بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاثنين، 12 يوليو 2021
الأربعاء، 7 يوليو 2021
صحيح
مقومات الثقافة والفن والأدب تحمل قدرا واسعا من الإبداع الذي يدفع بالذوق العام إلى الارتقاء، فمتى تحلى الفرد بالذوق الفني والثقافة، سيمتلك نظرة جمالية لكل ما يراه من حوله ويصبح أكثر توازنا، مما يضفي على حياته لمسة إنسانية مؤثرة في سلوكه وتفاعله الاجتماعي.
خذ القرار
معظم الناس لا يقدِّرون تضحياتك حتى تستنزف جُلَّ طاقتك فتتوقف، ولا ينتبهون إلى يدك الممتدة إليهم دائما حتى تقرر سَحبها، الاسوأ انهم لا يلاحظون حضورك حتى تقرر الانسحاب فتغيب! حين تتواجد بين هؤلاء خذ القرار ولا تتأخر ، تَرجَّل باحثا عن نفسك واحفظ عليها أصالتها وجمالها.
مسؤولية
على عاتق المثقف الكثير من المهام، فهو الجندي الأول في معركة الثقافة والتوعية والتنوير، وهو ضمير عصرنا الحي إذا ما تمكن من البقاء صامداً نقياً مُحافظاً على بوصلته الأخلاقية من الشوائب، متمسكاً بإنسانيته وأخلاقه، متواضعاً متعاطفا، يقف إلى جانب كل مقموع ومقهور ومُضطَهد على هذه الأرض .
لنقرأ
يجب توفير الوقت للقراءة ما أمكن، وأقل ما يمكن عمله هو استغلال الوقت الضائع من يومنا بتلك الأداة الممتعة المدهشة، والتي لا يجب الانقطاع عنها أبدا.
الحرية
من الحرية تنطلق النهضة وتنمو المجتمعات، الانسان الذي لا يملك حريته لن يتمكن من صنع الحياة، من تسحق إرادته وشخصيته، لا يتفاعل ولا يتجاوب، هو عاجز عن توظيف طاقاته الإبداعية الخلاقة، لذا لا يتقدم ولا يتطور، نظرا لعجزه عن العطاء.
نمو فكري
أن تنمو بفكرك يعني أن تسير إلى الأمام، تنبعث باتجاه نفسك لترتقي بها، تنغمس في طريقك المزدحم بالأفكار ، فيشهد على ذلك وقع خطواتك، من نفسك وإليها، من فرح بلغ حدود البكاء، تتحرر مما علق بروحك من القيود والخيبات، وتعلن قيامتك من حزن تعربش على حيطان النبض وإليه.
صباح بشير: عن رسولة العطر والغیاب
يمثل الأدب مصدراً للهوية ويسهم في بناء المجتمعات، يستمد أهميته من وصفه للواقع بكل صوره وأشكاله، فهو يقدم لنا النماذج على صعيد الفرد والجماعة، وذلك في إطار حالة إنسانية أو حدث ما، كما يساهم في الارتقاء بمفاهيم المجتمع، كذلك ويلقي الضوء على تجارب المبدعين، تلك التي تثري التجارب الانسانية وتضيف إليها، وعندما نقرأ نصا أدبيا فإننا نقرأ تجربة حية كُتبت برؤية كاتبها وعيونه، لتعبّر عن مشاعره وأفكاره، هكذا تتاح لنا فرصة المعرفة والتعاطف مع من خاضوا تجارب الحياة المختلفة، فنتعلم الكثير منهم عن ظروفٍ وأحداث لم نعرفها سابقا، خاصة لو كانت هذه التجارب تتحدث عن الفقد أو موت أحد الأحبة.
مؤخراً كنت قد قرأت كتاب “رسولة العطر” للسيدة الأديبة أمل المشايخ، والذي أهدته الى روح زوجها المرحوم الشاعر عاطف الفراية، فكتبت تقول: “إلى عاطف حين ظلَّ حاضرًا رغمَ أنفِ الغياب”.
“رسولة العطر” هو مجموعة من النصوص في التأمّل، الحب والفقد والألم، كُتبت بلغة شفّافة وأسلوب رقيق، إذ تطل علينا أمل لتصف أمور قلبها وشؤون روحها باختزال شديد، لقد شعرت بأني وقعت على تحفة أدبية مدهشة بين طيات الكتاب، تقطر حبا وعشقا.
كتبت أمل برؤيتها الخاصة، فظَهَرت في قالبٍ يحمل جزءًا من روحها أحيانا، أو يحمل فلسفتها في تجاوز الألم أحيانا أخرى، هكذا استرسَلَت ومَضَت في عرضِ الفكرة، محاولةً قدر الإمكان التركيز على ذات السياق، مبتعدةً عن الفذلكة الكلامية، معتمدةً أساليب هادئة يسيرة، لتقبض على اللحظة الجمالية وتعبر عن ما بَدَأَت به قائلة :
كلما ذكروا الغيابَ تحسست قلبي
قلبي الذي كلَّما هبَّتْ ريحٌ صوبَ الجنوب
أرسلَ سلامه مع العابرين
العابرين الذين على وقعِ أقدامِهم
يعلو وجيبُ قلبي.
أَتْقَنَ الغِياب فأتقنت هي الحنين، هو العشق إذن، حالة خاصة نعيشها مرة كلحظة الميلاد، حيث المتناقضات، الألفة والانسجام، الحزن والفرح، الموت والحياة، وأمام تلك الحالة الشعورية وبعد كل عنوان تشدنا أمل بحرفية التصوير والوصف، فتمزج بين الماضي والحاضر وتجمع بين الأمكنة والأغنيات والأحلام، الأسئلة، المواقف وكل التفاصيل، وتعبر عن ما يختلجها من العواطف والأحاسيس، فتروي لنا الحكاية وقصص الغائبين، بنَسَق بديع ودروس في الاحتواء والوفاء، وشفافية تسمو بنا الى السماء..
أردْنا أنْ نرسمَ قلبًا وحرفين
كما يفعلُ عاشقان صغيران
يتجرَعان كأسَ الحبِّ للمرَّةِ الأولى
على السِّدرةِ ثمَّةَ صِغارٌ يطوفون بالعاشقين
كانوا يعابثون الفينيقَ
ويصفِّقُ بأجنحتِه
ما زلْنا نحاولُ أنْ نرسمَ قلبًا وحرفين
عادَ الفينيقُ إلى الأرضِ وحيدًا
يا بؤسَها الأحلام !
تكمن الجاذبية عند قراءة هذه النصوص في الأحاسيس التي يثيرها هذا البوح الإنساني العذب والذي يعبئ عند القارئ ملكات فكرية ونزعات عاطفية، وكأن أمل تبث شكواها إلينا لتخفف بذلك لوعة الفراق، لعل ذلك يؤنسها ويداوي الجراح.
تتألم أمل بصمت، تحمل حزنها والبهجة في آن، تجسد الوفاء وتلك الصورة الحقيقية لحبها وصفا ومحاكاة، فحين يغيب الحلم وَيُغيِّبُ الموت أحد الأحبة، تبقى رؤى المبدع هي من تبلسم ذلك الضّعف الإنسانيّ وتداوي الجراح. يحضرني الآن ما كتبه شاعرنا الكبير محمود درويش : الموت لا يوجع الموتى .. الموت يوجع الأحياء !
أما أمل فقد كتبت تقول:
أحمر هذا الدم
ووردي هذا الحب
فهلا أتينا بلون سواء بينهما
لو أن الأبيض يأتي لانجلى شيء من هذا الغبار
سيكون ثمة لون ثالث
ربما بلون الشفق
ربما بلون الأرجوان
لكنه ليس دما
لكنه ليس كفنا
كم يؤلمنا مهرجان هذي الألوان!
صباح بشير: التراث وعلاقته بالحداثة
من أهمّ المفاهيم الّتي انشغل بها الفكر المعاصر التراث وعلاقته بالحداثة، تباينت المقاربات والنظريات في تناول هذه القضية، فمنها النّظرة التقليدية المتمسكة بتراث الماضي، النظرية الليبرالية التي ترفض العودة الى الخلف، ونظريات تحاول التمسك بإيجابيات الماضي مع الانفتاح على الحضارة الغربية.
يعود اختلاف المفكّرين والباحثين في تناولهم لمسألة التّراث والحداثة للعوامل الأيدولوجية ودورها في التعامل مع هذه الجدليّة، انطلق بعضهم من منظور الحداثة الغربيّة لنقد التّراث، فدعا الى التغيير وإعادة قراءة التراث ليكون مواكبًا للحضارة، العديد من الباحثين قاموا بإعادة النظر في الفلسفة والعلوم الإسلامية، وذلك لمحاولة الكشف عن فلسفة إسلامية تتماشى مع الحداثة والمعرفة والعلم، فمثلا المفكر علي شريعتي قام بإعادة النظر في المصادر الكلاسيكية على نطاق واسع، لإظهار توافق الإسلام مع الأيديولوجيات الحديثة لا سيما الاشتراكية والقومية، ينطبق هذا الأمر على المفكر الطيب التزيني الذي اعتمد على الجدلية التاريخية في مشروعه الفلسفي لإعادة قراءة الفكر العربي، والفيلسوف حسين مروة الذي قدم كتاب “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية” وركز على احتواء الفلسفة والفكر الإسلامي على وجهات نظر وأساليب مادية متقاربة نوعا ما مع الديالكتيك المادي، أما المفكر محمد عابد الجابري فقدم مساهماته في تحليل المعرفة في الثقافة العربية ونقد العقل العربي، عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية ودراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي، ابتكر مصطلح “العقل المستقيل” ذلك العقل الذي يتجنب مناقشة القضايا المحورية الهامة، مشيرا إلى أن العقلية العربية بحاجة إلى إعادة الابتكار. في كتابه الأصول الاجتماعية للإسلام طرح أستاذ علم الاجتماع محمد بامية العديد من الاسئلة، وَوضّح أننا بحاجة إلى الشجاعة وكسر الحواجز لنصل الى الفهم الصحيح، والى المزيد من الاثباتات التاريخية والأدلة الأركيولوجية خاصة وأن التراث العربي في مجمله ضد الحداثة، أما المفكر هشام شرابي فقد تناول التغييرات الهيكلية داخل العالم العربي خلال القرن الماضي والتي أدت إلى “النظام الأبوي الجديد” بدلاً من الحداثة، وفسر ذلك بأنه نظاما أنتجه ذلك التغيير الاجتماعي الذي افتقر إلى الإحساس بالأصالة، كما تناول السلوكيات الاجتماعية، هيكل العائلة العربية، العجز، التبعية، الوعي والتغيير، المثقف العربي وتحديات العصر.
بينما تسعى العديد من هذه الدراسات وغيرها إلى اكتشاف السبب الجذري للركود والتخلف المعاصر من خلال الاستقصاءات التاريخية، تسعى العديد من الدراسات الأخرى إلى الكشف بنفس الأسلوب عن ديناميكية التراث وقدرته على التكيف مع مختلف الانظمة الاجتماعية والادعاءات الأيديولوجية، من بين أهم مؤسسي النهج النقدي المفكر والمؤرخ محمد أركون الذي رفض الفصل بين الحضارات، قدم فكره “نقد العقل الإسلامي” وتساءل عن تاريخ المفاهيم المركزية، كالدين والمجتمع، الحلال والحرام، العقل والضمير، المعرفة التاريخية والعلمية والفلسفية إلخ. أما مؤرخو الفكر والأدب فقد تطرقوا أيضا إلى هذه المفاهيم، لكن ومع الأسف لا زالت الحواجز قائمة في طريق المعرفة، بالإضافة إلى إشكاليات التطبيق بين الاديان والتاريخ والفلسفة، والعلوم المعرفية والسياسية والأدب، خصوصا فيما يتعلق بالأنثروبولوجيا التي لم تزل غائبة عن الأذهان بفروعها، والتي تدرس التصرفات الانسانية وبناء الثقافات البشرية، أداءها ووظائفها في كل زمان ومكان، كذلك وتأثير اللغة على الحياة الاجتماعية وتطور الإنسان بيولوجيًّا، وثقافات البشر القديمة.
في سياق مناقشة الموقف من الحداثة لن ننسى مسألة الجندر، أستاذة الاجتماع فاطمة المرنيسي كتبت عن المساواة بين الجنسين وحقوق النساء، وعن موقف الإسلام من المرأة وحللت تطور الفكر الإسلامي والتطورات الحديثة، مثال آخر يتمثل في أعمال الاستاذة ليلى أحمد والتي كتبت حول المواضيع المتعلقة بالعلوم الإسلامية والدراسات النسوية.
وعن الأعمال الأدبية التي ناقشت فكرة التغيير في مجتمعاتنا، فلضخامة التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية الحاصلة كُتبَ الكثير منها، وبرز العديد من الروائيين الذين ركزوا على إعادة بناء التاريخ والمجتمع بشمولية، الأديب والناقد الحداثي عبد الرحمن منيف أحد أعمدة السرد العربي في العصر الحديث، مزج الأدب بالسياسة، كتب ضد القمع واستلاب الحرية، وَثّقَ في أعماله التحولات في العلاقات الاجتماعية والعادات، والتوترات الناتجة بين الأصالة وعدم الأصالة في الخيال العام، كان يتعمق في قلب الحياة الثقافية العربية مطّلعا على النتاج الثقافي، دون أن يتغاضى عن ما يحيط بالعرب والعالم من تطورات. الكاتب جمال الغيطاني استلهم التراث المصري ليخلق تجربة ناضجة من خلال أعماله، خصوصا روايته المعروفة “الزيني بركات”، أما مسيرة نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل فتم تكريسها لإعادة بناء معقدة ودقيقة للغاية لعلم النفس الاجتماعي وعلاقته بالأعراف والتقاليد، فقد كان متميزا في استخدام مخزون واسع من الأمثال والتقاليد والعادات والسلوكيات التي تضمنتها أعماله، حيث جمعت هذه الأعمال بين التوجهات البحثية لفهم المجتمع وتاريخه، والهياكل الاجتماعية والمؤسسية والعقليات، والأخلاق التي تحكم التفاعلات اليومية على مستوى الشارع والحدث.
أخيرا فالحداثة قد تجاوزت التراث، والعلاقة بينهما متنافرة متضادة، ولا أعتقد أن هناك إجابة كافية على كل الاسئلة المطروحة، فهل يمكن مواكبة التقدم دون المّس بالتراث؟ هل تعتبر إعادة قراءة التراث أداة من أدوات التحديث؟ وهل من الممكن قراءة الذات التراثية بكل ما أنتجت على ضوء التطورات والازدهار الحضاري الذي يشهده العالم؟
الثلاثاء، 4 مايو 2021
يدا بيد نحو مجتمع أفضل
صباح بشير
تمثل الإناث نصف سكان العالم وبالتالي نصف إمكانياته، وعلى الرغم من مرور أكثر من قرن على النشاط النسوي إلا أن النساء في مجتمعاتنا العربية لا زالت مستمرة في مواجهة التهميش وعدم المساواة، تلك اللازمة لإطلاق إمكانيات المجتمع السليمة. يعود السبب لعدم إحراز تقدم حقيقي في مجال حقوق المرأة في العالم العربي لصمود النظام الأبوي وخضوع المرأة للمعتقدات الثقافية والتقاليد السائدة في هذه المجتمعات، كذلك للسلطة القائمة على الطبقية والجنسانية.
منذ نهاية القرن التاسع عشر بدأت نساء الطبقة الوسطى والنخبة في دخول معترك الحياة العامة، وذلك من خلال تأسيس الجمعيات الخيرية والنقابات النسائية التي دعت للمزيد من الحقوق في الزواج والتعليم، لم تكن هؤلاء النسوة “يقاومن النظام الأبوي” بل رأين أنهن يساهمن في النضال ضد التخلف، فأصبح ظهور المرأة علامة رئيسية للهوية بالنسبة للطبقات الوسطى الناشئة وتجسيدًا لمفهوم الحداثة.
المفكر المصري قاسم أمين رأى أن وضع المرأة المسلمة أحد أسباب التخلف، وفي كتابه تحرير المرأة عام1899م، كتب أن المرأة هي العمود الفقري للمجتمع، وربط أسباب التخلف بنقص تعليم المرأة والحجاب وخضوعها للرجل، ثم بدأ في الدعوة إلى ضرورة رفع مكانة المرأة من منطلق وطني وأخلاقي، وألقى باللوم على التقاليد في اضطهاد المرأة، واستخدم النصوص القرآنية لإثبات حقوقها.
يقع اللوم على عاتق النزعة المحافظة المتزايدة منذ نهاية السبعينيات، فقد كانت الخمسينات حتى السبعينات من القرن الماضي تشهد نظرة أكثر علمانية، وربما كانت ثورة 1979م في إيران هي المحور الأكثر وضوحًا في التوجه نحو التعصب، أما الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979م فاستخدم الجماعات والأيديولوجية الإسلامية المتطرفة لمحاربة الشيوعية، كما أدى استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى تغذية التطرف، ومن أفغانستان حتى المغرب، اكتسبت الحركات المحافظة أرضًا خصبة مما زاد من ترسيخ الفكر الديني المتشدد الذي كان في جوهره كارهًا للمرأة.
صعود الحركات الراديكالية بعد عام 1967 م – مصر نموذجا .
عند التفكير في الاضطرابات التي انطلقت بعد عام 1967م ، والتي كشفت عن بعض أوجه التشابه المثيرة للاهتمام مع الفترة من 2011م حتى 2013م ، فقد أدت هزيمة عام 67م إلى التشكيك في شرعية المشروع العربي وإلى حقبة جديدة في السياسة العربية. في مصر أطلقت الصدمة العميقة العنان لحركات معارضة جديدة بسبب الغضب من تلك الهزيمة، وذهبت مطالب المتظاهرين والطلاب الراديكاليين إلى أبعد من ذلك، فقد نادوا بمزيد من الحريات السياسية، كانت قضايا حقوق المرأة وتحريرها تخضع للأهداف الوطنية والسياسية لمقاومة الإمبريالية والاستبداد والنضال من أجل العدالة الاجتماعية، أقرّ قادة الحركات بضرورة حشد النساء للمشاركة كوسيلة لتحديث المجتمعات العربية، نجحت هذه الحركات في حشد الشابات للمشاركة في النشاط السياسي، وأتاحت الاضطرابات التي أعقبت عام 1967م فرصًا لتجاوز المعايير السائدة بين الجنسين، وخلقت بيئة اجتماعية متغيرة بدأت فيها الحركات النسوية والاجتماعية بالظهور لتحدي الوضع السياسي والجيوسياسي والاجتماعي، ومع أن هذه الحركات كان لها مواقف إشكالية من الناحية الأيديولوجية تجاه المساواة بين الجنسين، إلا أنها وفرت أرضية لتجاوز المعايير السائدة للاحترام الجنساني، من خلال المشاركة في المظاهرات وتحدي السلطة، هكذا قامت النساء بمواءمة أدائها للبنى الجندرية الجديدة مع مقاومة الوضع الاجتماعي والسياسي والجيوسياسي في ذاك الوقت.
بعد توقيع الرئيس أنور السادات معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979م ، بلغ الدعم الأمريكي لمصر مليارات الدولارات كمساعدات كانت تستهدف في حقيقتها الثورة المضادة والقوى السياسية الراديكالية والنوع الاجتماعي، حاول الرئيس السادات تقويض الحركات السياسية الراديكالية من خلال السماح للإسلاميين بالعمل علانية في حرم الجامعات، كان دعم السادات للطلاب الإسلاميين وتقاربه الأوسع معهم وسيلة لمواجهة تأثير الجماعات السياسية الناصرية واليسارية، وكان بمثابة إشارة للانفصال عن نظام التحديث العلماني لعبد الناصر الذي كان يشجع على نسوية الدولة، تعكس هذه المواقف تنامي النزعة الاجتماعية المحافظة التي كان يحث عليها الإسلاميون، وعلى الرغم من ذلك بدأت المنظمات والمبادرات النسائية المستقلة بالازدهار، فمثلا قامت نوال السعداوي بتأسيس جمعية تضامن المرأة العربية التي طرحت موضوع العنف ضد المرأة، وبذلك أتيح الدور لعودة ظهور الجمعيات النسائية المستقلة في مصر مما أعطى للمرأة مساحة للتعبير عن خطاب جندري جديد.
في عام 2000 م اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ثم بدأت الحركات الشعبية في الظهور، لم تكن قضايا حقوق المرأة على جدول الأعمال، إلا أن المرأة قد برزت في هذه الحركات على عكس الحركات الثورية بعد عام 1967م، وللأسف لم تكن هنالك أي محاولة لإدراج قضية المرأة.
في مصر وبين عامي 2011و2013 م تمكنت النساء من إعادة إدخال “قضية المرأة” في الحركات الشعبية وذلك استجابة لزيادة العنف ضد الناشطات، وفي ظل حكم المجلس العسكري والإخوان المسلمين، برزت المنظمات النسائية الجماهيرية، كانت الناشطات المصريات في الطليعة، يناضلن من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية، رفعن مطالب خاصة بالنوع الاجتماعي وفيما يتعلق بمشاركة المرأة وسلامتها الجسدية، نجحت النساء في دمج وتحويل معايير النوع الاجتماعي إلى مطالب بتغيرات اجتماعية وسياسية أوسع، وتحرك نظام ما بعد يوليو 2013م لتوسيع حقوق المرأة من خلال الدستور وقانون مكافحة التحرش الجنسي لعام 2014م ، هكذا جسدت مشاركة المرأة في الحركات الراديكالية التحول الاجتماعي والسياسي، بما في ذلك تغيير المعايير الجنسانية.
على الصعيد الاقتصادي .
من الخطأ عدم ربط الأبوية والذكورية بالطبقية والقهر الاقتصادي والاجتماعي، فالسبب الرئيسي للخسائر الاقتصادية هو الحواجز القانونية المستمرة والأعراف الاجتماعية التي تعيق وصول المرأة إلى فرص العمل والابتكار، فقد ثبت أن تمكين المرأة يحفز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، إذ يمكن للمرأة أن تسهم في اقتصاد البلاد، لأن عمالة المرأة يمكن أن تحسن دخل الأسرة المعيشية بدرجة كبيرة وأن تُخرج العديد من الأسر من براثن الفقر.
المشكلة متشعبة، منهجية ومؤسسية، وتتلخص في النظام العالمي برمته، فهو نظام طبقي عنصري، يرتبط بالرؤية الذكورية القائمة على التفرقة ويرسخ مبدأ “اللامساواة” بين الجنسين، ولا يمكن لهذه الفجوة أن تتقلص إن لم تشمل هذه المساواة جميع طبقات وفئات المجتمع، وهنا لا بد أن نعيد الحديث عن الخطاب الإسلاموي، فلا يمكن تجاهل التغييرات التي حدثت في مجتمعاتنا نتيجة لهذا الخطاب المرتبط بالإسلام السياسي والتطرف السلفي الديوبندي، الذي عمق الرؤية الذكورية مما أدى الى تراجع البنى الثقافية في مجتمعاتنا.
الفيلسوف الفرنسي ديكارت قال: أنا أفكر إذا أنا موجود، ولكن هل التفكير وحده يكفي لتحقيق الطموح وتغيير الواقع؟ لا بد للأفكار أن تخرج الى النور، ومن هذا المنطلق نحتاج إلى تمكين فكري قبل أي تمكين آخر، وبهذا المفهوم يجب مناقشة قضايا المرأة في إطارها الفكري والتاريخي العام، يجب السعي نحو تحقيق عدالة النوع الاجتماعي وصولا إلى الوعي بضرورة تغيير مفاهيم المنظومة التربوية القائمة على الفكر الذكوري، وهذا ما يتطلب ثورة فكرية تبدأ بالإنسان أولا…
صحيفة رأي اليوم
30-4-2021
الأحد، 27 ديسمبر 2020
مع الأسف!!
إن شر الناس من تطفل عليهم واقتحم خصوصيتهم ! فهل ندرك أن لا حرية ولا كرامة للإنسان في ظل تدخل الغير بشؤونه الخاصة ! الإنسان هو كائن حر مستقل له كامل الحق في التعبير عن نفسه وأخذ قراراته الشخصية دون أي تدخل من قبل الاخرين، فَلِمَ نتقبل ان يُهمّش الفرد لصالح منظومة المعتقدات والأعراف والعادات الرجعية المتخلفة؟ ما الذي يمنعنا من الخروج من هذه القوقعة ؟
ميلاد مجيد
عيد الميلاد المجيد هو عيد للمحبة والفرح، يحتفل به العالم في ظل أوضاع استثنائية، فالمعاناة وصعوبات الحياة ومآسيها التي تمر بها معظم البلاد العربية لا زالت مستمرة، وعلى الرغم من ذلك نحاول تخفيف وطأة الأحداث بمواساة أنفسنا وبتهنئة بعضنا البعض، لذا دعونا نبادر بنشر المحبة حيث البغضاء، والتسامح حيث الإساءة، والوفاق حيث الخصام، والرجاء حيث اليأس، والفرح حيث الحزن ، وهذا ما نحتاجه قولا وفعلا في هذه الظروف القاسية .. أتمنى أن يحلّ السّلام ويعمّ الوئام والازدهار في بلادنا والعالم أجمع .. وكل عام والجميع بخير ..
الجمعة، 11 ديسمبر 2020
صباح بشير: حول السلسة القصصية الجديدة للكاتب محمود شقير
عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع – القدس- صدرت قبل أيام سلسلة قصصية جديدة للأطفال بقلم الأديب الفلسطيني الكبير محمود شقير، تضم هذه السلسة مجموعة من القصصِ الجميلة التي تثري عقول الأطفال واليافعين وهي : سلسلة الخالة مريم ، مغامرات مهدي وجمانة ، سلسلة حب الوطن .
أبدع الكاتب الفلسطيني محمود شقير في كتابة القصة والرواية للكبار والصغار ومختلف الأعمار، قدم الكثير من المؤلفات، كما كتب أربع مسرحيات وعدة مسلسلات تلفزيونية، وقد ترجمت بعض أعماله لعدة لغات، ومن خلال أعماله السابقة أنشأ الكاتب بينه وبين القارئ الصغير اتصالاً وتفاعلاً مباشراً، ثم واصل ما بدأه من الإنتاج . فقدم هذه المرة مجموعة متميزة بأساليب سردية قام بتنظيم أحداثها وشخصياتها ومكانها، لتُكسب الطفل القدرة على الوصف والتعبير والتدقيق والملاحظة، وذلك لإثراء عقله وتفكيره، معلوماته ، ومعجمه اللغوي، وباختيار مواضيع تغرس في نفسه حب الوطن والشعور بالانتماء اليه.
أما عن بَطليّ القصص “مهدي وجمانة” فمن خلالهما تمكن الكاتب من اعطاء تجربة تفاعلية شاملة، فحرص على تلائم النص والمضمون مع تصورات الأطفال وخيالهم الغض، وذلك لجعل القراءة بالنسبة لهم متعة وهواية محببة، كما بَسَّطَ و أَعَدَّ العمل ليخوضوا تجربة غنية بالمعنى الذهني، وذلك لتتحرر عقولهم ، وتُغرَس فيها أفكاراً ذات قيمة ومدلولات عظيمة، فتتربى نفوسهم وتتهذب، وتُزرعُ فيها قيم الحب والخير والجمال .
أما عن تجارب الحكايات التي وردت في النصوص، فهي تضفي إلى عالمهم المعرفي رسائل ذات مغزى وفضائل متعددة، كما وتعرفهم على واقع وظروف هذا المجتمع ، وتقاليده وثقافته، وتوسع آفاقهم ، وتزودهم بفهم أوسع وقدرة على مواجهة المواقف، وذلك من خلال تصرفات ومواقف مختلف الشخصيات، التي وقفت وواجهت تحديات مختلفة تستهدف وجودها وهويتها .
ركزت هذه المجموعة القصصية على تعليم الأطفال بعض الأساسيات من خلال اعتماد أسلوب التبسيط للمعاني والمفاهيم المجردة ، فمثلا الألم والمعاناة جزء لا يتجزأ من الحياة كما الأوقات السعيدة والمفرحة، وكذلك تعليم الأطفال أن هناك أهداف سامية يعيش من أجلها الإنسان في هذه الحياة كالتضحية والفداء وحب الوطن.
أما عني شخصياً فقد تأثرتُ بقصة “كلنا شجر” ، فبطلة القصة جُمانةُ وقفت بصلابة في الحقل لحماية الشجر من قطعان المستوطنين، شَعَرَت بأنَّها شَجرة، وشعر مَهدي أيضا بأنَّه شَجرة، نظر مهدي وجُمانةُ الى مئات الرجال والنساء والأطفال الواقفين في الحقول ثم قالت جمانة: أنا لستُ الشجرةَ الوحيدةَ هُنا فأنا شَجرة، وأمي شجرة، ومهدي شجرة، وهؤلاء الرجال شجر، والنساءُ شجر، والأولادُ والبناتُ شَجر! هنا يحاول الكاتب تصوير الأوضاع للقارئ الصغير والتي لا يمكن فصله عنها بطبيعة الحال، ثم يقوم بإضافة بعض القيّم السامية كالصمود وحماية الأرض والشجر والممتلكات وغيرها.
الشكر للكاتب الكبير لطرحه ومناقشته هذه المسألة الإنسانية، التي تشتمل على العديد من المعاني التربوية الهادفة، فخلف كلّ شجرةٍ في هذا الوطن حكاية أصيلة، وأشجارنا المعمّرة تخزّن ذكرياتنا كما تُجسد تاريخنا، وهي تشهَد على الأحداث من حولنا بمرور التاريخ عليها، جذورها المغروسة في العمق تزخر بالموروث من القصص والأهازيج والأغاني الشعبية، كان أجدادنا يحتمون بظلالها ويعتاشون على ثمارها، ويتظللون بظلها ويتركون أمتعتَهم ومحاريثَهم عندها، ويعلمون أبناءهم كيفية الحفاظ عليها والاعتزاز بها وعدم التفريط فيها، فهي رمز العطاء المشحون برمزية البقاء والصمود على الأرض.
نعم ...
لا تخجل من ذلك التطور الإيجابي الذي حصل في شخصيتك، من حقك إعادة تشكيل ذاتك بالطريقة التي تناسبك وتغيير قناعاتك بما يتلائم مع نموك الروحي والفكري، كذلك وإعادة ترتيب أولوياتك والأشخاص في حياتك، كل بحسب تصرفاته ومواقفه نحوك .
الاثنين، 7 ديسمبر 2020
موسيقى
إن ما نحياه من الرتابة والروتين قد يؤذينا لولا حضور الموسيقى في ثنايا الحياة من وقت لآخر، فلولاها لما زهت حياتنا بمتعة الحياة ، إنها تُعلمنا الخروج عن المألوف بلغة تحاكي الواقع بملامح الجمال فتلامس أرواحنا بعذوبتها، وكأنها آتية الينا من عالم السحر والخيال، ذلك الممتزج بالقصص والأحلام والروايات، كحكايات ألف ليلة وليلة، تلك التي ألهمت الشعراء أجمل ما كتبوه من الإبداع ...
اللوحة للفنانة آنا رازوموفسكايا (Anna Razumovskaya)
الأحد، 6 ديسمبر 2020
شروق
مع الشروق وانسيابه المذهل ترسل الشمس صباحاتها الدافئة لأرواحنا المتعبة فتنفذ الينا لتمنحنا الأمل بانطلاق يوم آخر جديد .. صباح الخير لكل من وجد نفسه بين صباحاتِ هذا اليوم متفائلاً بالكثير .. صباح الخير للعاكفين على خلق واقع أفضل ، لعشّاق الحياةِ البسطاء الذين تمكنوا من رسم الكثير من الأمنيات ، لكل من تروقهم الأجواء المفعمة بالحيوية وتسعدهم التفاصيل الصغيرة ، زهرة ، كتاب، محادثه مع صديق، ضحكة طفل صغير .. فنجان قهوة ، صباح الخير لمن يُحبون العيش بسلام فيجمعهم شغف الحياة دائما وأبدا .....
صباح بشير: قراءة تحليلية لقصة “زغرودة ودماء” / صباح بشير
عن دار إلياحور للنشر والتوزيع – القدس ، صدر حديثا قصّة للأطفال بعنوان “زغرودة ودماء” للأديب المقدسيّ جميل السلحوت ، والذي تطرق فيها لظاهرة سلبية خطيرة تنتشر في مجتمعنا الفلسطيني، ألا وهي ظاهرة استخدام المفرقعات والألعاب النارية التي تُطلق وتتفاقم بصورة مقلقة في جميع المناسبات السعيدة وتتسبب عادة في الكثير من الحوادث والخسائر المؤلمة.
تعتبر القصص من الوسائل التربوية الهامة لترسيخ الكثير من الأفكارٍ في عقول الأطفال، من هنا قدّم الكاتب حبكه متسلسلة شيقة، عمد فيها على إثراء لغة الطفل بالجديد من المفردات والعبارات، مبتعدا عن القصص الخرافية، تلك البعيدة عن الواقع، ملامسا بذلك اهتمامات الطفل بصورة تشجعه على السؤال والبحث والاستنتاج، كما تثير شغفه وتكسبه الكثير من المعلومات.
العنوان “زغرودة ودماء” : في هذه القصة كان العنوان ركناً أساسياً فقد شكّل صورة أولية للأحداث حتى خاتمة العمل وكشف عن سر الترابط فيما بينهما، فكان العتبة الأولى للقصة، حَمل الفكرة وعبر عن النص وكان هو المفتاح فساعد الى الوصول لبقية المعطيات .
الحكاية والأحداث : تطلب الأم من الطفل “رائد” احضار صندوق المفرقعات وذلك لإطلاقها احتفالا وابتهاجا بنجاح الأبن الأكبر “زيد” بعد ذلك يتعرض رائد للإصابة في يده ويفقد ثلاثة أصابع، يتم نقله الى المستشفى لمتابعة العلاج، تستمر الاحداث، يحزن الأهل ويسأل رائد والدته عن فقدان أصابعه قائلا: هل ستنبت لي أصابع جديدة بدل تلك التي طيّرَتها المفرقعات؟!!
الجانب الاجتماعي: تثير أحداث القصة تفكير الطفل وتلفت انتباهه لضرر تلك المفرقعات النارية، وتساعد على غرس المبادئ السليمة في نفسه، كما تعالج بعض المفاهيم وتحفزه على التفكير وَتَفَحُص صحة العادات والسلوكيات والتصرفات من حوله، مما ينمي الاتجاهات الإيجابية للطفل نحو مجتمعه ويشعره بالانتماء، ويكسبه مهارات اجتماعية في الاتصال والتواصل مع الأحداث من حوله. هنا يتحقق ما رمى اليه الكاتب من تطوير لشخصية هذا الصغير ومستوى وعيه وإدراكه.
الجانب العاطفي: احتوت القصة على استثارة ما لتلك النزعة الانسانية الكريمة في نفس الطفل، فَتَتابُع الفكرة الرئيسية دون وجود أحداث جانبية مشوشة عليها، يساعد على النمو الانفعالي للقارئ الصغير ويبث العواطف النبيلة ويدفع بالطفل إلى حب الخير وانتهاج التصرف الصحيح، كذلك ويثير لديه حس المشاركة الوجدانية والقدرة على تفهم مواقف الآخرين ومشاعرهم وأحاسيسهم، ويطور شعوره بالتعاطف من خلال استخدام خياله لتصوير مختلف الشخصيات التي برزت في القصة فتنمو لديه القدرة على الربط والاستنتاج.
الجانب الفني: وعن رسومات القصة فهي جميله ومعبِّرةٌ، حيث تجسد أحداثَ ومشاهد القصَّة وتعبر عن شخصياتها المختلفة بألوان مبهجة جذابة، مما يساعد على فهم النص كما ويضيف إليه حوارا محببا مميزا، ويبدو ذلك بوضوح بين الألوان وتوافقها وبين الفكرة وسطورها.
المكان: تدور أحداث القصة في مدينة القدس ويظهر ذلك بوضوح عند نقل الطفل رائد الى مستشفى المقاصد لتلقّي العلاج.
الفئة العمرية: لجميع أجيال الطفولة واليافعين.
مساحة للنقاش: لقد طرح الكاتب من خلال هذه القصة قضية حوادث الإهمال والاستهتار والتقصير في حماية الاطفال، وكأنه يناشد الأسرة أن تستعيد دورها الحقيقي في التنشئة الاجتماعية السليمة وحماية اطفالها من الحوادث، فإهمال الآباء والأمهات في رعاية أطفالهم دائما ما ينتهى بمأساة أو كارثة حقيقية! فالأطفال هم الأمل المنشود لمستقبل الغد، وإهمال رعايتهم قد يعرضهم للخطر أو ينهى حياتهم! أطفالنا يستحقون رعايتنا، لنجهز لهم المستقبل ولنصنع لهم الفرح.
كلمة أخيرة: هذه القصَّة ُ ناجحة جدا وتحتوي على كلُّ المعطيات التي تمنحها التميّز، لذا تستحقُّ أن تعتمدها المناهج الدراسية وأن تُوضَعَ في كتب الاطفال، فأطفالنا اليوم بحاجةٍ ماسة إلى مثل هذه القصص التربوية الهادفة….
الجمعة، 27 نوفمبر 2020
آفة ...
من أسوأ الآفات التي يمكن أن تصيب الانسان هي رؤية الظلم والتعود عليه وتقبله لاحقا ! من هنا لا يمكن مقاومة الشر بالشر ، انما برفض التعود عليه أولا أياً كان نوعه وسببه ومصدره ، حتى وإن كانت النفس ! إن تنمية القدرة على الحياة هي المهمة الأكثر نبلاً لأولئك الذين ينهزمون ثم يعيدون الكَرّةَ مجددا دون أن تنكسر عزائمهم .. فسلام على كل من يحمل النور في أعماقه أينما حلّ ...
أعشق البساطة
أعشق البساطة ، أبتسم لكلمة، وأفرح بزهرة ، أحلق مع ألوان الطيف الساحرة عند رؤيتها فألتف على بعضي وأشدو بفرحٍ وكأنني طفلتي ، أغني بسلام وحنان وكأنني أمي ، فأغدو قوية كشجرة تخضَّر وتزهر رغم تعاقب الفصول من حولها ، وكزهرة التوليب تحتضن نفسها وكأنها الوحيدة المتبقية لديها ، استشعر الجمال بكل شئ بسيط ، من خريف نفسي لربيع أخضر ، فأصنع لحظاتي السعيدة تلك التي لا تأتِ إليّ بل تأتي مني ....
الأحد، 1 نوفمبر 2020
وَمْضة
لا أدرك حتى الآن كيف نقتنع بأن الله عز وجل سيدخل أحدهم الجنة لأنه قتل إنساناً آخر ! فهل يُعتبر سفك الدماء أحد شروط دخول الجنة ؟! ما أشد جهل الإنسان الذي يؤمن بهذه الأفكار ويتبناها في تقييمه للآخرين ونظرته إليهم ! من العار أن يفتخر الإنسان بسفك الدماء حتى يدخل الجنة ! إن ما يستحق ان نفتخر به حقا هو رصيدنا الإنساني من الحكمة وضبط النفس.
الأحد، 12 أبريل 2020
الأربعاء، 8 أبريل 2020
الثلاثاء، 7 أبريل 2020
الأحد، 5 أبريل 2020
"طفل حزين يصلي"
الجمعة، 3 أبريل 2020
صباح بشير : قراءَة في لوحة “رحلة إلى الشاطئ”
إنه الرسم، هذا الفن المرئي والأسلوب المختلف في توثيق الذكريات والمشاهد، الذي يهدف إلى الارتقاء بالذائقة الجمالية وخلق عالم أكثر إنسانيةً وسموا، أكثر تحضرا ورُقِيا. يقول الموسيقار السويسري “إرنست لافي”: ستبدأ الإنسانية بالتحضر عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الكيمياء أو الفيزياء أو المال .
عَشِقَ الفنانون من شتى مدارس الفن منظر البحر فأبدعوا رسمه، أدهشهم هذا العالم الأزرق الزاخر بالأسرار، وذلك الغموض الذي يلف الأعماق، فأنتجوا أعمالا فنيةً عديدة، بالكثير من الأساليب والطرق والتقنيات. الفنان الروسي ألكسندر أفرين (Alexander Averin) والذي ينتمي إلى المدرسة الواقعية، كان له العديد من الأعمال التي تميزت ألوانها بالشفافية والتي عبرت عن شغفه وولعه بالبحر، حيث تتمحور مواضيعه حول المناظر البحرية وسواحل الأنهار الظليلة والمشاهد الطبيعية، مما أفعم لوحاته بالدفء والصدق والمشاعر الودية، ومن أهم أعماله لوحة “رحلة إلى الشاطئ” التي تنطق بجمال البحر ، حيث المياه صافية شفافة والبحر خالٍ من الموج والصخب، وبالتمعن فيها نشعر بأنفاس البحر الهادئة الوديعة تحيط بتلك التلال والصخور، ومن بعيد نلمح سفينة صغيرة تنشر أشرعتها كحمامة بيضاء، ترحل بسلام لتنحدر نحو الضفاف.
هدوء يلف المكان حيث تجلس فتاتان جميلتان في أكثرِ الأماكنِ قربا للنفس، تفترشان قطعة من القماش الأبيض على الحصى المنثور كبساطٍ ملون، بِسُكُونٍ بالغ تجلس أحداهما مولية ظهرها لصديقتها، وكأن الطمأنينة قد سكنت وجهها الجميل وأقامت به فوهبته أناةً ، راحةً وثباتا. تلبس الفتاة قميصا أزرق يدل على الثقة وعمق التفكير وصفاء الذهن، وتمسك بكتابٍ تُمعن النظر فيه وتنشغل بقراءته، وما أن تلامس الحروف قلبها حتى تسافر الى عالم من الحقائق والحب والتاريخ ، فبين دفتيه تولدُ الروايات، وبين حواشيه تُكتب الذكريات، وكلما انطوت صفحة وفُتِحت أخرى، نَمَت تلك الفتاة لتصير زهرة، لا بل شجرة.
أما الفتاة الثانية فتجلس قبالة البحر تميل بظهرها الى الخلفِ متكئة على يديها، لم يكشف الفنان عن تفاصيل وجهها وتعابيره فقد تركها مبهمة مجهولة، مما يشير الى التمويه والغموض بكل ما يتعلق فيها، إذ لا يمكن التكهن بلغة الجسد، فقد تكون الفتاة محدقة سارحة تتأمل البحر وجماله، أو تأخذها الرهبة أمام امتداده المدهش، وقد تكون مبتسمة أو عابسة، أو أنها تعيش ازدحاما في الأعماق فتحلم مستيقظة عبر الأفق، ومن الملاحظ أننا نشاهد اللون الأصفر في زِيّ الفتاة، حيث تردد صداه من حولها مما بث الطاقّة والحيوية في اللوحة وأضاف لمسة من التوهج، هذا اللون يدل أيضا على الجوانب المتناقضة المتضادة للأشياء، كالفرح والحزن، النشاط والكسل، الإيجابية والسلبية، إلخ .. إن هذه الدلالة تؤكد اعتماد الفنان أسلوبا ما ورائيا، متجاوزا بذلك البعد الواقعي الى بُعدٍ أكثر عمقا، وأن فكرة البعد الميتافيزيقي حاضرة في اللوحة فقد تناولها “أفرين” من خلال الجوانب الروحية في الكثير من أعماله.
يبدو أن الفنان قد حاول إخراج المرأة من صورتها التقليدية المعروفة، لذا كرس فكرة القراءة وأهميتها من خلال هذا العمل، وذلك بأسلوبه الخاص وطريقته الابداعية، فلطالما حمل الفن رسالة قوية مؤثرة، وكان له دورا عظيما في بناء الحضارات وازدهارها…
الأحد، 29 مارس 2020
" طبيبة في العمل مع القناع تحتضن إيطاليا "
" طبيبة في العمل مع القناع تحتضن إيطاليا "
قام المصمم الإيطالي "فرانكو ريفولي" بتحريك مشاعر الشعب الإيطالي بهذا العمل والذي عبر من خلاله عن حبه وتقديره للأطباء والممرضات في بلاده وذلك لعملهم الشاق خلال هذه الفترة الطارئة بسبب انتشار فيروس كورونا، نجحت هذه الصورة في غرس الأمل بالانتصار على الوباء والخروج من الأزمة .
السبت، 28 مارس 2020
صباح بشير: ما بعد كورونا وصمت المدن
تواجه البشرية أزمة حادة بسبب انتشار فيروس كورونا (Covid-19) ، بعد إلقاء نظرة على كيفية تأثير الوباء العالمي على مختلف جوانب الحياة تُكشَف الطبيعة الفريدة لهذه الأزمة، فها نحن نلمس تغيرا جذريا يطرأ على حياتنا اليومية متسللا إلى كل جوانبها، عزلة وحجر صحي وتباعد اجتماعي ، شوارع فارغة ومدن صامتة تكاد تخلو من البشر !
إن جائحة كورونا لا يمكن تخيل عواقبها فكما أدى هذا المرض إلى تعطيل الحياة والأسواق والأعمال والحركة، وكشف كفاءة الحكومات أو عجزها، فإنه بالتأكيد سيؤدي لاحقا بعد انتهاء الحدث إلى تحولات كبيرة في القوى السياسية والاقتصادية العالمية.
على مدى السنوات الماضية قوض السياسيون غير المسؤولين عمدا الثقة في العلوم والسلطات العامة والتعاون الدولي، ونتيجة لذلك نواجه اليوم هذه الأزمة التي نفتقر فيها إلى قادة حقيقين يمكنهم أن يلهموا وينظموا ويمولوا استجابة عالمية منسقة للقضاء على الوباء، ويوما بعد يوم تنعدم الثقة بهزيمة الوباء، لقد اصبحنا بحاجة إلى الثقة في الإعلام وما يقدمه من اخبار، وبحاجة الى الثقة في الخبراء العلميين، وبحاجة أيضا إلى الثقة بالسلطات العامة، كما تحتاج البلدان إلى الثقة في بعضها البعض، فدون الثقة والتضامن العالمي، لن نتمكن من وقف انتشار الوباء وهزيمته.
إن العزل وحجر الناس لفترات طويلة ليس حلا، إنما هي ضرورة ملحة لكسب الوقت حتى إيجاد الحلول ومنع الناس قدر الإمكان من العدوى ونشر الوباء، لكن وعلى المدى البعيد سيؤدي هذا التوقف عن الحياة إلى انهيار اقتصاد الدول دون تقديم حماية حقيقية ضد المرض ! إن تعاون الدول وتضامنها وتكاتفها هو الترياق الحقيقي للوباء، ففي عام 1967، نهش مرض الجدري خمسة عشر مليون شخص وقتل منهم مليونان، ولكن في العقد التالي نجحت حملة عالمية للتلقيح ضد الجدري، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام 1979 انتصار البشرية بعد تعاونها للقضاء على الجدري تمامًا.
خلال القرن الماضي تم بناء أنظمة للرعاية الصحية الحديثة، فكان الأطباء والعلماء هم الحراس الذين يقومون بدورياتهم وصد المتسللين من الفايروسات والأمراض المختلفة، ومع ذلك كان هناك مئات الملايين من الناس حول العالم يفتقرون إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
يشير التاريخ إلى أن الحماية الحقيقية تأتي من تبادل المعلومات العلمية الموثوقة والتضامن العالمي، فعندما يصيب بلد ما أي وباء يجب أن يكون العالم على استعداد لتبادل المعلومات حول هذا المرض وكيفية معالجته، وهذا ما يتطلب مستوى عالٍ من الثقة والتعاون الدوليين، لذا نتمنى أن تكون هذه الأزمة بمثابة وقفة للمراجعة ومحاسبة الاخطاء وأن يصحو ذلك الضمير العالمي المغيب ، كما نأمل أن تساعد الأزمة الحالية في إدراك ما يشكله هذا الانقسام والتفكك العالمي من أخطار، وأن تكون فرصة لاستعادة السلام وإنهاء الحروب حول العالم، فقد أفلس رجال الدين والسياسة عن تقديم الحلول، أولئك الذين لم يحققوا سوى تأجيج العنف والقتل والدمار.
تحتاج البشرية إلى تبني ودعم البحوث العلمية والطبية التي تسهم في صنع الحياة، ولا تحتاج الى مزيد من صنع الأسلحة والمتفجرات والصواريخ وغيرها من أدوات القتل النووية والذرية، كل ذلك وأكثر مما يتطلب مضاعفة الجهود والإعداد والتنسيق والتخطيط ، والقدرة على اتخاذ القرار.
تَلتقط البشرية الآن وعيًا جديدًا بعد حالة تأمل في واقع يستبد به اليأس ويُفتقد فيه الأمل، سيبدأ العالم بإدراك أهمية المشاركة والصداقة والتعاطف والرحمة والعدالة، علينا أن نؤمن بوجود الضوء في نهاية النفق، وأن المستقبل سيغدو أفضل مما نظن، لن تتمكن الجغرافيا من فصل الإنسان عن إنسانيته، وها هم الاطباء قد جسدوا نموذجا يدفع بنا إلى التفاؤل بواقعنا الانساني القادم، فقد كانوا خط الدفاع الأول بوقفتهم البطولية وقيامهم بواجبهم الانساني النبيل، وبأيديهم البيضاء زرعوا الأمل فقهروا الألم، كما سطروا صفحات من البطولة في تاريخ التضامن، فإلى الأمام يا جنود السلام ويا أبطال الصحة والحياة ..
صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد
ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاح...
-
كم أعشق ورود وأزهار حديقتنا ، تلك التي تعيد إلي الحياة كلما أبصرتها فأراها تعيش صامدة ، حيث تمضي الرياح دون أن تهزها .. متجددة نضرة مت...
-
عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع – القدس- صدرت قبل أيام سلسلة قصصية جديدة للأطفال بقلم الأديب الفلسطيني الكبير محمود شقير، تضم هذه السلسة م...
-
ضوء خافت يُغلف المكان ، جدران معتّقة ، شمعة تتوسط المكان ، وحدة وانفراد بالنفس وطفل يرفع ببصره الى السماء ، يصلي متأملاً بعزلةٍ وص...