيطة أحيانا تتطلب منا القوة حين نقرر كتابتها، فأن تكتب يعني أن تتقدم في الكتابة أو تعود أدراجك لتبدأ صفحة بيضاء جديدة، أنت هنا في طريق ممتد متشعب، تصوغ الكلمة لتصل بها الى الجوهر والمعنى، معبرا بذلك عن ذاتك وأَناك، تلك الأنا التي تعبر من خلالها عن وعيك في صورته الحاضرة، فتبلور شغفك وتطلعاتك مع كل ما تختزنه من مهاراتٍ وحسٍ وشعور، مقتنعا لتبلغ الهدف وتلك الرغبة في معانقة السماء حين تسكب الحروف عطرها بين سطورك فتحكي وتبوح، ويشهد على ذلك وقع كلماتك ودَوِيّها بعد قراءَتها ومرورها على الآخرين.

حين أشاهد صور الكُتّاب على أغلفة الكتب، أشعر بتلك النظرات الشاردة الساهمة ! وأغبطهم لأنهم يتحررون بعد الكتابة مما علق بأرواحهم من استياء وكدر، فالكتابة هي حمائم السلام وذلك التآلف مع النفس والرضى والانشراح، وتلك السكينة التي نحتاجها حين تأوي إليها أرواحنا المتعبة،  فنفر اليها من كل عناء ونَصَب.

 أن تكتب يعني أن تنبعث باتجاه نفسك فتنساب أفكارك على حواف القلب من كل مكان، وقد تشتم رائحة الذكريات هناك من جيب خفيّ في الذاكرة، وقد تشرق غزالات الحنين لترتوي من عمق الفكرة، هكذا حتى يتسع النص المشغوف على وقع الكلمات برونقه وجماله فيحتضن كل الصور وكل المعاني والآراء، وتنطبع بذلك روح الكاتب لتغدو هوية تُعرِّف عنه.

نحن لا نعلم ما يبذله الكُتّاب من أرواحهم وكيانهم أثناء عزلة الكتابة، فهم يبحثون دائما عن جديد مفقود، أو عن زاوية من الحياة لم تُقرع أجراسها بعد، أو أفكار غير مستهلكة لامعة مميزة، ربما يتحررون من خيباتهم حين يبوحون، ولربما يتطهرون حين تتمرد دموعهم فتتسلل في وَجَمٍ وصمت.




January 18, 2019 / صحيفة رأي اليوم 

صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد

  ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاح...